قبل أيام.. أعلنت أمانة جائزة الثبيتي للإبداع منح ديوانه «ليس يعنيني كثيراً»جائزتها للديوان الشعري، لكن «الأمر ليس كما تظن».. فشاعرنا لم يكن طريقه ممهداً كي يصبح وصيفاً لأمير الشعراء، بل عاش في «رهبة الظل»، يشدو «تراتيل العزلة»، واصفاً ببراعة «جمر من مروا»، فحصد الجوائز والتكريمات، وأبهرنا بحضوره فى الملتقيات والفعاليات، هذه مقدمة لا نريد منها التعريف بالشاعر، بقدر ما هي تحريض لعين القارئ كي يغوص معنا في رحلة داخل قلب وعقل الشاعر «محمد إبراهيم يعقوب»، الذي التقته «اليمامة» وكان لنا هذا الحوار: ,, غني عن التعريف، لكن كيف تقدم نفسك؟! - باختصار، متورّطٌ في الشعر، ما زلت أمتلك لذة الدهشة الأولى أمام النصّ الجميل أياً كان الشاعر، لذا فأنا بخير رغم الأعراض الجانبية التي يسببها الشعر، كما تعلم. اقترفت خمس مجموعات شعرية، لا أدري إن نشر الحوار وهي بعد خمس مجموعات شعرية أم أكثر!، الشعر ليس هواية ولا احتراف، هو حياة كاملة تعيشها بابتهاجها وخيباتها، الشعر النهر الذي يمرّ عبرنا إلينا، رغم الظمأ، إلا من اغترف غرفةً بروحه! ,, مؤخراً فاز ديوانك «ليس يعنيني كثيراً» بجائزة الثبيتي للديوان الشعري، فماذا كان شعورك عندما اتصلت بك أمانة الجائزة لتخبرك بالفوز؟ - هل لك أن تتخيّل معي، تتجاسر كشاعر وتشارك في جائزة باسم نموذجك الأمثل «محمد الثبيتي»، وبديوان كله يحمل قصائد تفعيلة، وأنت شاعر عمود بامتياز، هذا ما يقال إنك تجيده على كل حال.. والأجمل أن تحصل على الجائزة، ومن الذي يتصل عليك ليخبرك بهذا الفوز، إنه صديق الثبيتي وصديق شعره، كما يقول، أمين عام الجائزة الكبير جداً ثقافة ونبلاً وإنسانية سعيد السريحي. هذا ما حدث لي، فزت بجوائز عديدة قبل هذه الجائزة، لكن هذه الجائزة هي الأقرب لفكرتي عن الشعر ككل.هل تصدق، يا أحمد، أني ما زلت أنتظر اتصالاً من (حبيبي) محمد الثبيتي مهنّئاً بالجائزة، أظنّني أهذي الآن!! ,, خلال مشاركتك بمسابقة «أمير الشعراء» قلت إنك شعرت بالأسى، لأن شاعراً بحجم «الثبيتي» لم يكن معروفاً للكثيرين، برأيك.. على من تقع مسؤولية التقصير في عدم وصول الشعر السعودي للعالم، وما هي سبل نشره؟! - قلت هذا نعم، لكنّي غيرت رأيي منذ فترة، كنت أظنّ أن على المؤسسات الثقافية أن تدعم الشاعر محمد الثبيتي، وتخلق لوجوده فضاء مستحقّاً على الأقل، وأن الثبيتي لو كان رجل علاقات عامة لخدم إبداعه بما يليق به، لكنّي بعدها آمنت وعبر الثبيتي نفسه، أن ليس على المبدع إلا أن يعمل على مشروعه فقط، الإبداع هو من يضمن لنا البقاء، ربما الخلود، وليس أي شيء آخر! ,, يقولون إنّنا نعيش «مرحلة موت الشّعر والقصة، وإزدهار الرّواية».. ما رأيك؟!، وهل حقاً «الشعراء، اليوم، هم غرباء أقوامهم»؟ - يرى «جان كوهين» أن الهوّة التي اتسعت أكثر بين الشعر والمتلقي بدأت مع الرمزية، ولكن يظلّ الشعر هو الشعر، بيتٌ واحدٌ يختصر حالة وحدثاً وموقفاً، شهدنا صعوداً للفنّ الروائي في فترة ما، نعم..أما الآن فالرواية تعيش حالة من الغربلة هائلة وصحية ومنصفة للفنّ ككل. في حين أن الشعر، وهذا من وجهة نظري، بدأ يستردّ عافيته عبر تجارب شعرية مميزة استثمرت وسائل التواصل الاجتماعي بشكل لافت، ووصلت للمتلقي، فالشعر هو الحياة في كلمات. ,, ما رأيك فى قصيدة النثر؟، هل صحيح أنها لم تضف شيئاً للشعر العربي؟ - نحن جيل ما بعد التسعينيات تجاوزنا إشكالية الشكل، فالشعر شعر سواء كان عمودياً أو تفعيلة أو قصيدة نثر، فقط أنا لست مع العبث، وأقصد بالعبث هنا كتابة قصيدة ضعيفة لغة وتناولاً تحت أي شكل بدعوى أنها تراعي قواعد الشكل. القصيدة العمودية الواهنة ليست شعراً. قصيدة التفعيلة غير المترابطة ولا تحمل نفس مبدعها ليست شعراً. وقصيدة النثر التي لا تشعّ فكرة وكثافة ومفارقة وتهزّك من حيث لا تعلم أيضاً ليست شعراً. أما إذا سألتني من يحكم على كل هذا. فالفضاء يتّسع للجميع. هذه ذائقتي فقط. ,, القصيدة العامية استطاعت أن تطور نفسها مع الوقت، لكن بالمقابل هناك من يصنفها في خانة ال «لا أدب»، ما رأيك في هذا التصنيف؟ - من قال؟!.. في رأيي، ومثلاً فقط، أن شعر بدر بن عبد المحسن أسهم في حركة الحداثة الشعرية في السعودية، بل وشكّل مدرسة تتلمذ عليها الكثير. نعيد ونكرر أن الشعر شعر. ولكل ذائقته. ,, المكتبات تراكمت فيها الدواوين، دور نشر تنشر كتباً لشعراء لا نعرف حتى أسماءهم، ما وجهة نظرك في التسرع في النشر، وعدم تقنين طرح الأعمال في الأسواق؟ - أعتقد أن هذا طبعي، في ظلّ وجود دور الطباعة والنشر، وفي ظلّ وجود نوافذ للإعلان عما ينشر/ وسائل التواصل الاجتماعي مثالاً، وهذا التواطؤ، الذي لا أدري إن كان جميلاً أولا، ولست معنياً بالحكم عليه بين الإبداع والفضاء الافتراضي يذهب بنا حتماً إلى بعض ما ترمي إليه. لكن أتدري؟!.. إن أكثر ما أخشاه أمرين: الأول أن يتكرّس نموذج كتابي لبعض الشباب يكتبون شعراً سهل الوصول، والله لا أدري كيف أصفه، بحيث يؤسس لما سيأتي. وهذه مشكلة في رأيي. والثاني أن يضطر بعض الشعراء إلى النزول إلى هذه الحلبة بوجه جديد لا يعنيهم بقدر ما تتطلبه المرحلة، وهذه مشكلة أخرى. ما هي الحلول؟.. ليس مهماً، ولا جدوى من ذلك، فما سيحدث سيحدث على كل حال. ,, يُقال إن المتنبي كان يكتب شعره على إيقاع خطواته، أما «جان بول سارتر» فقد أبدع كتابه الشهير «الوجود والعدم» في مقهى باريسي، ماذا عن طقوس إبداع الشاعر «محمد يعقوب»؟! - يكاد يكون لا طقوس، تعرف في البدايات تشعر أنك تنتزع روحك حين تكتب قصيدة، وأنا هنا لا أقصد الصعوبة بقدر ما أقصد الشغف. ثم تصبح القصيدة هواءك الذي تتنفسه، يصبح هناك نوع من الحميمية بينك وبين الشعر، بساطة معقّدة!، لكن إذا جاءت القصيدة فإياك أن تفوّتها، إياك! ,,على ذكر الجوائز.. أي الجوائز التي حصلت عليها هي الأقرب إلى قلبك؟ - جائزة محمد الثبيتي للإبداع، حتى الآن! ,,ما قراءاتك خارج الشعر؟ - كل شيء.. كل شيء، لكن إذا أردت التحديد: الفلسفة – النقد – السرد