يجري التحضير منذ أشهر لعملية الموصل، وتُقصف مواقع «داعش» فيها، لكن العملية الكبرى تبدأ خلال اليومين القادمين [بدأت في 17/10/2016]، لطرد «داعش» من المدينة. واجتماع رؤساء أركان جيوش دول التحالف عقد سريعاً في أميركا من أجل بحث الأوضاع. وشارك رئيس الأركان التركي، خلوصي أكار، في الاجتماع الذي أبرمت فيه اتفاقات مهمة، وقضت بالاتفاق بالموافقة على بعض المقترحات والطلبات التركية، وأجازت مشاركة البيشمركة وقوات حرس نينوى (قوات أثيل النجيفي) في القتال: في إمكان قوات نينوى دخول المدينة أثناء تحريرها وبعده، ويدخل نحو الف وخمسمئة مقاتل من القوات هذه المدينة، وينتشر الف وخمسمئة مقاتل منها خارج المدينة لتقديم الدعم. وسيدخل قسم من قوات البيشمركة الى المدينة، ويبقى القسم الآخر منها خارجها. ولقي الاقتراح التركي القائل بـ «حصر مشاركة قوات «الحشد الشعبي» بخارج الموصل ومنعها من دخول المدينة»، تأييداً قوياً في الاجتماع. بالتالي في الإمكان القول أن الاتفاق يحول دون وقوع مجازر طائفية في حق أهل المدينة السنّة على يد ميليشيات الحشد الشيعية. وعملية الموصل وثيقة الصلة بمصالح تركيا على مستوى أمن الحدود والأمن القومي. فإذا تدفق عشرات الآلاف من أهالي الموصل لاجئين الى تركيا، اختل أمن حدودنا. فمن سيندس في صفوف اللاجئين، ألا يسع مقاتلي «داعش» أن يتسللوا بينهم أو إرهابيي حزب «العمال الكردستاني»؟ وماذا لو فجر «داعش» سد الموصل؟ ثم لماذا يكون لبريطانيا وفرنسا الحق في أن تعبر جيوشهما آلاف الكيلومترات لتقاتل في العراق، بينما ينكر على تركيا الجارة الحق نفسه؟ وثمة مسألة مدارها على التركمان. فماذا لو تعرض تركمان تلعفر لمذابح على يد «الحشد الشعبي»؟ فمرابطة قوات الجيش التركي في معسكر بعشيقة هي ضمانة حماية للتركمان. ومعركة الموصل كذلك وثيقة الصلة بحزب العمال الكردستاني. فكما صقلت أو لمِّعت صورة قوات الدفاع الكردية وقوات «سورية الديموقراطية» في سورية عبر الزجّ بهما لمحاربة «داعش» في سورية، يُقدم الدعم في العراق لحزب العمال الكردستاني الإرهابي ويُحض على قتال «داعش» في الموصل. وفي تركيا تلقى التنظيم ضربة قوية، وقطعت طرق تسلله من العراق، وفقد عدداً كبيراً من كوادره المدربة في القتال. ووجه قائده العسكري قره يلان تعليمات تقضي بالنأي بالكوادر المدربة عن القتال والزج عوضاً عنها بالشباب اليافع في المعارك. فعدد الكوادر المدربة التي بقيت على قيد الحياة تراجع، وهو تراجع خطير. وفي مرحلة يبدو فيها التنظيم هذا («الكردستاني») مهدداً بالتشتت، يتلقى رسائل من واشنطن تقول له «أن له دوراً عسكرياً في المنطقة وعليه أن يرصّ صفوفه». وهذه رسالة تنعش آماله وتشحذ هممه، كما فعلت واشنطن مع «الكردستاني» في سورية. ورصدت أنقرة زيادة في عدد زيارات الأميركيين الى جبال قنديل حيث مركز قيادة التنظيم الإرهابي التي تدير أذرعه التركية والسورية والعراقية. وهذه الزيارات والتصرفات كانت وراء مخاطبة الرئيس أردوغان واشنطن بالقول: «عليكم أن تحددوا مَن حليفكم في المنطقة، تركيا أم حزب العمال الكردستاني». وقال أردوغان إنه إذا لم تنجح خطة تركيا للمشاركة في معركة الموصل، ففي جعبتها خيارات بديلة منها الخطة باء والخطة جيم، من دون أن يفصح عن محتواهما. ورأى بعضهم أن تركيا قد تلجأ الى إجراء انتقامي فتغلق قاعدة إنجرليك، لكن مثل هذا الإجراء لن يتخذ. والخطة باء مفادها حصول تركيا على دعوة من مسعود بارزاني للمشاركة في العمليات. فهو رئيس اقليم، وله ثقله السياسي ويشارك بقوة في العمليات. أما الخطة جيم فمدارها توجيه العشائر العراقية، بواسطة أثيل النجيفي، في الموصل دعوة الى القوات التركية للمشاركة. فاستنجاد العشائر العراقية بنا هو ذريعة قوية لانتشارنا هناك. فنحن من دربنا قوات أثيل النجيفي بطلب من بغداد وهي إذا استغاثت بنا فالأوْلى أن نلبيها وننجدها. هذه هي خطط تركيا، ولكن، الى اليوم، الآمال معقودة على نجاح الخطة الأولى الرئيسية من دون الحاجة إلى الخطط البديلة. * كاتب، عن «حرييات» التركية، 17/10/2016، إعداد يوسف الشريف