رأى نائب رئيس أول إدارة الأصول العقارية في شركة بيت الاستثمار العالمي (جلوبل)، ناصر فيصل الخالد، أن حالة الركود التي يمر بها سوق العقار المحلي، دفعت الشركة إلى التركيز على الأسواق العالمية عبر طرح برنامج يهدف لاقتناص الفرص العقارية المدرة في بريطانيا. وكشف الخالد في مقابلة مع «الراي» عن دراسة الشركة فرصاً استثمارية في ألمانيا والولايات المتحدة، معتبراً أن التخوف والقلق يعم المنطقة، وليس الكويت وحدها. وأكد أن رأس المال الكويتي إذا لم يجد له فرصة محلية، فسيهاجر للاستثمار في الخارج، مبيناً أن قيمة العقار السكني في لندن قد انخفضت ما بين 5 و15 في المئة، نتيجة التغييرات في النظام الضريبي، إلى جانب التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي. وفي حين لفت الخالد إلى أن الأسواق قد استوعبت الى حد ما آثار «صدمة الخروج»، أوضح أن التغييرات التي أقرت العام الماضي على نظام الضريبة في بريطانيا، يحدّ من تعافي هذا القطاع بشكل كامل، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن كمية العقارات المعروضة في العاصمة لندن تفوق الطلب. وتابع أن صناديق استثمارية عديدة تخارجت من عقاراتها في لندن فور ظهور نتيجة التصويت للخروج من الاتحاد الأوروبي، لكي تلبي طلبات الاسترداد من حملة وحداتها، ولكي تحتفظ بالسيولة لفترة موقتة، منوهاً بأنها تبحث في الفترة الحالية عن بدائل وفرص لإعادة استثمار هذه السيولة من جديد. وهنا نص المقابلة: • كيف تقرأ المشهد في سوق العقار المحلي؟ - يبدو أن العقار المحلي في حالة ركود، إذ نشاهد ارتفاع العوائد المطلوبة على القطاعين التجاري والاستثماري، وهنا نشير إلى أن عدم نمو الإيرادات يؤدي إلى تدني قيمة العقارات، وهو أمر يعود إلى ضعف النمو الاقتصادي في البلد. ونؤكد في هذا السياق أنه في ظل عدم وجود الحوافز التي تدفعنا للتركيز على العقار المحلي، فإن هذا الأمر يدفعنا للابتعاد عن العمل في السوق المحلي، وهو ما يعود إلى انعدام الشفافية وصعوبة الإجراءات. وهنا، يتجه أصحاب رؤوس الأموال إلى الأسواق الخارجية، إذ ليس من المنطقي الاحتفاظ بالأموال دون استثمارها سواء داخل أو خارج الكويت. • أين تتركز الفرص في الكويت؟ - هناك الكثير من العقارات المملوكة لشركات تشغيلية ومنشآت تجارية وصناعية ذات متانة مالية ليست بحاجة لتملكها، ومن الأفضل بيعها وإعادة استئجارها، ونأمل أن تأتينا فرصاً مثل هذه من مالكيها مباشرة بحيث نقوم بشراء هذه العقارات وإعادة تأجيرها بعقود طويلة الأجل. فعلى سبيل المثال، بإمكان الشركات الكبيرة بيع مقراتها الرئيسية واستئجارها بعقود طويلة الأجل، ما يمنحها السيولة لإعادة استثمار هذه الأموال في التوسّع، أو في تخفيض التزاماتها مع البنوك. • ما طبيعة العقارات التي تديرونها خارج الكويت؟ - لقد بدأ اهتمامنا بالعقارات البريطانية بعد دراسة شاملة على الأسواق المستهدفة شملت أوروبا والمملكة المتحدة وأميركا، وعندها قرّرنا التركيز على المملكة المتحدة، وتحديداً في قطاع العقارات المدرة للدخل الثابت في قطاع المكاتب التجارية، وبعوائد مغرية في مدن خارج العاصمة لندن، ومن ثم بدأنا بالبحث عن شريك محلي للمساعدة في البحث عن فرص مجدية في هذه الشريحة، وهو ما تم فعلياً على أن يتولى إدارة العقار بعد الشراء. وبعد ذلك، قمنا بتكوين فريق عمل، وطرح البرنامج في صيف العام 2015، إذ ندير اليوم من خلاله 3 عقارات مؤجرة في بريطانيا بقيمة إجمالية تفوق 250 مليون دولار لصالح العملاء، وقد استحوذنا على العقار الأول في شهر سبتمبر 2015 في منطقة سولنت في جنوب شرق بريطانيا، وهو مؤجر لشركة خدمات الملاحة الجوية الوطنية. كما استحوذنا في النصف الأول من 2016 على العقار الثاني، وهو المقر الرئيسي للخدمات الصحية الوطنية في مدينة أدنبرة باسكتلندا، وهو مؤجر بالكامل لحكومة اسكتلندا بعقد إيجار طويل الأجل. أما العقار الثالث، وهو المقر الإقليمي لشركة «ثري إم» (3M) في بريطانيا وأوروبا، وهو مؤجر بعقد إيجار مضمون من الشركة الأم في الولايات المتحدة الأميركية. • هل تأثرت هذه الاستثمارات في بريطانيا بانخفاض أسعار النفط؟ أو أسعار صرف الجنيه الإسترليني؟ - لا أرى أي تأثير مباشر لانخفاض أسعار النفط على العقارات التي نديرها في المملكة المتحدة، أما بالنسبة لسعر الصرف، فكون العملاء مستثمرين بالجنيه الإسترليني، بناء على سياساتهم الاستثمارية وتنويع المخاطر من خلال الاستثمار في أكثر من عملة، فلا يوجد أي تأثير لتقلب العملة على أداء هذه العقارات. ولكن، مع تراجع سعر صرف الجنيه الإسترليني إلى أدنى مستوياته، هناك من يريد انتهاز الفرصة بزيادة نسبة الجنيه الإسترليني في محفظته، عبر الاستثمار في فرص بشراء عقارات في المملكة المتحدة. • هل انخفضت قيم العقارات في المملكة بعد نتائج الاستفتاء؟ - نعم، انخفضت قيم العقارات السكنية والتجارية وسط العاصمة لندن خصوصاً، نتيجة عوامل عديدة، وعلى رأسها قرار الخروج من الاتحاد الأوروبي. ولكن في ما يخص العقار السكني، فبرأيي أثرت عوامل أخرى مثل شح الطلب والزيادة في المعروض، والتغييرات في النظام الضريبي بشكل مباشر أكثر من خروج المملكة من الاتحاد الأوروبي. وقد شهدنا انخفاضاً في قيم العقارات السكنية وسط لندن، بنسب تتراوح ما بين 5 و15 في المئة، حسب طبيعة كل عقار وموقعه. أما العقارات التي نديرها، فلم تتأثر جوهرياً وبقيت نسب العوائد ذاتها، في حين لوحظ تزايد الطلب على العقارات المؤجرة لمدة طويلة، والتي تفوق 10 سنوات، ما يعزز موقفنا واستراتيجيتنا في المملكة المتحدة. • هل تعتقدون أن الأسواق الأوروبية استوعبت آثار الصدمة؟ - من خلال الأنباء والدراسات التي نحصل عليها، نستطيع القول إنه إلى حد ما، نجحت تلك الأسواق في استيعاب آثار الصدمة، ولكن من غير المعروف ما إذا كان سينشب أي خلاف ما بين الحكومة البريطانية والاتحاد الاوروبي خلال عملية مفاوضات الخروج، كما أن لا أحد يعلم بأي شكل ستكون طبيعة العلاقات التجارية بين الجهتين بعد الانتهاء من إجراءات الخروج. وهنا، نؤكد أن هذه العوامل قد تساهم بالتأثير على السوقين البريطاني والأوروبي مستقبلاً، ولذلك نرى أن الأسواق قد استوعبت الصدمة الأولية من دون أن نعلم إلى أي حد قد تتأثر مستقبلاً، نظراً للعوامل التي ذكرتها. فما رأيناه بخصوص العقارات التجارية، بأنه كانت هناك موجة من التخارجات من قبل الصناديق العقارية، والتي كانت تحت ضغوطات من حاملي وحداتها باسترداد وحداتهم، وقد انتهت هذه الموجة ليعود بشكل ما الاستقرار. ونشير في هذا الصدد إلى أن هذه الصناديق تبحث خلال الفترة الحالية عن فرص وبدائل لإعادة استثمار السيولة التي لديها، إذ شهدنا عودة النشاط في هذا القطاع بعد هدوء عم فتره الصيف. • كيف تنظرون إلى اختلاف الآراء حول استيعاب القطاع العقاري الصدمة؟ - نتوقع أن يبدأ سوق العقار البريطاني بالاستقرار أو ربما الانتعاش بعد سنتين أو 3 سنوات، وبشكل عام الأمر يعتمد على نوع العقار وموقعه. مع ذلك نتوقع بأن الشركات الاستثمارية والمؤسسات المالية، التي تستأجر عقارات تجارية في لندن، وكذلك الشركات التجارية التي تتخذ من لندن مقراً إقليمياً لها، ستخفض من تواجدها هناك، لتعمل على إيجاد بدائل لها في مدن أوروبية أخرى خارج بريطانيا، ما سيؤثر على عوائد وقيم هذه العقارات. ولكن أكرر بأن هذا الأمر، يعتمد بشكل كبير على طبيعة العلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة. • هل ساهم خفض «المركزي» البريطاني أسعار الفائدة على التمويل العقاري في تحريك السوق؟ وهل خفف آثار الصدمة؟ - لم يكن هذا الحافز بالمستوى المطلوب، لأن البنوك البريطانية باتت تفرض هامشاً أعلى مما كان عليه، تماشياً مع أوضاع السوق ومخاطره، ولذلك لم تنخفض تكلفة الاقتراض بشكل ملموس. • في ضوء الضبابية التي تلف وضع العقار البريطاني، هل ترى أن الوقت مواتٍ للخروج أم لتعزيز الوجود؟ - القرار يعتمد على نوع العقار وأهداف المستثمر، فبالنسبة لنا، لا نرغب حالياً بالخروج من السوق البريطاني أو التخارج من أي من استثماراتنا، ولسنا مضطرين إلى ذلك، لأنه لدينا أصول تدر دخلاً نقدياً جيداً يصل معدله الوسطي إلى 9 في المئة سنوياً، على مستوى الاستثمارات التي نديرها للعملاء. كما أن المستثمر معنا مقتنع بمستوى العائد الذي يحققه من هذا الاستثمار، وليس لديه خيارات بديلة أفضل من حيث العائد. • ماذا عن استثماراتكم العقارية في أميركا؟ - حالياً، لا يوجد لدينا استثمارات عقارية مملوكة في الولايات المتحدة، ولكنني كنت أراقب هذا السوق مذ توليت الإدارة في 2013، ولم يكن الوقت مناسباً، كما لم تكن الظروف تساعد على طرح الفرص في السوق الأميركي نظراً لتدني العوائد وكثرة المنافسة. في هذا الصدد، لقد كانت العديد من المؤسسات المالية والشركات الاستثمارية، تطرح فرصا عقارية في الولايات المتحدة الأميركية، وبالخصوص في القطاع السكني «متعدد العوائل» (multi-family)، وقد لاحظنا في البداية طلب متزايد من مستثمرين كويتيين وخليجيين على هذا القطاع، بعد توجه الناس هناك إلى الاستئجار بدلاً من التملك، على أثر تشدد البنوك في تمويل شراء العقارات السكنية بعد الأزمة المالية العالمية في العام 2008. وقد انتعش الطلب على العقارات السكنية وفي القطاع الذي ذكرته تحديداً، إذ كانت الفرص مغرية منذ العام 2009 حتى نهاية سنة 2014، وكانت تعطي عائداً جيداً في ذلك الحين، غير أن الوضع تغيّر الآن، فمن وجهة نظري لا أرى أن العوائد في هذا القطاع تناسب المخاطر المرتبطة به، فاتجه تركيزنا إلى المكاتب التجارية. ونكشف هنا أننا ندرس حالياً 3 فرص في هذا القطاع، ونتوقع خلال الربع الأول من العام المقبل اقتناص بعض الفرص المجدية، والبدء فعليا ببرنامج الاستثمار في العقارالأميركي. • كيف تقيمون سوق العقار الأميركي حالياً ومستقبلاً، في ظل الترقب لرفع الفائدة مرة أخرى؟ - لابدّ من التنويه بأن أسعار الفائدة مرتبطة اليوم بعوامل كثيرة وأبرزها مستوى التضخم، ولذلك نبحث عن عقارات ترتبط إيجاراتها أو الدخل منها مباشرة بمستوى التضخم، لكي نحافظ على مستوى الدخل في حال ارتفعت أسعار الفائدة بشكل ملموس. أما بالنسبة لسوق العقار الأميركي بشكل عام، فهو حيوي وفيه فرص جيدة، لكننا حريصون على أن نقتنص لعملائنا الفرص التي لا تتوافر بشكل عام، على أن تتم عملية الاستثمار من خلال شريك نثق فيه وبقدراته، ونأمل هنا أن نكرر نجاحنا الذي حققناه في المملكة المتحدة في السوق الأميركي. • هل انعكس رفع الفائدة الاميركية على عوائد العقار؟ - بالطبع كانت له انعكاسات، وتحكم ذلك وجهتا نظر، الأولى وهو الرأي السائد والذي يرى أنه عندما ترتفع الفائدة يرتفع العائد المطلوب من العقار، وبالتالي تنخفض قيم العقارات، ولكننا نؤكد بأن الأمور ليست بهذه البساطة. كما أ، هناك وجهة نظر أخرى مسنودة بدلائل وإحصاءات، ترى بأنه ليست هناك علاقة مباشرة وواضحة ما بين سعر الفائدة وعوائد العقارات، فكما أشرت بالسابق إلى أن سعر الفائدة الأساسي يتأثر بعوامل عدة، منها التضخم وانتعاش السوق بشكل عام، فإن أغلب عقود الإيجار في الولايات المتحدة الأميركية مرتبطة بمستوى التضخم، ولذلك في ظل بيئة اقتصادية يسودها نمو وانتعاش ترتفع قيم الإيجار. في الوقت نفسه، وإضافة إلى أنه إذا كانت البيئة التنافسية للمؤسسات المالية التي تمول الصفقات العقارية شديدة، فقد يرتفع السعر الأساسي وينخفض الهامش، ولذلك فإن أي ارتفاع في سعر الفائدة إذا كان بشكل تدريجي، لن يؤثر على عوائد العقارات بشكل ملموس، إذ إن السوق قد يتأثر، لاسيما إذا قرّر «الفيديرالي» رفع سعر الفائدة بنسبة 50 نقطة أساس بشكل مفاجئ وهذا شيء غير وارد حالياً، ونشير هنا إلى أن رفع أسعار الفائدة قد يحصل، ولكن بشكل مبرمج وتدريجي. • ما توجهاتكم المستقبلية بشأن استثماراتكم العقارية خارج الكويت، وهل تخططون لتعزيزها أو التخارج من بعضها؟ - كما أشرت، فنحن ندرس حالياً فرصاً في العقار الأميركي، وبدأنا العمل في الاتحاد الأوروبي من خلال ألمانيا، ونحن على وشك إتمام صفقة استحواذ على 7 عقارات تجارية بمساحة إجمالية تبلغ نحو 50 ألف متر مربع مؤجرة بالكامل، بعوائد تبلغ 8 في المئة سنوياً، وتقدم خدمات متنوعة، مثل محطات وقود، وأسواق مركزية، وخدمات للسيارات، ومطاعم ومحلات. وقد انتهينا من الدراسات النافية للجهالة، وباتت المفاوضات في مراحلها النهائية، ونتوقع إتمام الصفقة قبل نهاية العام الحالي. أما بالنسبة للتخارج فلدينا خطط مرسومة لكن ليس لدينا الرغبة لتنفيذها حالياً، فهذا ليس وقت التخارج بل هو وقت اقتناص الفرص بأنواعها المختلفة. بطاقة • الاسم: ناصر فيصل عبدالرزاق الحمد الخالد. • الشهادة: بكالوريوس من جامعة دنفر، وماجستير في إدارة الأعمال من كلية الاقتصاد العليا في باريس. • الخبرة: 15 سنة في التمويل والاستثمار والعقار. • المنصب: مدير إدارة الاستثمار العقاري. • انضم إلى «جلوبل» عام 2006، وكان يشغل منصب مدير في إدارة الملكيات الخاصة حتى 2013، عندما تسلم إدارة الأصول العقارية. • عضو في مجالس إدارات شركات عدة داخل الكويت وخارجها، من ضمنها «أبراج المتحدة العقارية». • ينحدر من أسرة تجارية عريقة، عملت في العقار منذ منتصف القرن الماضي.