بيروت: كارولين عاكوم انفجر السجال، أمس، بين حزب الله والرئيس اللبناني ميشال سليمان على خلفية وصف الأخير ثلاثية «الجيش والشعب والمقاومة» في خطاب له بـ«الثلاثية الخشبية»، مما قد يضع لجنة البيان الوزاري أمام مأزق جديد، يمكن أن يحول دون إمكانية التوصل إلى صيغة توافقية. وكانت المباحثات قد اصطدمت أول من أمس (الجمعة)، في جلستها السابعة، بالبند المتعلق بسلاح الحزب على الرغم من تخطيها عقدة «إعلان بعبدا» الذي تطالب به قوى «14 آذار»، وإدراج «مقررات الحوار الوطني»، بينما أشارت بعض المعلومات إلى أن هذا التعثر وتصلب حزب الله في موقفه كان نتيجة كلام سليمان الأخير. الحزب الذي شنّت وسائل الإعلام التابعة له هجوما على الرئيس سليمان، أمس، انتظر أكثر من 24 ساعة ليرد في بيان «قاسي اللهجة» قائلا فيه: «إن الخطاب الذي سمعناه يجعلنا نعتقد أن قصر بعبدا بات يحتاج فيما تبقى من العهد الحالي إلى عناية خاصة، لأن ساكنه أصبح لا يميز بين الذهب والخشب». وبعد دقائق معدودة، جاء الرد على لسان سليمان عبر «تويتر»، قائلا: «القصر الرئاسي بحاجة إلى الاعتراف بالمقررات التي تم الإجماع عليها في أرجائه»، في إشارة إلى «إعلان بعبدا». وفي حين رفضت مصادر الرئاسة اللبنانية الدخول في سجالات مع حزب الله، مكتفية في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بالقول: «لا علاقة لما قاله سليمان بعدم التوافق، والأمور لم تكن بحاجة إلى كلامه لتتعثّر؛ فهي كانت متعثّرة أساسا». وأكّدت في الوقت عينه أن المباحثات بين الأفرقاء اللبنانيين مستمرة في محاولة للتوصل إلى نتيجة إيجابية في جلسة غد الاثنين، من دون أن تستبعد إمكانية التوافق على «بيان عام ومقتضب» لا يدخل في التفاصيل والقضايا الخلافية، إلا إذا كان هناك قرار بالعرقلة، عندها تصبح كل المحاولات دون جدوى. من جهة أخرى، كان الرئيس اللبناني قد عدّ أمس أن «تعرض القرى والبلدات اللبنانية المتاخمة للحدود مع سوريا، وآخرها في بريتال وعرسال للقصف الجوي الصاروخي والأعمال العسكرية من الداخل السوري، يشكل مزيدا من الاستدراج لتوريط الساحة اللبنانية». ودعا الأفرقاء السياسيين إلى «إنجاز البيان الوزاري بسرعة كي تستطيع الحكومة تأمين المساعدات للجيش اللبناني، وتكون تاليا المرجعية السياسية والغطاء اللازم والضروري للبنان واللبنانيين». وجاء كلام سليمان، بعد يوم على تنفيذ الطيران الحربي السوري غارات على بلدة عرسال البقاعية أدّت إلى مقتل سوريين وإصابة خمسة آخرين، في ردّ على إطلاق «الدولة الإسلامية في العراق والشام» صواريخ «غراد» استهدفت بلدة بريتال في بعلبك المؤيدة لحزب الله. وفي حين دعا سليمان الجميع في سوريا إلى «الامتناع عن استهداف الداخل اللبناني تحت أي ذريعة»، وجّه الدعوة كذلك إلى الداخل اللبناني لعدم الانخراط في هذا الصراع على قاعدة «إعلان بعبدا» وتحييد لبنان عن صراعات الآخرين وعدم التدخل في شؤونهم. وعلى خط البيان الوزاري ومواقف اللبنانيين بشأنه، عدّ رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون أن البيان الوزاري ليس حلا للعقد ولا الضامن للحلول، لأن المؤسسات الدستورية مجتمعة تصنع الحلول وتضمنها، عاد وجدد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم تمسك حزب الله ببند «المقاومة» في البيان الوزاري، وعدّ أن «المقاومة عمود من أعمدة البيان الوزاري وهو لا يستقيم من دونها». في المقابل، لفت وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس إلى أن «الرئيس سليمان يبحث مع الوزراء في لجنة صياغة البيان الوزاري عن مخارج»، موضحا أن الثلاثية التي أطلقها أخيرا هي «مقدسة» بحد ذاتها، بينما أصبح «إعلان بعبدا» الذي هو جزء من وثائق الأمم المتحدة، أشبه بالميثاق وأعلى من البيان الوزاري. من جهته، رأى النائب في كتلة «حزب الكتائب» إيلي ماروني أن العقدة التي عرقلت تشكيل الحكومة في الأشهر السابقة التي يقف وراءها حزب الله هي التي تعرقل الاتفاق على البيان الوزاري اليوم. وأشار ماروني، في حديث تلفزيوني، إلى أن الصيغة التي تطرح من قبل الفريق الآخر لمعالجة مسألة المقاومة ليست مقبولة حتى الآن، لافتا إلى أنه من المفترض أن يكون يوم الاثنين المقبل موعد جلسة الثقة في المجلس النيابي، مؤكدا أنه لا يمكن الجزم بالمسار الذي ستسلكه الأمور. كذلك، أشار النائب في كتلة المستقبل محمد الحجار، إلى أنه «خلال الاجتماعات الثلاثة الأولى من لجنة صياغة «البيان الوزاري» كانت الأجواء إيجابية، لكن بعد ما حصل في أوكرانيا وعرقلة «جنيف 2» والتطورات التي حصلت، فإن فريق 8 آذار أو المؤثرين عليه خارجيا أوعزوا إلى حلفائهم بالتشدّد في الداخل.