×
محافظة المنطقة الشرقية

توصيات بإنشاء مركز لحفظ التراث العلمي وصيانته في الأحساء

صورة الخبر

بدأ عامر حياته تاجراً بسيطاً، ولأنه كان إنساناً يتقي الله في عمله بارك الله له في رزقه، وكان الناس يصفونه بأنه يحول التراب ذهباً، وكلما طرق باباً نجح فيه، فالفشل لا يعرف الطريق إليه ربما لأنه يدرس أي مشروع جيداً قبل الإقدام عليه. تزوج في بداية حياته منعلية ابنة خاله، وكانت علية عند حسن ظنه تسعى جاهدة لمساعدته ولدفعه للأمام، وكان هو الآخر يثني عليها وعلى وقوفها بجواره. على الجانب الآخر كان عامر يعمل بجد واجتهاد من أجل أن يوفر لأبنائه المستوى الذي فرضته زوجته عليه وهيأته لأبنائه، وأصبحت الشقة الصغيرة لا تليق به باعتباره رجل أعمال بل مليونيراً ولا بالأبناء طلاب مدارس علية القوم، ومع توسعه في عمله أسس شركة كبرى وشيد فيلا فاخرة تليق بالجميع وأصبحوا أعضاء في نادٍ عريق، وبذلك حدثت لهم طفرة كبيرة في حياتهم ومع مرور الزمن تخرج الأبناء في الجامعة واختار كل منهم طريقه في الحياة العملية من دون تدخل الأب، فاتجه الابن الأكبر ليشارك والده في عمله، أما باقي الأبناء فكانت لهم حياة مختلفة عن والدهم، وبعد أن استقروا في عملهم أقبلوا على المرحلة التالية وهي الزواج، وتدريجياً شعرت علية بالوحدة فانغمست في الأعمال الخيرية واشتركت في بعض الجمعيات النسائية، فأحبت هذا العمل وساهمت في عدد من هذه المشروعات بالمال والمجهود وخصصت يوماً كل أسبوع للقاء الأبناء وتناول الغذاء معهم، وكان عامر نادراً ما يحضر هذا اللقاء، فهو دائماً مشغول بعمله واجتماعاته ولقاءاته المتعددة التي لا تنتهي، وبذلك فرض على نفسه الغربة وسط عائلته، لكن العمر يتقدم والجسد أصبح غير قادر على مواصلة هذا العمل الشاق فشعر بالتعب ونصحه الأطباء بدخول المستشفى لإجراء بعض الفحوص، وبعد أيام من وجوده في المستشفى اكتشف الأطباء إصابته بمرض السرطان، واتفق الجميع على كتمان الأمر عنه، ولم يكن أحد يعلم بحقيقة مرضه سوى أبنائه وزوجته والأطباء وممرضته سحرالتي شعر معها بالراحة فكانت حقاً ملاكاً للرحمة حنوناً عطوفاً على مرضاها تشاركهم آلامهم وتحاول قدر استطاعتها أن تخفف عنهم، فاختارها عامر لأن تكون الممرضة الخاصة به وأسعد سحر هذا الاختيار وكانت غاية في الرقة معه وعرف كل شيء عن حياتها الخاصة وتعاطف معها، فهي مطلقة لسبب ليس لها دخل فيه، فقد شاء الله أن تكون عاقراً لذلك طلقها زوجها، وبعد ذلك عاشت تداوي جروحها بمعالجة آلام المرضى لتنسى مأساتها الحقيقية، وفي المستشفى شعر عامر بأنه أخطأ عندما عزل نفسه عن أسرته بالعمل من أجلهم فتعودوا البعد عنه وجفاء العلاقة بينهم وكذلك زوجته، فهو لا يتذكر عدد المرات التي رافق فيها زوجته في نزهة أوالسفر للمصيف أوقضاء أيام عدة معاً، ليجددا حياتهما الزوجية، فحصد عامر هذا الجفاء أثناء وجوده في المستشفى، خاصة وأن فترة إقامته في المستشفى امتدت لشهور عدة، ولم يجد له ونيساً يشاركه آلامه سوى الممرضة سحر التي كانت معطاء في عطفها ولأن كل مريض يسعى جيداً لأن يجد اليد التي تخرجه من محنته، وجد عامر في سحر ما يريده فطلب العودة للمنزل وطلب من الطبيب المعالج أن ترافقه سحر إلى المنزل ورحبت زوجته علية بوجود سحر معتبرة أن وجودها سوف يرفع العبء عنها ويجعلها تتفرغ لأنشطتها الخيرية، ولم تكن تعلم أن علاقة الممرضة سوف تتوطد بزوجها. بعد شهر من عودته للمنزل شعرعامربتحسن في صحته، وربما يكون ذلك بسبب تحسن حالته المعنوية، فقد نجحت سحر في بث الأمل في نفسه وجعلته يتمسك بالحياة، ومع أول خروج له من المنزل منذ مرضه توجه إلى المأذون وتزوج سحر سراً، لكن بعد مرور ثلاثة شهور فقط على الزواج كان المرض قد تمكن من عامر وساءت حالته فاعترف لأبنائه وزوجته بأنه تزوج من سحر، وذلك حفاظاً عليها وعلى حقوقها وخشية أن يتهمها أحد بالغش بعد موته، لكن أبناءه بعقلانية شديدة طلبوا منه أن يوقع على إقرار بأنه قد طلقها حرصاً على مشاعر والدتهم وحتى لا يسبب لها حرجاً مع زميلاتها مع وعد منهم بحفظ حقها في الميراث وفي الوقت نفسه طردوا سحر من المنزل، وكأن سحر كانت الأمل الوحيد الذي يتعلق به عامر للتمسك بالحياة، فبعد خروجها من بيته بأيام قليلة وافته المنية، وبعد انتهاء مراسم العزاء أقام الأبناء دعوى إعلام وراثة واستبعدوا منه سحر باعتبار أنها مطلقة، بينما أقامت سحر دعوى إعلام وراثة لإثبات حقها في الميراث، وتم ضم القضيتين معاً وقضت المحكمة بأحقية سحر في الميراث، وأكدت المحكمة أن الشرع والقانون يؤكدان حق الزوجة في أن ترث زوجها حتى لو كان قد طلقها وهي لم تكن قد علمت بهذا الطلاق، لأن حرمانها الميراث في هذه الحالة يعد تحايلاً على الشرع والقانون، كما أن ورقة الطلاق التي قدمها الأبناء ورقة عرفية لم تعلم بها زوجة أبيهم ولم يتم توثيقها ما يفقدها قيمتها، وأضافت المحكمة أن هناك شروطاً واضحة ومحددة للميراث لإغلاق كل أبواب التحايل ولا يمكن الالتفاف حولها، حفاظاً على حقوق كل الأطراف ومنعاً للتلاعب وبذلك نالت سحر جزءاً من رد جميل عامر لها.