أبوظبي: آلاء عبدالغني انطلقت، أمس، في العاصمة أبوظبي فعاليات حوار مجلس حكماء المسلمين والطائفة الأسقفية الإنجليكانية بعنوان نحو عالم متفاهم متكامل، بحضور ومشاركة فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين، ورئيس الطائفة الأسقفية الإنجليكانية، القس جستن ويلبي، والدكتورة أمل القبيسي، رئيس المجلس الوطني الاتحادي، والدكتور محمد مطر الكعبي، رئيس الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف، والدكتور علي النعيمي الأمين العام لمجلس حكماء المسلمين، وعدد من الشخصيات الدينية والثقافية من مختلف دول العالم، حيث تستمر أعمال المؤتمر على مدار يومين بفندق الريتز كارلتون أبوظبي. حماية الأقليات وقال القس جستن ويلبي، رئيس الطائفة الأسقفية الإنجليكانية، في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر: يسعدني أن أتواجد بينكم اليوم لتوطيد علاقتنا مع العالم الإسلامي التي بدأت من خلال علاقة الطائفة الأسقفية الإنجليكانية مع الأزهر عام 2001، والتي تواصلت في أوقات عصيبة ونحن نواصل عمل السابقين ونلتزم بما قدموه مثل إعلان مراكش الذي رأى الضوء في يناير/كانون الثاني من عام 2016 الجاري، والخاص بحماية الأقليات ودعمها في ظل روح المحبة والسلام، وهو ما تقوم به دولة الإمارات التي نتواجد اليوم على أرضها، إذ أخذت هذه الدولة العديد من الخطوات المهمة لحماية الأقليات وجعلها تتعايش وتتلاقى على أسس المحبة والاحترام، فضلاً عن أن الحرية الدينية لا يمكن الوصول إليها بسهولة في جميع أنحاء العالم، إلّا أن جميع الطوائف والأديان تحظى بها هنا في الإمارات. وقال فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، رئيس مجلس حكماء المسلمين لعلَّ اجتماعَنا اليوم هو أوَّلُ اجتماعٍ من نوعهِ ينعقدُ في الشرقِ العربيِّ، وتحديدًا في دولةِ الإمارات، تِلكُم الدَّولَة التي صارت بفضلِ قيادتها الرَّشيدة، وحِكمةِ القائمين على أمورِها، نموذجًا يُقتدى به في الانفتاح المتوازن والتطوُّر المحسوب بدقَّةٍ، والجمع بين القديم والجديد، والأصالة والمعاصرة، والتُّراث والحداثة، في انسجامٍ دقيقٍ، وتناغُمٍ يقِلُّ نظيرُه في نماذج الدُّوَل التي تحاولُ أنْ تأخذ طريقها نحو الرُّقي والنُّهوض، وما أظنُّ أنَّ تاريخَنا العربي المُعاصر سبق أن سجَّل لقاءً بين حُكَمَاء المسلمين وحكماء المسيحيين من أتباع الكنيسة الإنجيليَّة، وفي ظِلِّ اجتماعٍ مُحَدَّدِ الأهدافِ والغاياتِ، كاجتماعِ اليوم الذي نعوِّلُ عليه كثيرًا، بعد الله تعالى، في اتخاذِ خُطوةٍ جديدةٍ على طريقِ بناءِ عالَمٍ متكامِلٍ ومتفاهِمٍ، للعملِ من أجلِ تخفيفِ ما يُعانيه الناسُ اليوم من رُعبٍ وألم ودماء وحروب. وختم الإمام الأكبر كلمته قائلاً: ها نحن نجتمع اليوم في مدينة أبوظبي اجتماعَ الحكمة والأخوة والمودَّة، نستلهم العون من الله تعالى، ونتأسى بالأنبياء والمرسلين في اعتمادهم على الله، وتَحَمُّلِهم ما لا تَحْتَمِله الجبال الراسيات من أجل إنقاذ المجتمع الإنساني من الضلال، ووضعه على طريق السعادة في الدنيا والآخرة. وفي الجلسة الأولى التي حملت عنوان التعددية الدينية وحرية الاعتقاد وأدارها الكاتب والمفكر الإسلامي الدكتور رضوان السيد، تحدث كل من فضيلة العلامة الشيخ عبدالله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، عضو مجلس حكماء المسلمين، والقس الدكتور منير أنيس رئيس الكنيسة الإنجليكية المصرية وإفريقيا الشمالية وقرن إفريقيا. وقال: بن بيه إن سلوكنا الفاضل، وتسامحنا، وسخاءنا، وصدقنا، ووفاءنا، وأمانتنا من شأنه أن يقنع الآخر، وهو الإنسان الذي حمل نفس الإعجاب بتلك القيم أن يعاملنا بنفس المعاملة النبيلة، فالخير يدعو للخير، والسخاء يستدعي السخاء، وإن إقناعنا للغير بسلوك سبيل الخير أهم قضية إنسانية، والحوار ينبغي أن يكون أساساً في الانسجام واستيعاب الاختلاف، وتحييد أسباب الصراع، ليتحوّل الاختلاف إلى ثراء وليس إلى عداء. وأضاف: من الحكمة أن نعتبر ما قامت به دولة الإمارات في تحريم وتجريم التمييز والكراهية وازدراء الأديان، يمثل إجراء عقلانياً وحصيفاً وحكيماً، في مصلحة الجميع. وختم قائلاً لعلكم لا تنتظرون مني فتوى أو إعلاناً صحفياً للحكم على معتقدات الناس وضمائرهم بالقيود ووضع الجدران والحدود، لأن ضمائر الناس لا يملكها إلا رب الناس، كما أنكم لا تنتظرون مني أن أعلن براءة لمن يشتم رموز الإنسانية، الذين نؤمن بأن معنى الوجود والعلاقة بين الخالق والمخلوق وصل إلينا عن طريقهم. ديانة الأغلبية من جانبه، قال القس الدكتور منير أنيس إن الغالبية العظمى من المجتمعات تملك تعددية دينية ولها تأثيراتها فقد تؤدي إلى صراعات أو رخاء، واستجابة الحكومات لهذه التعددية الدينية فيما يتجاهلها البعض، وتعاني الأقليات الدينية في ممارسة شعائرهم، وإن ديانة الأغلبية هي دين النظام في بعض الدول وتسن القوانين للأقلية، بينما حكومات أخرى لا تفرق بين أصحاب المعتقدات، وهي دول تشجع العلمانية المتطرفة، والاعتراف بالتعددية والإيمان بها يعزز الحوار والتقدم، ونحن لسنا مسؤولين عن حماية الحق الذي نؤمن به بل هو من يحمي ذلك، وإن عدم الاعتراف المتبادل يؤدي إلى صراع وحروب. وأشار إلى أهمية التأمل فيما يقوله المؤذن الله أكبر فهو الذي وحده يستطيع جذب البشر، مؤكداً أنه هو من يعلم القلوب والخفايا، ويجب على المسلمين والمسيحيين أن يمارسوا العبادة، وهم على يقين بأن الحق هو من يحمي دينه، وأن الاختلاف العقائدي لا يؤثر على العلاقة بين البشر.