ربما لزاما علي أن أتقدم بأسمى آيات الشكر والعرفان لأصحاب فكرة الزواج الجماعي في قبائل بني سفيان وبالحارث وغيرهم في محافظة الطائف التي أثبتت نجاحها لديهم لأكثر من عشر سنوات، على الرغم من الجهود الجبارة التي تقف خلفها مجموعة من اللجان التطوعية لإنجاح تلك الفعاليات التي تتخللها، كما رأيت الرقصات الشعبية والقصائد الشعرية والمسرحيات الإنشادية (الأوبريت)؛ لتكون بحق ليلة عمر، إن تلك الظاهرة التي انتشرت بين عدد من القبائل والقرى في بلادنا لتمثل علاجا عصريا ناجحا يسهم في حل ارتفاع نفقات الزواج الباهظة والمرتبطة بعادات قبائل وتقاليد أسر في (ظاهرها الفشخرة والهياط وباطنها الديون والأقساط). لقد أخذت فكرة الزواجات الجماعية بعدا آخر خرج عن مفهوم دائرة الأسرة والقرية والقبيلة إلى فكرة إنشاء صندوق الزواج وإنشاء جمعيات للزواج الجماعي لعلها تكون الخطوة الأولى التي تتبعها خطوات من أجل فك عقدة أهم سبب من أسباب عزوف الشباب وعنوسة الفتيات، ولعل في مبادرات المؤسسات والجمعيات الخيرية والرعاة وأهل الخير ورجال الأعمال لمثل ذلك أهم الركائز المساهمة في ذلك التبذير المصاحب لكثير من حفلات الزواج، ولا يشك عاقل أن الزواج من السنن الإلهية الحسنة والظواهر الفطرية المستحبة، وحلم شقة جديدة، وحياة سعيدة هي التي دفعت أولئك العرسان إلى محطات الزواج الجماعي التي يرونها بوابة للخروج المريح من أزمة غلاء القصور وإعداد الولائم وفساتين الفرح والكوش وملحقاتها، مما يجعل الصرف في تلك الساعات أعلى من الدخل طوال سنوات وعندما أطلق كثيرون نداءات إلى شيوخ القبائل ووجهاء المجتمع في جميع مناطق المملكة باختصار حفلات الزواج أو المشاركة في الزواجات الجماعية فإنما لكي يتسنى لمعظم الشباب دخول الأقفاص الذهبية التي يرونها ولا يستطيعون الوصول إليها، ومن ثم تقليص أعداد العوانس المفجعة لدينا والمتزايدة كل عام حسب ما كشفت عنه بعض جهات الإحصاء الرسمية. ولقد اتضحت أن فكرة الزواج الجماعي لها مردود إيجابي كبير لا يختلف عليه اثنان، وإلا لما أصبحت بعض القبائل التي قبلته تفاخر به وتنافس على إقامته، وإن وجد من يعارض ذلك فهم أصحاب قصور الأفراح وشعراء المدح وغيرهم ممن يستغل مثل هذه المواسم، ولقد ثبت أن المهر مقدور عليه في الغالب، إلا أن المشكلة تكمن في الإسراف الكبير الذي يفوق المهر نفسه. ولذا فما أجمل أن تكون أفراحنا على ضوء ما أمرنا الله به، وما سنه لنا رسولنا عليه الصلاة والسلام؛ إذ من المعلوم أن حضور مثل هذه المناسبات، والترحال بين مدن المملكة ما هو إلا للمجاملة غالبا؛ فللناس ارتباطات عملية والتزامات وظيفية، فضلا عن الظروف الصحية، كما يتمنى آخرون أن يُحدد وقت معين لإغلاق جميع قصور الأفراح في هذه الإمارة المباركة وصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل له مبادرات في هذا المجال، ويمكنه حفظه الله أن يحدد الوقت ويلزم الجميع حسب ما تقتضيه المصلحة بدلا من السهر إلى ساعات الصباح الأولى!