ابنتى تقول لي إن كل صديقاتها بالمدرسة يضحكن عليها ويعتبرنها مخطئة لأنها ليس لديها علاقة صداقة مع شاب تتحدث معه وتخرج معه للتنزه، هذا ما قاله لي أحد الآباء أثناء الجلسة الحوارية بميلانو بإيطاليا مع الأسر المسلمة هناك، وهو يطرح هذه القضية للنقاش ويتساءل: كيف نتعامل مع ابنتنا في مثل هذه الحالات، ثم علق أحد الحضور بأن ابنه لديه صديقة يخرج معها ويقول له إن كل أصدقائه لديهم صديقات فهو حر بما يفعل ولا يرى تصرفه هذا خطأ، علما بأن القوانين في بلاد الغرب تحمي الحرية الشخصية للإنسان. قلت لهم: قبل أن أقول رأيي في هذه المسألة لا بد أن نتفق أولا بأن مثل هذه المشاكل لا ينبغي أن نعالجها بالضرب أو الحبس أو باستخدام العنف، كما أن علاج مثل هذه النوعية من المشاكل تحتاج لوقت فلا نستطيع علاجها في جلسة أو ساعة وخاصة إذا دخل الحب والعشق فيها فإن عمر المشكلة يطول أكثر، كما أنه ينبغي أن نتذكر ونحن نعالج المشكلة هذه أن من نتعامل معه هو ابننا وليس شخصا غريبا فلا بد أن نتعامل معه بطريقة تضمن لنا استمرارية العلاقة معه حتى لو كان مخطئا. بعد هذه المقدمة أقول إن لهذه المشكلة طريقتين في العلاج، الأولى وقائية والثانية علاجية، فأما الأولى فهي من خلال التربية المبكرة للطفل على تعريفه وتعليمه بالفروقات بين المسلم وغيره في الأخلاق والقيم والمعتقد والشكل، ونبدأ بهذه التربية الوقائية من أول يوم يأتي فيه الطفل حتى ينشأ على معرفة الاختلاف بين معتقده والآخرين سواء كان في ديار الغرب أم في البلاد العربية، وأما الطريقة الثانية وهو الحل العلاجي فيكون من خلال الحوار مع الأبناء، فنوضح لهم لماذا الإسلام لا يشجع على الصداقة بين الجنسين خارج إطار الزواج في سن المراهقة، ونعلمهم ما هي حدود العلاقة بين الجنسين لو كانوا في مدرسة مختلطة أو أثناء اجتماع عائلي، هذا النوع من العلاج لو كانت العلاقة سطحية وعادية، أما لو أخبرنا الابن بأن العلاقة تطورت حتى وصلت لدرجة الحب أو العشق، ففي هذه الحالة لا بد أن نستوعبه بهدوء مع استمرار الحوار معه، فلو اعترض على ما نتحدث به ففي هذه الحالة نستخدم أسلوبا آخر لعلاج المشكلة وهو طرح ورقة الزواج، فنقول له إننا نحبه ونثق بما يختاره ويحبه، وبعدها نطلب منه التعرف على أهل الفتاة حتى نطمئن بأن اختياره صحيح لأنها ستكون زوجته وأم أولاده في المستقبل. قد يستغرب الابن من ردة فعلنا هذه ولكن هذا المقترح يعطيه الأمان حتى لا يخفى علينا معلومة ونكون أصدقاء له بدلا من أن نكون أعداء فيحاربنا ويفعل ما يريد، ثم ننتقل معه للمرحلة الثانية من العلاج بعدما فتح لنا قلبه بالتعرف على الفتاة ونوضح له من خلال جمع المعلومات عنها أو عن أهلها أنها لا تصلح له، ونقدم له أسبابا مقنعة لعدم التوافق بينهما وهذه المرحلة تحتاج لوقت طويل، ولا بد أن نكون صادقين معه فلو كانت الفتاة جيدة ومن عائلة كريمة فنشجع قراره ونستعجل في زواجه. بعد ما عرضت هذه الحلول لهذه المشكلة علق بعض الحضور بأن هذا يأخذ وقتا طويلا، فقلت لهم نعم هذا صحيح وقد جربت أنا شخصيا هذه الطرق مع أكثر من حالة عندي ونجحت، ورأيت من جرب الضرب والحبس والمنع ولم ينجح، فليس الخطأ أن يكون الطريق طويلا طالما أنه آمن ويوصلنا في الوقت الصحيح، وهذا الأسلوب ينطبق على الشاب أو الفتاة، فقال أحدهم: ولكن من الصعب أن أرى ابنتى أو ابني على علاقة عاطفية وأضبط أعصابي، فقلت له: طيب إذن ماذا تقترح لعلاج المشكلة؟ فسكت، فابتسمت وقلت له: ليس لديك حل آخر إلا العنف، وهذا الحل قد يفيدك في العلاج السريع ولكنك لم تعالج المشكلة أساسا، فقال: لو جمعت بين طريقتي العنيفة وطريقتك؟ قلت: جرب وأخبرنا بالنتائج.