قال المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا، إياد أبومغلي، إنهم تمكنوا من الوصول إلى نحو مليوني شخص في تحديد الأهداف الإنمائية للألفية وخطة التنمية لما بعد العام 2015، مشيراً إلى أن الهدف من هذه الخطوة هو توضيح أهمية إشراك الشعوب في تحديد أولوياتها، ومشاركتها في صنع القرار. وأكد أبومغلي، في لقاء مع «الوسط» على هامش أعمال الدورة الثانية للمنتدى العربي رفيع المستوى عن التنمية المستدامة، والذي اختتمت أعماله أمس الخميس (7 مايو/ أيار 2015)، بفندق الرتزكارلتون، أنه لا يمكن قيام التنمية مع وجود النزاعات والحروب. ورأى أن تحقيق التنمية المستدامة يسهم في التقليل من النزاعات والحروب، معتبراً أن جميع القطاعات المجتمعية والاقتصادية والبيئية لها دور في التنمية، وأنها متشابكة فيما بينها، إذ لا يمكن الحديث عن قطاع دون القطاع الآخر. وفيما يأتي اللقاء مع المدير والممثل الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في غرب آسيا، إياد أبومغلي. ما أهمية المنتدى الثاني رفيع المستوى عن التنمية المستدامة لوضع الصيغة النهائية للأهداف الألفية ما بعد العام 2015؟ - يأتي هذا المنتدى في مرحلة ووقت حرج من المفاوضات الدولية، التي تتم حاليّاً للوصول إلى أهداف للتنمية المستدامة تنير درب التنمية بشكل عام للأعوام الـ 15 المقبلة، فأهداف التنمية المستدامة تم اقتراحها من قبل المشترك الدولي بمشاركة كل الدول العربية التي ساهمت في المفاوضات السابقة، وتم وضع مقترح لنحو 17 هدفاً، و169 غاية، اتُفق على اعتماد تنفيذها خلال 15 عاماً المقبلة، والآن يتم التفاوض على هذه الأهداف بشكل نهائي، لكن هناك أيضاً يجب الاتفاق على آلية لتحقيق هذه الأهداف، وكيف نموّل تحقيق هذه الأهداف؛ لأن الدول إذا اتفقت على تنفيذها ستواجه مشكلة في تحديد من ينفذ ومن يموّل آلية التنفيذ، ولذلك هناك لقاءات دولية عدة خلال العام الجاري، سيتم عقدها من الآن وحتى مؤتمر القمة العالمي في شهر سبتمبر/ أيلول المقبل، منها اجتماع أديس أبابا حول تمويل التنمية المستدامة، وستكون هناك نقاشات عن كمية التمويل، وبماذا تلتزم دول العالم من دخلها الوطني للتمويل، سواءً أكان التمويل المحلي أم الدولي، ولذلك يعتبر منتدى التنمية المستدامة في البحرين من اللقاءات التي ستبلور موقفاً عربيّاً موحداً للمطالبة بوضع آلية تمويل وكميتها لتحقيق هذه الأهداف. إلى جانب ذلك هناك مؤتمر عالمي آخر، وهو المؤتمر العالمي للتنمية المستدامة، والذي سيُعقد في شهر يونيو/ حزيران المقبل، وهو يأتي لوضع أولويات التنمية المستدامة العربية على طاولة البحث، وعلى طاولة الأجندة العالمية، فيجب ألا تغفل الأجندة العالمية أن هناك أولويات إقليمية في المنطقة العربية يجب أخذها في الاعتبار عند الاتفاق على الأجندة العالمية. وهناك أيضاً اجتماع القمة الذي سيعقد في شهر سبتمبر المقبل، ونأمل أن يحصل اتفاق على أجندة التنمية ما بعد العام 2015، إلى جانب مؤتمر المناخ الذي يُسمى «كُب 21» في باريس حول تغير المناخ والتزامات الدول بتخفيض الانبعاثات، ونأمل أن يكون هناك اتفاق دولي جديد حول التزامات الدول المتقدمة والنامية. ألا تعتقدون أن التطورات التي حصلت خلال الأعوام الخمسة الماضية فرضت تحديات جديدة لتحقيق التنمية المستدامة على مستوى الوطن العربي بشكل خاص والعالم عموماً؟ بالفعل، هذا موضوع مؤلم للجميع، وكانت الجلسة الأولى لمنتدى التنمية المستدامة عن النزاعات والصراعات، وعدم الأمن والأمان وتأثيره على التنمية المستدامة، واتفق الجميع على أنه لا تنمية سواءً مستدامة أو غير مستدامة بوجود الصراعات والنزاعات، وأن تحقيق التنمية المستدامة يؤثر على التقليل من هذه النزاعات، لأنه في نهاية الأمر الإنسان بحاجة إلى أمن وحرية وحقوق، سواء في التعبير أو الحصول على لقمة العيش، والحصول على المياه والطاقة، وهذه حقوق مبدئية يجب أن يحصل عليها الإنسان. كما أن هناك تحديات أخرى تتمثل في الاحتلال الأجنبي للأراضي العربية، وخصوصاً في فلسطين، وكيف تسعى دولة مستقلة مثل فلسطين لتحقيق التنمية المستدامة لكنها تحت الاحتلال منذ 70 عاماً، وقد اتفق الجميع على ضرورة وضع خطط استراتيجية جديدة تحقق العدالة المجتمعية، سواءً في الحصول على الدخل أو الغذاء، ومشاركة القطاعات المختلفة في صنع القرار، بحيث يشعر الناس بأنهم ليسوا مهمشين، وأنهم جزء من الاستراتيجيات الوطنية في تحقيق تنميتهم. ألا ترى أننا بحاجة إلى إصلاح ما أنتجته النزاعات والحروب في المنطقة العربية، قبل البدء بعملية التنمية المستدامة؟ - أنا أختلف معك في أن هناك شيئاً قبل شيء، كل شيء يجب أن يسير معاً، إذ لا يمكن التحدث عن التنمية المستدامة دون الحديث عن المأسسة والمؤسساتية، وهيكلية العمل، سواءً الوطني أو الإقليمي، فالتنمية المستدامة تتقاطع مع قطاعات مختلفة، منها الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، والقطاع الخاص، وكل قطاعات المجتمع المحلي، وهذا مفهوم واضح وجميل، لكن كيف تؤسس هذا العمل وتحقق الاستراتيجيات؟ يجب العمل على إعادة هيكلة القطاعات المشتركة، والعمل الوطني المشترك، ويجب أن تُمأسس دور القطاع الخاص، إذ يجب أن يكون له دور في عملية التنمية المستدامة الشاملة. وأعتقد أن هناك ترابطاً بين مختلف القطاعات، ولا يمكن الحديث عن قطاع بمعزل عن القطاع الآخر، وهذه عملية متشابكة، لكنها ليست صعبة، وهناك تجارب دولية وعربية تؤكد إمكانية وضع الاستراتيجيات المستدامة التي تؤمن الحقوق الإنسانية بطرق سليمة تشمل كل القطاعات، وتحقق كل الأهداف المرجوة. قد يصعب على الإنسان البسيط تحديد مفهوم التنمية المستدامة، وهو مصطلح يتردد كثيراً، فكيف تبسّطون هذا المفهوم للمواطن العادي؟ - يمكن أن نصوّر مفهوم التنمية المستدامة في إبريق الشاي الذي فيه ماء يغلي، وأنت بحاجة إلى شرب الشاي، وتسكب من الإبريق في إناء معين، فإذا استمررت في شرب الشاي من دون أن تزيد الكمية الموجودة في الإبريق، ستنفد كمية الشاي ولن يكون هناك شيء في الإبريق، وهذا هو مبدأ التنمية المستدامة، وهو لا تستهلك أكثر من قدرة الإبريق على إعادة التعبئة، بمعنى أن الشخص يعلم بأنه يجب عليه شراء كمية من المياه كل يومين، وبالتالي لا يستهلك إلا القدر الكافي حتى تكفي لهذين اليومين. وهذا ما يحصل مع الموارد الطبيعية وكميات المياه، وهو ما يحتم علينا استهلاك المياه والموارد الطبيعية بطريقة صحيحة، وبالكميات التي نحتاج إليها فقط، كما يتحتم علينا البحث عن البدائل لهذه الموارد المعرضة للنضوب. وأنا لا أرضى عن نفسي أن أجلس وأتمتع بالتكييف والمواصلات والطائرات وغيرها، وبعد ذلك لا يحصل ابني على هذه الموارد والفرص؛ لأنني استخدمت كل الموارد. وبالتالي فإن مفهوم المستدامة يعني استدامة المصادر، ونتجاوز ذلك لنتحدث عن التنمية المجتمعية، وكيف يكون للمجتمع صوت في وضع السياسات، ويحدد أولوياته الذاتية، فلا يمكن لأي شخص في العالم القول إنه يعرف أولويات كل الشعوب، وبالتالي لابد من الاستماع للجميع ومعرفة أولوياتهم وأخذها في الاعتبار، إلى جانب إشراكهم في عملية التنفيذ، حتى يصبحوا شركاء وهم يمتلكون العملية ذاتها، وهو ما يحقق الكفاءة والأهداف المرجوة. أعطيتم المجال لكل شعوب العالم لاختيار أولوياتها في أهداف التنمية لما بعد 2015، هل تعتقدون أنكم وصلتم إلى الهدف من هذه الخطوة؟ - نحن بدأنا في الأمم المتحدة بعملية إشراك كل من لديه صوت، ومن نستطيع الوصول إليه في هذه العملية، وكان هناك تسجيل إلكتروني، إلى جانب أوراق مطبوعة وذهبنا بها إلى أماكن عدة، وفي البحرين أيضاً زرنا مجمعات تجارية، والهدف من ذلك فعلاً ليس الوصول إلى كل شخص فقط، لكن إطلاق حملة توعوية بأهمية المشاركة المجتمعية، ومشاركة الناس، ونحن وصلنا إلى مليوني صوت بالتعاون مع الشركاء المحليين ومؤسسات أهلية، لكن نتوقع أن مشاركة المليوني شخص كان لها أثر تفاعلي مع عدد أكبر قد يكون 50 مليون شخص، بسبب الحملات التوعوية، وبالتالي أصبح الناس يعون أهمية مشاركتهم في صنع القرار، وهذا ما كنا نهدف إلى الوصول إليه، وكيف يستطيع الناس المشاركة في وضع هذه الأولويات.