بعد ساعات من انطلاق معركة الموصل التي تستهدف التخلص من تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) المسيطر على مدينة الموصل العراقية منذ سنوات، انطلقت العديد من التخوفات من ارتكاب ميلشيات شيعية مجازر بحق السنة. الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة الدكتور يوسف القرضاوي، حذر الحكومة العراقية من اتخاذ الحرب على "داعش" تكأة للتطهير العرقي لأهل السنة، في مدينة "الموصل"، شمالي البلاد. وانطلقت، فجر اليوم الإثنين، معركة استعادة مدينة الموصل، شمالي العراق، من تنظيم "داعش" ، بمشاركة 45 ألفاً من القوات التابعة لحكومة بغداد، سواء من الجيش، أو الشرطة، أو قوات الحشد الشعبي (غالبيتها من الشيعة)، أو قوات الحشد الوطني (سنية). وأحرزت القوات العراقية تقدما من جهة الشرق، وعلى الفور عبرت الأمم المتحدة عن "قلقها" حيال كارثة تحيق بنحو 1,5 مليون شخص يعيشون في الموصل. وحذرت مسؤولة رفيعة في منظمة الأمم المتحدة من بدء نزوح أعداد كبيرة من السكان خلال أقل من أسبوع. وشدد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين في بيان له الإثنين على ضرورة "عدم مشاركة الميليشيات الطائفية" في المعركة، محذراً من مغبة "تأجيج الصراع الطائفي بين مكونات الشعب العراقي". الاعتداء على مدن السنة وقال الاتحاد إنه "يستنكر تكرار الاعتداء على مدن أهل السنة في العراق خاصة"، محذراً من استهداف "دمائهم، وأعراضهم، وحرياتهم، وممتلكاتهم، وبنية مدينتهم التحتية". وقال في هذا الصدد :"ما يزال شبح ما حدث لمدن السنة في العراق قبل ذلك ماثلا، من ممارسات طائفية آثمة، وقتل وتعذيب، وتدمير وتهجير، ونزوح الأعداد الهائلة بلا طعام أو شراب أو مأوى، وهو ما نخاف أن يتكرر في مدينة الموصل الحبيبة". وطالب الاتحاد الحكومة العراقية "بالكف عن استهداف المكون السني بالعراق، والحفاظ على الأرواح والممتلكات، وألا تكون الحرب على داعش تكأة للتطهير العرقي لأهل السنة بالعراق". وحذر من "القصف العشوائي للمدنيين أو اتخاذهم دروعاً بشرية، واستهداف الأبرياء الذين لا ذنب لهم". وطالب الاتحاد "بالكف عن الانتقام من أهل المدينة، بحجة كونهم حاضنة شعبية لتنظيم الدولة، فالتنظيم لا يستشير المدنيين من أهل المدينة عند الاستيلاء على المدن". مخاوف السنة ويخشى السنة الذين يشكلون أقلية في العراق ذي الغالبية الشيعية، دخول قوات الحشد الشعبي التي يغلب عليها الشيعة والمدعومة من إيران الداعمة للحكومة، إلى المدينة، ما يعني إمكان حصول مواجهة سنية شيعية أو أعمال انتقامية. وفي هذا السياق، جدد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الإثنين خشيته من أن ترتكب مليشيات شيعية عراقية "مجازر" في الموصل. وقال في لندن "نعارض أي مشاركة للمليشيات الشيعية. لقد ارتكبت فظاعات جماعية حين دخلت الفلوجة توجتها بدفن 400 شخص في مقبرة جماعية". وبحسب عقيد في شرطة محافظة الانبار فقد عثر على مقبرة جماعية في 5 حزيران/يونيو تضم "نحو 400 جثة لعسكريين وبعض المدنيين". وأضاف الوزير السعودي "إذا دخلت (المليشيات الشيعية) الموصل وهي مدينة أكبر بكثير من الفلوجة، فإني أتوقع رد فعل معاد جداً. وإذا ارتكبت مجازر، فسيخدم ذلك المتطرفين والذين يجندون لداعش". أعلام شيعية وأوقفت قوات البيشمركة (جيش الإقليم الكردي شمال العراق)، قوات عراقية تابعة للحكومة المركزية (بغداد)، ومنعتها من العبور إلى جبهة بعشيقة شمال شرقي الموصل بمحافظة نينوى بسبب رفعها رايات شيعية. واشترطت قوات البيشمركة الكردية اليوم الإثنين 17 أكتوبر/تشرين الأول 2016 على القوات العراقية، إزالة الأعلام والرايات الشيعية التي ترفعها على مدرعاتها للسماح لها بالعبور إلى جبهة بعشيقة. ولم تتمكن قوات الحكومة المركزية من العبور إلى جبهة بعشيقة إلا بعد إزالة جميع الأعلام، بحسب ما أفاد مراسل الأناضول. معركة طويلة وتفيد تقديرات أميركية أن عدد المسلحين في المدينة يتراوح بين 3500 وأربعة آلاف شخص وقد أمضوا أشهراً طويلة في الاستعداد لهذه المعركة. وقال القائد الجديد للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش اللفتنانت جنرال ستيفن تاوسند، إن عملية استعادة ثاني مدن العراق "ستستغرق أسابيع ومن الممكن أكثر من ذلك". وتابع مؤكداً أن القوات العراقية "ستنجح تماماً كما فعلت في بيجي والرمادي والفلوجة وفي الآونة الأخيرة في القيارة والشرقاط".