×
محافظة المنطقة الشرقية

مشوار صعود الخليج برعاية «هيونداي»

صورة الخبر

في عام 1978 - تقريباً- قرر "خالد المانع" أن يكمل تعليمه الجامعي في اليابان, يقول خالد: "لم أكن أعرف وأنا في سن الثامنة عشرة أن الذهاب إلى بلد غريب وبعيد جغرافياً وثقافياً سيكون له هذا الأثر في مسار حياتي، خاصة أن هذا البلد بالنسبة لنا غامض وبعيد ولا توجد معلومات كافية عنه في ذلك الوقت". عند وصول "خالد" إلى "اليابان" بدا كل شيء غريبا بالنسبة له, اللغة والثقافة وجميع تفاصيل الحياة اليابانية, ورغم أنه أحب كتابة اللغة اليابانية إلا أنه واجه صعوبة في تعلمها وبذل قصارى جهده ليتقنها حتى استطاع بعد إتقانها الالتحاق بجامعة "ميجي" اليابانية، وكان ذلك في عام 1980. لم يكن أول يوم دراسي في الجامعة اعتيادياً، بل واجه حدثاً غير مجرى حياته العملية إلى الأبد. حرص أن يكون عند حسن ظن المدرس المسؤول عن الدرس العملي الأول في المختبر، الذي يعتبر كمطلب أساسي لدراسة الهندسة, لذلك اجتهد ودرب نفسه أكثر على اللغة اليابانية, ممنياً نفسه بيوم يبهر فيه معلمه ويثبت له أنه جدير بدرجة مرتفعة يمنحها له في نهاية الفصل الدرسي, وحضر في ذلك اليوم مبكراً عن زملائه، وانتظرهم أمام طاولة الأجهزة الخاصة في المجموعة. أصابته الدهشة من عدم معرفتهم بالتعامل مع الأجهزة, فوجدها فرصة لاستعراض مهاراته وقدراته أمام الجميع وبالذات الأستاذ المسؤول, وكانت التجربة تحتاج إلى خمس ساعات من العمل المتواصل, وبدأ التجربة وحده مما أثار استغراب وتردد جميع الطلبة، واستطاع أن ينهي التجربة خلال 30 دقيقة فقط, شعر بسعادة كبيرة لإنجازها, وذهب دافعاً صدره أمامه وفخوراً بنفسه إلى أستاذه أمام ذهول الجميع، وأخبره بأنه أنهى التجربة كما هو مطلوب في هذا الدرس. يقول خالد: "عندما أخبرته بأنني أنهيت هذه التجربة بنجاح كما هو مطلوب في الدرس. باشرني بنظرة غريبة ما زلت أعيش لحظتها، ودعاني إلى مكان التجربة. وعند وصوله إلى المختبر نظر إلى الأجهزة وإلى باقي الطلبة في المجموعة، ثم التفت نحوي، وقال بشدة: تعال معي إلى المكتب. لم أكن أعرف ماذا يريد؟ ولماذا لم يكافئني؟ ولماذا تعامل بشدة معي؟ لعله كان أجدر به أن يقول أحسنت! أغلق باب المكتب، وقال: «أنت لا تعرف ماذا تعمل؟ هل كنت تعتقد أنه لا يوجد أحد من المجموعة لا يمكنه أن يعمل مثلك أو أفضل؟ كلهم قادرون. ولكن المراد من هذه التجربة أن تعملوا جميعا لإخراج أفضل النتائج، وليس الهدف أن تعمل كما هو مدون ووحدك. أنت تحتاج إلى تغيير جذري في طريقة تفكيرك، حتى تكون أهلا لهذه الجامعة، ولذلك لن أعطيك متطلبات هذه المادة، وأنت مطرود من هذا الفصل لهذه السنة حتى تتذكرها طيلة حياتك". حاول "خالد" جاهدا أن يغير رأيه، خاصة أن هذه المادة متطلب أساسي. ولكنه رفض رفضا قاطعا، وقال: "سوف تعيدها السنة المقبلة". في البداية، اعتقد أنه تعرض للظلم وتحامل الأستاذ، ولكن مع مرور الوقت فهم مغزى هذه الحادثة؛ وهي أن روح العمل الجماعي أهم أسباب النجاح". هـذه التجربة التي قد سبق أن نشرها عبر صحيفة "الشرق الأوسط" علمت خالد الكثير, وخبأت له الكثير من النجاح في حياته العملية فيما بعد, ومازالت ذاكرته تحمل حتى الآن تجربته مع الأستاذ الياباني الذي كان يراقبه من بعيد بعد أن طرده حتى اقترب منه في يوم تخرجه، وقال له: "لقد كنت أراقب تحصيلك العلمي والثقافي، وأنا فخور بك وبتخرجك". خالد استغل هذه التجربة واستفاد منها على أكمل وجه في حياته العملية التي من وجهة نظري ما عززها في داخله هو دراسته للماجستير في الصين, فكانت سلمه الذي تسلقه للصعود إلى أعلى المراتب الوظيفية، فلم يمكث طويلاً بعد تخرجه في جامعة "ميجي" حيث حصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة, وشهادة الماجستير من جامعة "تايوان" في جمهورية الصين الشعبية في عام 1989 حتى التحق بإدارة خدمات التسويق في "سابك"، وتم ترقيته ليصبح مدير المبيعات الإقليمي للشركة في سنغافوره عام 1993, ثم عُيّن مديراً للمنطقة وممثلا رئيساً لشركة (سابك الشرق الأقصى) في مكتب تايوان عام 1996. كان يتعمد أن يكون عمله وعمل فريقه جماعيا مما أدى إلى تحقيقه انتصارات كبيرة مع كل فريق يكلف بقيادته, حتى تم تكليفه عام 1998 مديراً عاماً لشركة (سابك الشرق الأقصى) في هونج كونج، ثم أصبح مديراً عاماً للمقر الإقليمي لشركة (سابك آسيا باسيفيك) في سنغافوره عام 1999، وتوالت ترقياته حتى أصبح نائب الرئيس التنفيذي للأسمدة في "سابك" في الوقت الحالي. العمل الجماعي هو وقود "الصين" واليابان" نحو الانتصارات في حياتهم العملية، وأثره أصبح مثالاً رائعاً، ولكننا لا نتزود به، وهو "السُلم" الذي نستطيع أن نستخدمه للصعود بوطننا إلى أعلى المراتب، ولكننا لا نجيد استخدامه. وهذا ما نأمله من مبتعثي "الصين" و"اليابان" أن يفعلوه بعد عودتهم. "العمل الجماعي" هو الفنان الوحيد الذي يستطيع أن يجسد استراتيجياتنا كإنجازات خالدة على أرض الوطن.