في المــــشهــــد الـــتـلـفــزيــوني العربي، تبدو الرياضة ناقصة الى حد مريع. هو مشهد يكاد يختصر الرياضة في لعبة كرة القدم ومسابقاتها وأخبار نجومها ولاعبيها. نحن بالكاد نعثر على حضور الرياضات الأخرى، ولبعضها شعبيته عند ملايين الناس في العالم كما حال كرة السلة وسباقات الدراجات والتنس. تلك رياضات تتوارى في الهامش ولا تحضر على شاشاتنا إلا في حالات نادرة تقتصر على تغطية نهائيات مسابقاتها الكبرى. قد يُفاجأ القارئ حين يعرف أن اللعبة الثانية من حيث الشعبية في العالم هي سباقات الدراجات الهوائية، التي تتابعها عادةً الفضائيات الأوروبية، خصوصاً سباقاتها الأهم والأشهر «تور دي فرانس»، وهي سباقات تجمع بين الرياضة والسياحة وهواية تنظيم الرحلات، بل إن مدناً وقرى صغيرة وغير معروفة تدفع من مالها كي يوافق القائمون على مرور راكبي الدراجات في شوارعها، ما يثير شغف سكانها وحماستهم، ويدفعهم الى الارتحال وراء السباق الى مدن وقرى أخرى ومعهم أطفالهم بحثاً عن المرح والبهجة في ما يشبه موسماً سنوياً له طقوسه وعاداته. هي أيضاً حال مباريات التنس الأرضي وكرة السلة والجمباز وغيرها. ندرة التغطيات التلفزيونية لمسابقات هذه الرياضات تعكس ندرة المعلقين والنقاد وضآلة المعرفة بقوانينها وأصولها، ما يساهم في استمرار بقائها في الهامش وعجزها عن الانتشار في البلدان العربية كما حالها في بلدان أوروبا. تنمية حضور ألعاب كهذه في فضائنا التلفزيوني العربي ليست تنويعاً في المشهد الرياضي فحسب، لكنها حاجة الى تطويرها والارتقاء بها وتشــجيع انتشارها على نحو يسمح لنا بدخول مضاميرها الدولية وتحــــقيق إنجازات ونتائج مرموقة فيها، وذلك كله غير ممكن من دون إيصال مسابقاتها وحتى مبارياتها المحلية الى المشاهدين في بيوتهم ومنحهم الفرصة للتعرف إليها واكتشاف مزاياها، ما يدفعهم الى الإقبال على متابعة نشاطاتها محلياً وعالمياً. تلك أيضاً إحدى مهمات البث التلفزيوني كي لا يكون وقفاً على أحداث دون غيرها، وكي نخرج من حالة الاستقطاب الحاد لكرة القدم، والتي تجعل الرياضة بمفهومها العام والشامل تنحصر في تلك اللعبة التي نعرف أنها الأولى شعبياً في العالم، لكنها ليست الوحيدة ولا يجوز اعتبارها كذلك، فالرياضة ككل نشاطات الحياة لا تحقّق النجاح إلا بالتنوع.