القاهرة: خالد محمود التزمت السلطات الليبية الصمت حيال أحدث تهديد أطلقه مساء أول من أمس اللواء خليفة حفتر القائد العام السابق للجيش الليبي، باعتقال رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية في البلاد وأعضائها، إذا حاولوا دخول المنطقة الشرقية لليبيا. وهدد حفتر الذي كان يتحدث أمام العشرات من مناصريه الذين تجمعوا أمام منزله بمدينة بنغازي (شرق ليبيا) عقب مظاهرات حاشدة ضد قرار تمديد المؤتمر الوطني ولايته القانونية واحتجاجا على تردي الأوضاع الأمنية في المدينة، باعتقال نوري أبو سهمين رئيس المؤتمر الوطني وعلي زيدان رئيس الحكومة الانتقالية. وفى تحدٍّ واضح للمؤتمر الوطني ولحكومة زيدان، رفع حفتر الذي كان يرتدي الملابس المدنية، يده بعلامة النصر وحيا أنصاره وخاطبهم عبر ميكروفون وهو يعتلي سيارة دفع رباعي. وهتف مناصروه بحياته ودعوه إلى تولي مهمة تأمين بنغازي التي تعاني منذ فترة فوضى أمنية عارمة وتصاعد عمليات القتل التي تستهدف شخصيات عسكرية وأمنية بالإضافة إلى النشطاء السياسيين والإعلاميين. وقال حفتر إن أي عضو في الحكومة أو البرلمان يصل إلى أي مطار في المنطقة الشرقية سيعتقل، مضيفا: «أي رئيس وزراء، زيدان أو رئيس المؤتمر المنتهية ولايته، إذا جاء أحدهما يجب أن يحجز». وعد «الثقة والشرعية منتهية فيهما»، متسائلا: «لماذا يتنقلون لنقل الفتنة وهم يرسلون أموالا طائلة لعناصر خارجة عن القانون؟ نحن نرفض تواجدهم». وأغلق محتجون الطريق المؤدي لمطار بنينا الدولي في بنغازي ومنعوا مرور السيارات باتجاه المطار لبضع ساعات مساء أول من أمس. وفي تصريحات لقناة محلية لاحقا، قال حفتر، إنه «يعول في تطبيق أمر الاعتقال على الشعب أولا وأخيرا وعلى القوات المسلحة وكل الوحدات الأمنية»، لافتا إلى «وجود تنسيق بينه وبين هذه القوات وهناك وحدات عسكرية تحت ولايتنا من زمن بعيد.. القوات البرية والجوية والبحرية أيضا». وسئل حفتر عما إذا كان قادرا على إعادة فرض الأمن والاستقرار في بنغازي، فأجاب: «نعم وبكل ثقة قادرون على تأمين المدينة»، مضيفا: «لا أطلب منصبا سياديا لكن إذا انتخبني الشعب فأهلا وسهلا». وكان اللواء خليفة حفتر قد دعا الشهر الماضي في تسجيل مصور وهو يرتدي الزي العسكري، إلى تعليق عمل المؤتمر الوطني وتشكيل هيئة رئاسية تتولى حكم البلاد إلى أن تجرى انتخابات جديدة، ووصف دعوته بأنها «خارطة طريق» وليست محاولة للانقلاب. في هذا السياق، لم يصدر أي بيان أو تصريح رسمي من البرلمان أو الحكومة الانتقالية التي يترأسها زيدان، بينما قالت السلطات الليبية في وقت سابق إن المدعي العام العسكري قد أصدر رسميا مذكرة باعتقال حفتر بتهمة السعي لتدبير انقلاب عسكري والسيطرة على السلطة بالقوة. وكان عمر حميدان الناطق الرسمي باسم المؤتمر الوطني قال في وقت سابق إن مسألة اعتقال حفتر هي مسألة وقت فقط، مؤكدا أنه لا يمثل أي خطر على المؤسسة العسكرية أو الوضع السياسي في البلاد. لكن مصادر رسمية ونشطاء في بنغازي تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» عن «صعوبة تنفيذ هذا الاعتقال، نظرا إلى شعبية حفتر في المدينة بالإضافة إلى وجود قوات عسكرية تتولى تأمينه». في المقابل، أعلن تجمع أهالي بنغازي الذي يسيطر عليه التيار الإسلامي عن رفضه لأي محاولة للاستيلاء على السلطة أو لما وصفه بالعودة لحكم العسكر، مؤكدا تمسكه بالتداول السلمي للسلطة. وقال التجمع في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية، إنه يرفض بيان حفتر وإنه ضد كل من يريد الفوضى الخلاقة والحرب الناعمة. وطالب التجمع بإقالة حكومة زيدان ومحاسبة المسؤولين عن الجانب الأمني. من جهة أخرى، قتل مسلحون مساء أول من أمس ضابطا بالجيش الليبي بمنطقة الحدائق بمدينة بنغازي ولاذوا بالفرار. وقال مصدر أمني مسؤول إن «الضابط يعمل في وحدة الدعم الإلكتروني بالجيش الليبي». كما قتل مخلوق الفرجاني عضو اللجنة الأمنية العليا فرع مدينة سرت الساحلية وآمر سرية القرضابية، بعدما أطلق عليه مجهولون النار بوسط المدينة ولاذوا بالفرار. وفي مدينة درنة التي تعد معقلا للجماعات الإسلامية المتطرفة في شرق ليبيا، فجر مجهولون أمس محلا تجاريا لبيع العطور بوسـط المدينة، دون وقوع ضحايا. بدوره أعلن محمد سوالم وزير العمل الليبي، أن الأوضاع الأمنية في الجنوب جيدة وتسير إلى وضعها الطبيعي تدريجيا، مؤكدا في مؤتمر صحافي عقدته لجنة تقصي الحقائق الرسمية في أحداث الجنوب، أن المؤسسات العامة بما فيها المصارف والمستشفيات مؤمنة من قبل قوات الجيش والثوار، معربا عن أسفه للنزاع الذي وقع بين قبائل التبو وأولاد سليمان في منطقة الجنوب. وأوضح أن مطار سبها الدولي مؤمن بالكامل وتحت سيطرة قوات الجيش وكتائب الثوار، وأنه سيجري تشغيله في الأيام المقبلة، مشيرا إلى أن العمل جارٍ لتأمين الطريق الساحلي الرابط بين سبها ومدن الجنوب الأخرى. إلى ذلك، أبلغ عبد الوهاب بيسكري الناطق الرسمي باسم لجنة فبراير، أن اللجنة توصلت عقب تصويت أجرته أمس إلى الاتفاق على إجراء انتخاب الرئيس المقبل لليبيا بالانتخاب المباشر من الشعب وليس من خلال المؤتمر الوطني. وقال بيسكري لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف من العاصمة طرابلس، إن «اللجنة ستقدم هذا المقترح الذي صوت عليه بالإيجاب عشرة من أصل 15 عضوا إلى المؤتمر الوطني تمهيدا للبت فيه»، مشيرا إلى أن اللجنة فنية استشارية لا أكثر. وتشكلت «لجنة فبراير» بقرار من المؤتمر الوطني أساسا لإعداد تعديل على الإعلان الدستوري الذي أصدره المجلس الوطني الانتقالي السابق، ومن المقرر أن ينتهي عملها رسميا اليوم (الأحد). فيما نفى مسؤول بمطار طرابلس الدولي سيطرة بعض الجماعات المسلحة على المطار، وأكد أن العمل بالمطار يسير بصورة اعتيادية وأن الرحلات الجوية المبرمجة سواء المغادرة منها أو القادمة كانت في مواعيدها.