عندما نتحدث عن الارهاب وخاصة اليوم وبوجود تنظيم "داعش"، فإننا لا ننكر جهود الدولة في محاربة الارهاب. ولعله يغيب عن ذهن الكثيرين أن هناك مخططات ارهابية عديدة استطاعت وزارة الداخلية كشفها وضبط من يخطط لها قبل حدوثها ولولا ذلك لحدث ما لا تحمد عقباه من دمار وفقدان لأرواح بريئة. السؤال المؤلم والُملح لماذا انخرط أعداد من شبابنا في تنظيم داعش؟ لماذا شاركوا التنظيم في جرائمه وعملياته الإرهابية؟ التفسير الرائج حتى في وسائل الاعلام الغربية هو أن شبابنا يبحث عن أسرع وسيلة للحصول على الحور العي! برأيي أن هذا التفسير ساذج وسطحي جدا! ربما نستطيع أن نعرف السبب الحقيقي من الفئة الضالة نفسها! وبما أنه يتعذر القبض عليهم، فخطاباتهم تعكس لحد كبير نواياهم وتصوراتهم التي دفعتهم لهكذا طريق! خطاباتهم تعكس ما يمكن تسميته "متلازمة العودة في الزمن" حيث زمن الخلفاء وتنصيب الخليفة أبوبكر البغدادي قائدا لدولة الخلافة الاسلامية! قد يقول البعض انه هدف نبيل وسام! ولكن حتى لو كانت أهدافهم كذلك فإن الطرق التي سلوكها مدمرة ومخالفة للإسلام. كما أن الدولة الاسلامية وطريقة تنظيمها تغير بناء على معايير العصر الذي نعيشه اليوم! حقيقة لا يمكن أن نقضي على الارهاب وأن نمنع التحاق أبنائنا بالجماعات الارهابية أيا كان مسماها أو هدفها بالاعتماد الوحيد على جهود الدولة. نحتاج عوامل أخرى تدعم هذه الجهود وتعزز دورها. نحتاج لتوعية مكثفة أكثر يقوم بها مشايخنا ليفسروا مفهوم الجهاد لشبابنا وشروطه وضوابطه وأشدد على كلمة "الضوابط"هذه كثيرا. فلم ُيترك باب الجهاد مفتوحا لكل راغب! بل وضع له الفقهاء ضوابط وحتى أيام الرسول صلى الله عليه وسلم كانت عملية الجهاد منظمة وكان المسلمون يرجعون له في قرار الجهاد. قضية أخرى جوهرية توعية الشباب بخطورة "التكفير" خطورته دينيا فهو نوع من الحكم على الخلق والذي هو في الأصل متروك للخالق فقط! ولذلك صاحبه يأثم دينيا! هذا التكفير يبدأ كفكر ويتجذر ليتحول الى أعمال قتل موجهة! وللأسف أن أغلب ضحايا الارهاب هم من المسلمين! لا يعني ذلك طبعا أن غير المسلم دمه مباح، لكن المثير للألم هنا أن مسلما يقتل مسلما آخر! بالرغم أن أحد أهداف الدين وغاياته حفظ الدماء أيا كانت! ختاما يحتاج المجتمع للتعاون لإنجاح جهود الدولة، البيت والمدرسة والجامع والإعلام وغيرها من مؤسسات التنشئة الاجتماعية لها دور كبير ومأمول في منع شبابنا من القتل وباسم ماذا؟ باسم الدين الاسلامي للأسف!