في عام 2013م بطوكيو وخلال مؤتمر مستقبل آسيا طرحت على د.مهاتير محمد رئيس الوزراء الماليزي الأسبق السؤال التالي: في اليابان وشرق آسيا يكثر الحديث عن خطر الاعتماد على بترول الشرق الأوسط وأن اليابان تستورد حوالي تسعين بالمئة من احتياجاتها من تلك المنطقة، ولكن بالمقابل فبالنسبة للمملكة ودول الخليج فما يقارب سبعين بالمئة من صادراتنا النفطية تتجه إلى اليابان وآسيا ومع ذلك لم نتكلم يوماً عن خطورة هذه العلاقة بل ننظر لها كفرصة لبناء شراكات استراتيجية، ما هو تعليقكم على هذه القضية؟ أجاب د.مهاتير قائلا: اعتقد أن أفضل طريقة لتعزيز الشراكة بين المنطقتين هي الاستثمار! الكثير من الاستثمارات الخليجية للأسف متركزة على أميركا وأوروبا بينما لو تم توجيه جزء منها لآسيا وماليزيا فستتغير الصورة الحالية تماما. مقالة اليوم تتحدث عن صندوق رؤية سوفت بنك وتناقش ما الذي سنحتاجه بعد ذلك من خطوات.. من المخطط خلال الخمس سنوات القادمة أن يصل حجم صندوق رؤية سوفت بنك إلى مئة مليار دولار ليكون أكبر صندوق عالمي في مجال التقنية، ولكن ما الذي ستجنيه المملكة من الإسهام بحوالي 40 مليار دولار في هذا الصندوق؟ يمكن التفكير بالنقاط التالية: تحويل دفة الاستثمارات الخارجية السعودية نحو الشرق بعد عقود من التركيز على الغرب. الدخول في الاستثمارات التقنية ذات الخطورة الاعلى والمردود الأعلى مقارنة باستثمارات تتركز على السندات الحكومية الأجنبية. التغطية الإعلامية القوية والإيجابية التي حصدتها المملكة في وسائل الإعلام العالمية وفي اليابان خصوصاً والتي أسهبت في الحديث عن رؤية السعودية 2030م والجهود الحثيثة لسمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لبناء اقتصاد سعودي جديد لا يعتمد على إيرادات النفط وحدها ويأتي هذا الصندوق كإحدى نتائج زيارة سموه الأخيرة إلى اليابان والصين. رسالة قوية بأننا ماضون في تنفيذ رؤية السعودية 2030م عبر خطوات عملية ملموسة على الأرض. رسالة باقتناع قيادات عالم المال والصناعة في العالم برؤية 2030م واستشعارهم للفرص الكبيرة للشراكة مع المملكة في تنفيذ هذه الرؤية. ولاحظ أن شركة سوفت بنك تعتبر ثالث أكبر شركة في اليابان بعد شركة تويوتا وشركة ميتسوبيشي المالية. حسنا،، ما هي الخطوة التالية إذن بعد إنشاء الصندوق وبدء أعماله واستثماراته؟ الخطوة التالية هي بناء منظومة الابتكار التقني السعودي والاستثمار فيها بقوة للأسباب التالية: ربط مصادر الدخل الوطنية بالتصنيع والابتكار التقني المباشر من شركات وطنية وليس فقط العوائد المادية وأرباح شركات التقنية الأجنبية. خلق فرص عمل ووظائف للشباب والشابات السعوديين في قطاع الصناعة بينما ستكون الوظائف محدودة للغاية لو اكتفينا بوظائف الاستثمارات المالية وحدها. إ نشاء شركات سعودية صناعية وتقنية تستطيع الاستحواذ على شركات التقنية الأجنبية. رفع مستوى الاستقلالية التقنية السعودية وتقليل الاعتماد على الخارج ما سيكون عاملاً حاسماً وداعماً للمملكة في قطاعات أخرى استراتيجية كالقطاع العسكري وتصنيع الأسلحة والمركبات. وأخيرا، هناك في رؤية السعودية 2030م تحديات وتحسينات مطلوبة شأنها شأن أي خطة ورؤية أخرى. ولكن النقطة الأهم التي يجب أن نعيها جميعا هي أننا إذا لم نتحرك ونتكيف ونتفاعل مع التغييرات من حولنا فسيداهمنا الوقت وسندفع نحن والأجيال القادمة الثمن غالياً لا قدر الله في السنوات القادمة لمرحلة ما بعد اقتصاد النفط. التغيير مؤلم وصعب ولكن عدم التغيير أكثر إيلاماً لأنه يعني انتظار المصير دون أي مبادرة أو تحرك لصناعة المستقبل بأيدينا!