من الأخبار التي يفخر بها البعض، مع أنها قد تكون مجرد أقاويل ولا تدخل العقل إطلاقًا مهما حاولنا عسفها، أن الإمام (الشافعي) كان يختم القرآن في رمضان (ستين) مرة يعني في اليوم الواحد مرتين. فهل المطلوب قراءة القرآن (بالتدبر) أي بالروية والتمعن والاستلهام أم قراءته بالسرعة الصاروخية؟! ً من وجهة نظري، خير للإنسان أن يختم القرآن مرة واحدة كل ستين يوم ّ ا، من أن يقرأه في شهر واحد ستين مرة. ً وقيل أيضا إن الإمام (أحمد) كان يصلي في اليوم الواحد (ثلاثمائة) ركعة تصوروا هذا، واحسبوها معي، فإذا كان اليوم الواحد هو في حدود (1440 (دقيقة بالضبط، وإذا كانت كل ركعة تستغرق ثلاث دقائق فقط، فمعنى هذا أنه كان يصلي في اليوم لمدة (900 (دقيقة، وإذا خصمنا (ثماني ساعات) وهي فترة النوم فلن يتبقى له سوى (960 (دقيقة، فماذا يعني ذلك؟! معناه أنه إذا كان الحال كذلك، فلن يتبقى له من يومه سوى ساعة واحدة فقط، وعليه أن يوزعها بين أكله، وقضاء حاجته، وتربية أبنائه، وتدريس طلابه، ومجالسة أصحابه، وقراءة كتبه، ومعاشرة أهله. وعلى هذا الأساس، لن يحظى من كل نشاط ذكرته إلا بـ(5.8 (دقيقة فقط لا غير، فهل هي كفاية يا ترى لتمكينه من النجاح في حياته المعيشية والطبيعية والتربوية والترفيهية والأسرية؟! أنا أشك في ذلك. ومما يقال إن (خالد بن مروان) كان يسبّح في اليوم الواحد (مائة ألف) تسبيحة. وفي ظني أن هذه السرعة الخارقة شبه مستحيلة، وأرجوكم لا تتعجلوا إدانتي، وسوف (أمنطق) لكم وجهة نظري إن جاز التعبير.. وإليكم منطقي: إذا افترضنا جدلاً وحقيقة أن خالد يسبّح بهذا العدد المهول، وأن كل تسبيحة منه تستغرق (ثانية واحدة) فقط، فكيف نوفق بين (المائة ألف) تسبيحة، إذا كان اليوم كله خلال الـ24 ساعة لا يزيد عن (400.86 (ثانية، فأين ذهبت الـ(600.13 (ثانية يا ترى؟! وإليكم داهية الدواهي: يقال إن (البخاري) نقح صحيحه (ست عشرة) سنة، وكان يغتسل عند كل حديث، ويصلي ركعتين، ومما ورد في الكتب، ومما يتناقله ويتداوله الناس وأصبح كالحقيقة المسلّمة، أن البخاري جمع في حياته ما لا يقل عن (ستمائة ألف) حديث، نقحها واستقر في النهاية على (أربعة آلاف) حديث، لهذا سمى كتابه بـ(الصحيح).. فهل يعقل أنه ما بين كل تنقيح حديث وحديث من الستمائة ألف، يتوقف ويصلي ركعتين؟! إذن ماذا تبقى له من حياته؟! هنا لا بد أن أشير إلى أنني أحب وأقدر وأحترم كل هؤلاء الأعلام الذين ذكرتهم، غير أنني فقط أكره المبالغات أكثر من دم ضروسي. نقلا عن الشرق الاوسط