تكللت الجهود التي بذلتها الإدارات الحكومية على مدى شهر كامل لخدمة المعتمرين وضيوف الرحمن في مكة المكرمة والمدينة المنورة بنجاح، إذ لم تسجل أية إصابات في موسم العمرة هذا العام، في الوقت الذي تشهد فيه المملكة مشاريع التوسعة الحديثة للحرمين الشريفين التي تنفذها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز. وعلى رغم توجس الكثيرين من أن العمرة خلال هذا الشهر قد تشهد ذكرى سيئة للتدافع البشري نظير المشاريع العملاقة إلا أن هذا الموسم مرّ برداً وسلاماً من دون تسجيل إصابة، إذ بدأت الإدارات الحكومية باكراً بوضع التدابير المناسبة لتسيير المعتمرين في الوقت المناسب، ابتداءً من فتح أبواب المسجد الحرام وإغلاقها حال الاكتمال، لعدم التضييق على الطائفين ووصولاً إلى تنفيذ أمر خادم الحرمين الشريفين بافتتاح الدور العلوي الموقت للمطاف الذي يشهد التوسعة، إذ تم تخفيف الضغط البشري على المطاف وأصبحت داعماً لراحة المعتمرين الذين قدموا من بقاع العالم كلها طمعاً في المغفرة وأجر الشهر الكريم. وكان الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس افتتح مطلع شهر رمضان جسر المطاف الموقت لذوي الاحتياجات الخاصة، إنفاذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وقال: «إن ذلك يأتي انطلاقاً من عناية ورعاية الملك عبدالله بالحرمين الشريفين وشؤونهما، وإن هذا الجسر تم فيه مراعاة جميع وسائل الأمن والسلامة وانسيابية وتنظيم حركة الدخول والخروج عليه». وذكر أن المطاف مخصص لذوي الاحتياجات الخاصة، على شكل حلقة دائرية محاذية للرواق القديم ومشرف على الكعبة بعرض 12 متراً وارتفاع 13 متراً وذلك لفصل الحركة بين عربات ذوي الاحتياجات الخاصة والطائفين في منطقة الصحن طوال مدة تنفيذ المشروع. ومرّ المسجد الحرام على مدى العصور بمشاريع توسعة عدة من أجل مضاعفة طاقته الاستيعابية للمصلين مع ازدياد أعدادهم، ويبقى صحن المطاف كما هو في كل عام بطاقته المحدودة على الاستيعاب. ومن هذا المنطلق جاء مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لرفع الطاقة الاستيعابية لصحن المطاف، ليضاعف من الطاقة الاستيعابية الحالية التي تبلغ 48 ألف طائف في الساعة لتصل إلى 105 آلاف طائف في الساعة بتصور يعكس التطلعات والنظرة المستقبلية لحكومة خادم الحرمين الشريفين، خدمة للإسلام و للأجيال المقبلة من المسلمين». ويقوم المشروع على إعادة ترتيب الحرم القديم والتوسعة السعودية الأولى ليتماشى مع توزيع الأعمدة المقترح لتوسعة المطاف، وذلك بخفض عدد أعمدة الدور الأرضي والبدروم بنسبة 30 في المئة، وخفض عدد أعمدة الدور الأول بنسبة 75 في المئة، ليكون إجمالي خفض عدد أعمدة الحرم بنسبة 44 في المئة، ما يمنح الطائفين شعوراً واضحاً بالسعة والراحة أثناء تأدية الطواف، ويتضمن المشروع إعادة إنشاء الحرم القديم والتوسعة السعودية الأولى وتوسعة المنطقة المحاذية للمسعى لتصبح بعرض 50 متراً بدلاً من 20 متراً بدور السطح، وبذلك يتم حل مشكلة الاختناق التي كان يواجهها الطائفون في تلك المنطقة. كما يتضمن المشروع إعادة تأهيل المنطقة بين الحرم الحالي والتوسعة السعودية الثالثة مع إنشاء جسور للربط بينهما في مناسيب الدور الأول والسطح، وروعي في التصميم الاختلاف الحالي في مناسيب الحرم وصحن المطاف، وذلك بخفض منسوب الحرم القديم ليصبح بمنسوب صحن المطاف، وتحقيق الارتباط المباشر لبدروم التوسعة الثانية، وكذلك المسعى ليصبح بكامل عرض المبنى الجديد ما يحقق الارتباط والاتصال البصري بالكعبة المشرفة. وكان الوضع الصحي للمعتمرين وزوار المسجد النبوي مطمئناً هو الآخر، إذ استنفرت القطاعات الصحية كافة منذ بدء الشهر حتى يوم أمس، تحسباً منها لانتشار فايروس «كورونا» الذي قضى على 39 شخصاً في السعودية حتى الآن، وعلى رغم ذلك إلا أن وزارة الصحة تؤكد سلامة المعتمرين من الفايروس وعدم تسجيل أية إصابة في صفوفهم.