أعلنت ثلاث شركات مغربية خاصة في قطاع التطوير العقاري إطلاق مشاريع سكنية في ساحل العاج ومالي، تضم عشرات آلاف الشقق والمنازل الاقتصادية في دول أفريقيا جنوب الصحراء، ضمن خطة للتوسع الاقتصادي ومساعدة دول أفريقيا الغربية على تحقيق التنمية الشاملة. ويواصل الملك المغربي محمد السادس جولته الأفريقية جنوب الصحراء، التي بدأها قبل أكثر من أسبوعين يرافقه عشرات رجال الأعمال ورؤساء المصارف التجارية والمؤسسات العمومية وبعض الوزراء والمستشارين. وأكدت شركة «الضحى» عزمها بناء نحو ثمانية آلاف شقة في ساحل العاج للفئات المتوسطة، وشرعت في بناء وحدة لإنتاج الإسمنت سيُستخدم في فروعها في دول أفريقيا الغربية. ورصدت شركة «اليانس العقارية» 1.9 بليون درهم (974.6 مليون دولار) للاستثمار في بناء وحدات سكنية ومرافق إدارية ومركبات تجارية ومدارس تعليمية في ساحل العاج. ومن جهتها أعلنت شركة «بالموري ديفولبمنت» (النخيل للتنمية) خطة لبناء عشرة آلاف شقة اقتصادية ومركب سياحي في العاصمة أبيدجان، بهدف تطوير السياحة في هذا البلد الأفريقي الذي يسجل نمواً نسبته تسعة في المئة، بعد تجاوز الصراعات والنزاعات المسلحة. وقدرت مصادر اقتصادية قيمة المشاريع المغربية المرتقب تنفيذها في دول أفريقيا جنوب الصحراء والساحل بنحو أربعة بلايين دولار خلال السنوات المقبلة في مجالات عدة، خصوصاً البنية التحتية والعقارات والمصارف والاتصالات والطاقة والمعادن والصناعة والزراعة والصيد البحري. ووقع المغرب مع هذه الدول 43 اتفاق شراكة واستثمار ومبادلات تجارية، وكان استثمر بليوني دولار في السنوات الأربع الماضية، ما يجعله ثاني مستثمر قاري بعد جنوب أفريقيا. وأكدت مصادر أن المصارف المغرية رصدت مئات ملايين الدولارات لدعم اقتصادات أفريقيا جنوب الصحراء، بالشراكة مع مؤسسات مالية دولية منها «المؤسسة الدولية للاستثمار» التابعة لصندوق النقد الدولي في واشنطن، التي تدعم التوسع الاقتصادي المغربي في أفريقيا واستخدام الروابط الثقافية والروحية لتأمين استقرار المنطقة التي تواجه خطر الإرهاب والتخلف. وأفادت مصادر بأن 21 في المئة من إجمالي السيولة النقدية في ساحل العاج هي تحويلات من المصارف المغربية إلى فروعها في تلك الدولة، حيث تتواجد 650 وكالة مصرفية تتبع لمصارفها الأم في الدار البيضاء. ورصد «البنك الشعبي المغربي» نحو 2.5 بليون لفروعه في ساحل العاج، وخصوصاً «مصرف الأطلسي» في أبيدجان، لتمويل المشاريع السكنية والتجارية والبنية التحتية والإعمار. وسيُموّل مصرف «البنك الشعبي» المغربي بناء 5500 حجرة دراسة لصالح وزارة التربية والتعليم في ساحل العاج، وسيطلق نظام القروض الصغيرة للنسوة الفقيرات لتحسين معيشتهن وتوفير الموارد الضرورية لتطوير مهن مدرة للدخل في إطار برامج التنمية البشرية. وكشفت المصادر أن 53 في المئة من السيولة المصرفية في مالي، و40 في المئة من الحسابات المفتوحة في ساحل العاج، تتبع لفروع مصارف مغربية، في حين قُدر إجمالي القروض التي تمنحها المصارف المغربية لاقتصادات دول جنوب الصحراء بنحو 28 في المئة من إجمالي القروض. إلى ذلك اعتبرت مصادر ديبلوماسية أن الأسباب الحقيقة للخلاف المغربي الفرنسي الأخير، الذي قيل أنه جاء نتيجة تصريحات جارحة بحق المغرب تفوه بها سفير فرنسي، قد تكون اقتصادية واستثمارية. وأشارت إلى أن عودة المغرب بقوة إلى أفريقيا واستثمار بلايين الدولارات أزعج بعض الأوساط الاقتصادية الفرنسية التي تتخوف من فقدان حصتها من مشاريع التنمية الأفريقية، التي تتنافس عليها مع الصين والهند والبرازيل. وتعتقد باريس أن الدور الروحي والثقافي والديني وحضور الملك مراسيم التوقيع على الاتفاقات يعطي للشركات المغربية الأفضلية لدى السكان المحليين، ما قد يجعل من الرباط فاعلاً إقليمياً اقتصادياً وسياسياً، يمتد نفوذه من البحر الأبيض المتوسط إلى البحيرات الكبرى في جنوب القارة، في وقت تراجع فيه الدور الفرنسي وبات الجيل الجديد من الأفارقة ينظر إلى القوى الاستعمارية على أنها السبب في تخلف القارة وليس مصدر حل. وتدعم الولايات المتحدة هذا التوجه ويجري الإعداد لقمة أميركية - أفريقية في واشنطن الصيف المقبل. شركات ومصارف مغربية