الانتخابات الأميركية رغم أنها تقام بين مدن وولايات أميركية تبلغ الواحدة والخمسين ولاية شرقية وغربية وجنوبية وشمالية ووسط في مجموعها تشكل تلك القارة المتزعمة للعالم بقوتها العلمية والعسكرية والاقتصادية والسياسية الا انها اي الانتخابات تحدث ضجيجا في كل بلدان العالم، والطريف من باب شر البلية ما يضحك ان بعض دول العالم الثالث تتجادل حول المرشحين الممثلين للحزبين الديمقراطي والجمهوري وتحلل مواقفهم اكثر مما تناقش قضاياها المحلية وتجادلهم أكثر مما تجادل بعض مسؤوليها رغم ضخامة قضايا تلك المجتمعات المحلية.. قبل سنوات ثمان وعندما فاز ابن حسين اوباما ذبحت الخراف ونحرت النياق وساحت الدماء في طرقات وساحات عالمنا الاسلامي المليء بالدم من تناحر ابنائه وخلافاتهم الطائفية والسياسية فرحا بهذا الرئيس الأميركي حتى النخاع معتقدين انه سيحكم أميركا بعمقه الاجتماعي او الثقافي الذي تشربه في طفولته إبان معيشته في بلد اسلامي وتأثره بدين جده.. لن اقف كثيرا عند منتج السنوات الثماني للرئيس الأميركي لان الجميع رآها امام عينيه بكل تفاصيلها وبكل معطياتها وتناقضاتها مع تطلعات من نحروا الخراف احتفالا، وقدمت لهم أميركا دروسا في العمل المؤسسي لبناء الدول. اليوم ومع المناظرات الانتخابية بين السيدة هيلاري والسيد ترامب يعاود اعلامنا العربي لمتابعة الحدث بقوة اضعفت من متابعة احداث سورية ومحاولة خلاص الموصل من عصابات داعش. وعادت السخونة للمتابعة بدقة بين سرد لتاريخ الشخصيتين ومفاصل حياتهما المهنية بل ومغامراتهما العاطفية، المؤكد أنني لست ضد تلك المتابعة فأميركا تمثل ثقلا وعمقا عالميين لابد من متابعة أحداثها لأنها في النهاية تؤثر في بقية دول العالم خاصة في عمق سياستها الخارجية والاقتصادية. فالقرار الأميركي مهما بانت ملامحه مختلفة فان المصلحة الأميركية الآنية والمستقبلية هي التي تحركه وليس أي شيء آخر يفعل ذلك، وهذه فلسفة معروفة للجميع لا أعداء دائمون ولا أصدقاء دائمون، ولكن المصلحة دائما تحرك مواقف القادة السياسيين. ربما عاطفيا تتمنى النساء فوز هيلاري، والرجال يخشون ان تحكمهم سيدة باعتبار ان أميركا سيدة العالم وحاكمته ما يعني رغبتهم عاطفيا بفوز منافسها السيد ترامب.. لا اتوقع نحر الخراف إن فاز هذا او تلك، ولكن ستعود الاماني تبرز هنا وهناك، ستتوقع النساء أن فوز هيلاري يعني دفع ملفات الحقوق النسائية للأمام هنا وهناك فيما يعتقد البعض الآخر أن فوز ترامب يعني دخول أميركا بقوة عسكرية توازن الحراك الروسي في غير مكان مضطرب..، ولكن لن يحدث هذا ولن يحدث ذاك الا وفق خطة عمل معدة مسبقا ينفذها الرئيس المنتخب، وفق مصلحة أميركا ومؤسساتها وليس وفق أحلام الحالمين في عالمنا العربي والاسلامي وبقية العالم النامي. وستبقى أميركا تديرها مؤسسات في القرارات النوعية والاساسية.. وعندي قناعة خاصة ان فوز المرشح يتم طبخه وصناعته وربما اكثر من ذلك يتم في دهاليز المؤسسات الأميركية وصناديق الاقتراع واجهة لنظام ديمقراطي عالمي، مبهر ويثير اهتمام وانتباه المتطلعين للتغيير والتقدم والحريات والعدالة