نشرت صحيفة المدينة -قبل أيام-، أنّ: «عددًا من الشباب المغرّر بهم من الذين سافروا إلى مناطق الصراع، وعادوا، بدأوا في اتخاذ إجراءات قانونية؛ للمطالبة بمحاكمة الدعاة الذين غرّروا بهم، وحرّضوهم على السفر لتلك الدول، تحت ذريعة الجهاد المشروع»؛ فاستعطفتهم تلك الشعارات، وحركت عواطفهم عن طريق بعض المقاطع، والدعوات الجهادية، باعتبار أن التحريض كان سببا رئيسا في تصدير المغرر بهم إلى مناطق الفتن، وبعد أن ثبت أن تأثر هؤلاء صادفته ميول عاطفية، -خصوصا- ممن تأثروا بفكر التحريض الخفي، وأصبحوا مفخخين بالأفكار السوداء. إن فوضى الفتاوى، والأفكار، والتطبيقات البعيدة عن الجوانب الشرعية التي لا تقترب من ضوابط، وشروط الجهاد الحقيقية، جعلت من الدين عباءة؛ لاستنفار تلك العقول، والقلوب الغضة؛ ولتنساق وراء تلك الدعوات الخاطئة، حيث ذهبوا ضحية لها، أو كادوا. وهنا تضيع معالم الطريق، وتبرز منابر غير مسؤولة يصعب تحاكمها، ومحاكمتها؛ لأن فكرة التغرير بالشباب تحت منظومة الجهاد، كان نتيجة تغذيتهم بفكر الإسلام السياسي القادم من الخارج، بعد أن تم تصديره من دول ذات منهجيات حزبية كبرى، والتي تعتبر بمعظمها وليدة ثقافة عنفية جديدة دخيلة، فكانت عاملا مهما في مرحلة تشكيل هويتهم الشخصية، وأمكن التأثير عليهم بشدة في تبني الفكر السياسي. الإطار القانوني لهذه القضية، يقتضي تغليظ العقوبة على من غرر بشباب الوطن للذهاب إلى مناطق الصراع، والاقتتال، وهو ما تقتضيه أدوات السياسة الشرعية الممنوحة للحاكم. كما أن بإمكان المغرر بهم مقاضاة من غرر بهم من السعوديين بالحق الخاص؛ نتيجة الضرر الذي وقع عليهم، بحسب نص المادة «17» من نظام الإجراءات الجزائية، والتي تؤكد على: «أن للمجني عليه، أو من ينوب عنه، ولوارثيه من بعده حق رفع الدعوى الجزائية في جميع القضايا التي يتعلق بها حق خاص، ومباشرة هذه الدعوى أمام المحكمة المختصة، وعلى المحكمة في هذه الحالة تبليغ المدعي العام بالحضور». أما غير السعوديين، فيمكن ملاحقتهم وفق التعاون الأمني بين الدول، وحسب نص الاتفاقيات الثنائية، أوالجماعية في هذا الشأن، ويمكن التحقيق معهم ببلادهم، ومحاكمتهم، أو إحضارهم وفق الأنظمة، والاتفاقيات. عملاً بنصوص الشريعة الإسلامية، ومقتضيات حفظ سلطانها، وتحريم الخروج على ولي الأمر، فقد حذرت هيئة كبار العلماء في بيان أصدرته الهيئة في ختام دورتها الثمانين، والتي عقدت بمدينة الرياض، بدءاً من 19-11-1435 هـ، وفيه، التحذير من المحرضين على الخروج إلى مواطن الصراع، والفتنة، وأنهم دعاة ضلالة، وفرقة، ويجب على الدولة أن تتعقبهم.. ومن صدر منه مثل هذه الفتاوى، أو الآراء التي تسوغ الإرهاب بأي وسيلة كانت، فإن على ولي الأمر إحالته إلى القضاء؛ ليُجرى نحوه ما يقتضيه الشرع نصحاً للأمة، وإبراءً للذمة، وحماية للدين.. ويعظم خطر تلك الفتاوى، إذا كان المقصود بها زعزعة الأمن، وزرع الفتن، والقلاقل؛ لأن ذلك استهداف للأغرار من الشباب، ومن لا علم عنده بحقيقة هذه الفتاوى، والتدليس عليهم بحججها الواهية، والتمويه على عقولهم بمقاصدها الباطلة، وكل هذا شنيع، وعظيم في دين الإسلام، ولا يرتضيه أحد من المسلمين ممن عرف حدود الشريعة، وعقل أهدافها السامية، ومقاصدها الكريمة، وعمل هؤلاء المتقولين على العلم من أعظم أسباب تفريق الأمة، ونشر العداوات بينها.