ذكرى أليمة اذا تفكر المرء في أحداثها ووقائعها والحوادث التي مرت في مداها، يبقى حائراً من اين يبدأ وكيف يسير في افكاره وفي ذكر سلسلة اهوال يوم عاشوراء. انه يوم تجلت فيه معاني الإباء ونور الحرية الحمراء التي لا تدق الا بكل يد مضرجة بالدماء الأبية. الإمام الحسين عليه السلام توجه بأهله وكوكبة من اصحابه لمواجهة الظلم والظالمين، سار الى كربلاء ورحاب الفضاء تترنم باهزوجة الطرماح. يا ناقتي لا تجزعي من زجري وامضي بنا قبل طلوع الفجري في خير ركبان وخير سفري آل رسول الله آل الفخري يا مالك النفع معا والضري ايد حسينا سيدي بالنصري وقف أبو الاحرار في صحراء كربلاء يعظ القوم... لم اخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولكن خرجت لطلب الاصلاح في أمة جدي، فلم تصغ آذان القوم بل صمت قلوبهم ولم تمل لهداية، تبا لهاتيك القلوب القاسية. حوصر ابو الأحرار عليه السلام، هو واصحابه واهل بيته وعياله ومنعوهم من الماء، وهو الذي كان كريماً معهم حينما امتلك الماء فقدمه لهم حتى جيادهم لم يذرها عطشى. ما اسمى الروح الكريمة وما احسن القربى الى الله وما أروع انسانيتك يا سيدي يا ابا الشهداء اردت ان تستسقي لطفلك، فمنعوه عن الماء فصبرت وتلقيت سهامهم حتى اردوه بين يديك قتيلاً. ما اروع ايباءك يا سيدي وما أجمل صبرك. قتل جميع اصحابك بين يديك فصبرت وكذلك ابناؤك واخوتك وهم ينطقون هيهات منا الذلة. سيدي يا ابا عبدالله سطرت للدنيا معنى الكرامة ومفهوم العزة وسمعة الإباء. فنهج نهجك كثير من المصلحين والمفكرين وكلهم يقرون بأنهم كانوا مظلومين فتعلموا منك كيف ينتصرون. يا سيدي يا أبا الشهداء، لم يسلم آل بيتك الاطهار من السبي بعد استشهادك فواجهوا الظلم والاستبداد بالصبر والمنطق والاشارة الى طريق الخير ونبذ الشر. هذا ولدك زين العابدين، وهو يبرهن بالتي هي احسن بأن الصبر هو سبيل المؤمنين، واما اختك زينب فناضلت وجاهدت وتشاطرت هي والحسين بدعوة. كتب القضاء عليهما ان يندبا هذا بمشتبك النصول وهذه في حيف معترك المكاره في السبا سيدي يا ابا عبدالله لم تزل القلوب القاسية والافكار البالية تضرب في الدنيا يمنا ويسرا فها هم يفجرون ويقتلون الابرياء الآمنين في مساجدهم وأسواقهم ومنتدياتهم ويقتادون النساء اسرى الى اسواق النخاسة وعادت اليهم جاهليتهم بل عملوا اكثر مما عملت الجاهلية. وضعوا عباد الله في اقفاص فأحرقوهم وهم في تلك الاقفاص ديدنهم الفوضى وسبيلهم العمى والابتعاد عن منابع النور وسبل الهدى، لا يصغون الى قول ربهم جل شأنه ولا إلى هدي نبي الانسانية صلى الله عليه وآله وسلم. سيدي يا ابا الاحرار السلام عليك في هذا اليوم وفي كل يوم تطلع فيه الشمس والسلام عليك وعلى المستشهدين بين يديك وعلى جميع الشهداء الذين ضحوا بمهجهم دون الدين القويم الذي جاء به رسول الإنسانية رحمة للعالمين. وصدق الأديب السيد علي الشامي حيث يقول في بعض روائعه: ألا يا أيها المجد فابك حسينا قضى واحدا بين الرماح يخوضها هو اليوم عملاق تسامى لحنه ليسكت جرذانا تدق طبولها وهذا ابن ام البنين غدا عازماً لنصرة امه الزهراء حيث يغيثها لنصر ابنها سبط الحبيب محمد رنين الوفاء لها وحيث يجيبها أدافع عن ديني فتلك سفينة أقود مسيرها والكتاب حميمها إمامي حسين والمسالك جمة ولي في رضا الله والامام سبيلها وما أنا والموت إلا عشيق محبه هي الحسنى أعانقها فتلك أرومها لأسقي عطاشى قد تفاقم بؤسها أفك الحصار لتروى بطونها ايا يا غياث الخيام النائحات تحرك للطغاة وهز عروشها مياه الفرات تحن اليك غوثا لتسقي الصبايا حيث هاجت دموعها