قالت منظمة "هيومن رايتس ووتش" اليوم الإثنين (24 أكتوبر/ تشرين الأول 2016) إن قوات "داعش" تشكل خطرا على المدنيين من خلال مهاجمة المناطق المأهولة بالسكان، وزراعة الأراضي بالألغام وغير ذلك من أشكال منع المدنيين من الفرار من الحويجة وضواحي الموصل. ودعت في بيان لها "القوات التي تهاجم داعش اتخاذ جميع التدابير اللازمة لتقليل الضرر بالمدنيين، لا سيما من عَرَّضَتهم قوات داعش عمدا للخطر". وقالت نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش لمى فقيه: "هناك آلاف المدنيين المعرضين للخطر بسبب العمليات العسكرية في الموصل والحويجة، وجميع الأطراف ملزمة بالسماح للعائلات بالوصول إلى بر الأمان. على داعش السماح للسكان بالمغادرة، وعلى القوات التي تقاتل التنظيم الأخذ بعين الاعتبار العديد من المدنيين المحاصرين في المناطق المهاجَمة". وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول 2016، أعلنت سلطات الحكومة المركزية العراقية وحكومة إقليم كردستان، بدعم من التحالف الدولي، بدء العمليات العسكرية لاستعادة السيطرة على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، التي احتلها "داعش" في يونيو/حزيران 2014. كما حاصرت القوات المناهضة لداعش مدينة الحويجة على بعد 120 كيلومترا الى الجنوب الشرقي من مدينة الموصل، التي احتلتها داعش أيضا في يونيو/حزيران 2014، وبدأت العمليات لاستعادة السيطرة على المدينة. كان هناك ما يقدر بـ 1.2 مليون مدني في الموصل وقرابة 115 ألفا في الحويجة عند بداية العمليات. أدى القتال حتى الآن إلى فرار 5640 شخصا على الاقل إلى شمال سوريا والعراق، بما في ذلك إقليم كردستان. وقابلت هيومن رايتس ووتش 4 مدنيين فروا مؤخرا من الأراضي الخاضعة لسيطرة داعش، ويقطنون الآن مخيم ديبكة، على بعد 40 كيلومترا جنوب أربيل. رووا كيف نفذت داعش الهجمات من المنازل المحتلة وانفجرت الألغام الأرضية في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم. منذ 2014، قابلت هيومن رايتس ووتش خبير إزالة ألغام وعشرات ممن وصفوا كيف يطوق داعش القرى والبلدات بالألغام الأرضية لحماية المناطق من الهجمات ومنع المدنيين من الفرار. في 20 أكتوبر/تشرين الأول قال أحد القرويين النازحين، علي أحمد، لهيومن رايتس ووتش إنه وزوجته و5 أطفال كانوا يعيشون في قرية العدلة، نحو 30 كيلومترا إلى الجنوب الشرقي من مدينة الموصل. قال إنه عندما اندلع القتال بين داعش والقوات العسكرية العراقية في 17 أكتوبر/تشرين الأول، استخدم التنظيم منزله لمهاجمة القوات العراقية دون الحفاظ على سلامته، مما عرضه وأسرته للخطر. قال: مع اقتراب الجيش، دخل 3 من مقاتلي داعش بيتي. لم أستطع أن أطلب منهم مغادرة المنزل، فقد كان بإمكانهم قتلي وإيذاء عائلتي. قالوا: "نحتاج إلى استخدام سطح المنزل". صعدوا لمدة 15 دقيقة. استُهدفت بعض المنازل بمدفعية الدبابات بسبب استخدام مقاتلي داعش إياها. الحمد لله أن منزلي لم يُستهدف. بمجرد تراجع مقاتلي داعش من القرية نحو الموصل رفعنا الراية البيضاء حتى لا يستهدف الجيش منزلنا. وقال 20 من سكان القرى الواقعة تحت سيطرة داعش بمنطقة مخمور (100 كلم جنوب شرق الموصل) لهيومن رايتس ووتش إن المقاتلين عرضوهم لخطر كبير بإطلاق المدفعية من جانب منازلهم دون إبعاد المدنيين وتعريضهم للرد على النيران. قال القرويون أيضا إن داعش نشر الأسلحة والمقاتلين في المدارس التي كانت ما تزال تعمل أو بالقرب منها، مما أدى لغارة جوية واحدة دمرت المبنى. أثناء القتال في قرية مجاورة يوم 17 أكتوبر/تشرين الأول، دعت القوات العسكرية العراقية السكان لرفع أعلام بيضاء على أسطح منازلهم قبل السماح لهم الفرار، وفقا لعمال الإغاثة. منذ بداية العمليات لاستعادة الموصل، تدعو السلطات العراقية السكان في الموصل وحولها للبقاء في المنزل طيلة فترة القتال وإظهار أنهم مدنيون عبر وضع الرايات البيضاء فوق منازلهم. قالت هيومن رايتس ووتش إن غياب الرايات البيضاء عن المنزل لا يلغي الشرط القانوني لتمييز القوات المهاجمة بين المدنيين والمقاتلين. وأفادت المنظمة أن "قوانين الحرب تتطلب اتخاذ جميع أطراف النزاع كافة الاحتياطات الممكنة لحماية المدنيين تحت سيطرتهم من آثار الهجمات، وتجنب وضع القوات العسكرية في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية. على الأطراف اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لإجلاء المدنيين من المناطق التي تنتشر فيها، لا منع أو عرقلة إخلاء الراغبين في مغادرة البلاد. الاستخدام العمد لوجود المدنيين بهدف حماية القوات العسكرية من الهجوم هو جريمة حرب معروفة بـ "الدروع البشرية". وأشارت إلى أن "القوات المناهضة لداعش مُلزمة بموجب قوانين الحرب باتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الضرر اللاحق بالمدنيين. تُحظر الهجمات العشوائية لأنها لا تميّز بين المقاتلين والمدنيين، وكذلك الهجمات غير المتكافئة لأن الضرر المتوقع اللاحق بالمدنيين يفوق المكاسب العسكرية المتوقعة". قال أحد عمال الإغاثة الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش من بين المدنيين الذين فروا من الحويجة إن ما لا يقل عن 5 عائلات أخبرته أنه، في انتهاك لقوانين الحرب، لم يسمح مقاتلو داعش للرجال بالفرار وسمحوا فقط للنساء والأطفال بالمغادرة لقاء دفع 400 دولار عن الشخص الواحد . "عمار"، من سكان الكبيبة، قرية على بعد 35 كيلومترا الى الجنوب الشرقي من مدينة الموصل كانت تحت سيطرة داعش لسنتين، قال لهيومن رايتس ووتش إنه عندما هربت عائلته وجيرانه، أصيب العديد نتيجة العبوات الناسفة. قال عمار إنه مع اقتراب القوات العسكرية العراقية من المنطقة وتراجع داعش، انطلق أقاربه مع سيارتين أخريين إلى أقرب نقطة تفتيش تديرها قوات البشمركة الكردية. أصيبت السيارتين الأخريين بالألغام الأرضية في الطريق. لم يُصب الركاب في إحدى السيارتين بالأذى. كان السائق في سيارة ثانية ينزف من رأسه وكسرت ذراعه. قال عمار إنهم بعد التفجيرات، تركوا سياراتيهم وساروا الكيلومتر الأخير حتى نقطة التفتيش. قال "محمد" لهيومن رايتس ووتش إنه دفع للمهربين 500 دولار ليغادر الحويجة رفقة عائلته لتجنب العبوات الناسفة المحيطة بالمدينة التي زرعها داعش. حصّل المهربون 250 دولار عنه ومثلها عن زوجته، دون تحصيل شيء عن طفليه. قال إنه أثناء سيرهم عبر المنطقة التي تنتشر فيها الألغام "شاهدنا 3 جثث على الاقل على الارض، قتلوا جراء الألغام". وقال برهان حسين، الذي كان جزءا من نفس المجموعة ودفع نفس السعر للمهربين، إنه رأى طفلين على الأقل بين القتلى وامرأة على الأرض، وافترض أنهم قد لقوا مصرعهم جراء الألغام. تشكل الألغام المصنعة يدويا التي زرعها داعش تهديدا كبيرا على المدنيين في الأماكن الأخرى التي كانت تحت سيطرته، بما فيها الرمادي والفلوجة في العراق، وكوباني في سوريا. ستنشر هيومن رايتس ووتش في 26 أكتوبر/تشرين الأول أبحاثا جديدة حول التهديد الكبير للألغام المتفجرة التي زرعها تنظيم داعش على المدنيين في منبج، سوريا، أثناء وبعد العمليات العسكرية لاستعادة السيطرة على المدينة. يبدو أن حادثتين من بين التي وثقتها هيومن رايتس ووتش ناجمتان عن عبوة ناسفة معدة يدويا تنفجر عند ملامسة الضحية أو اقترابه منها أو وجوده في محيطها. هذه الألغام المضادة للأفراد، التي يشار إليها أحيانا باسم العبوات الناسفة أو الشراك الخداعية، محظورة بموجب معاهدة حظر الألغام عام 1997، الذي تحظر أي استخدام للألغام الأرضية المضادة للأفراد تحت أي ظرف من الظروف. قالت هيومن رايتس ووتش إن على جميع أطراف النزاع في العراق احترام حظر الألغام الأرضية المضادة للأفراد. على السلطات العسكرية والمدنية والمنظمات الدولية توعية المدنيين حول مخاطر الألغام والمتفجرات من مخلفات الحرب في الأراضي الخاضعة لداعش أو كانت تحت سيطرته، وإزالة الألغام ومخلفات الحروب لمساعدة المدنيين على العودة حال انتهاء القتال. قالت فقيه: "حتى لو أبقى داعش سيطرته غير المشروعة على المدنيين الذين يحاولون الفرار من القتال، على القوات العسكرية الأخرى أن تفي بالتزاماتها تجاه المدنيين بموجب قوانين الحرب. يشمل ذلك توعية الناس وحمايتهم من خطر الموت بالمتفجرات المزروعة".