استكمالاً لما بدأناه قبل أسبوعين بعث لي صديق بقصة الأعرابي الذي دخل على سليمان بن عبدالملك فقال (يا أمير المؤمنين، إنه قد أحاط بك رجال أساءوا الاختيار لأنفسهم، ابتاعوا دنياهم بدينهم، ورضاك بسخط ربهم، خافوك في الله تعالى، ولم يخافوا الله فيك، فلا تأمنهم على من ائتمنك الله عليه ، أنت مسؤول عما اجترحوا وليسوا بمسئولين عما اجترحت، فلا تصح دنياهم بفساد آخرتك، فإن أسوأ الناس من باع آخرته بدنيا غيره) . إن كل مسؤول بقدر استطاعة تحمله ولا يخلو أحد من المسؤولية مهما قلّت منزلته في المجتمع وهذا ما أكده سيد البشر عندما قال؛ (كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته) فالمسؤولية تجعل للإنسان قيمة في مجتمعه وتكسبه الثقة والإعتزاز به فضلاً عن أنها تجعل بنيان الدولة قوياً غير قابل للتصدع عند التعرض للمحن والكوارث لا قدر الله. تبدأ المسؤولية وأمانة حملها من البيت ممثلاً في الأبوين أومن يقوم مقامهما في حالة غيابهما ثم المدرسة ممثلة في المعلم والموجه والمرشد الطلابي وإدارة المدرسة ثم رجال الأمن بكل قطاعاتهم وتعدد مهامهم ومسؤولياتهم ورجال القضاء بصفتهم حراس العدل وكل المؤتمنين على صحة الناس ورجال الثقافة والإعلام والفكر بصفتهم حراس الفضيلة وغيرهم مما لا يتسع المجال لذكرهم. ولعلنا نذكر ماقاله سيد البشر للصحابي الجليل أبي ذر : يا أبا ذر، إنك ضعيف وإنها أمانة، ,إنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها . وعلى المستوى الأسري فإن الأسرة هي نواة المجتمعات فإنه لما يؤسف له أن تصل نسبة الطلاق في السنوات الأخيرة والتي تراوحت في بعض المدن من 21% إلى 39 % وهو مؤشر خطير ينذر بضياع الأمانة والمسؤولية وينذر بضياع الأطفال وحتى البالغين ولنا أن نتصور كيف يتربى هؤلاء في اسر بديلة أو مؤسسات أخرى وهيهات هيهات أن تتساوى الرعاية فضلاً عن ما يحدثه الطلاق من شروخ وآلام نفسية يعلم الله بها، وعلينا أن نتقي الله في أنفسنا وأن لا نتخلى عن مسؤولياتنا ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب إنها مسؤولية الفرد نحو مجتمعه. Qadis@hotmail.com