ينتظر أن تصدر السلطات التركية اليوم أو غدا «مذكرة حمراء» عبر الإنتربول الدولي تطلب توقيف «المشتبه به» فتح الله غولن، الداعية التركي المقيم في الولايات المتحدة الذي تتهمه أنقرة بتأسيس «كيان مواز» داخل مؤسسات الدولة التركية يهدف إلى قلب نظام الحكم القائم. وتطلب المذكرة من كافة الدول «القبض على المشبوه حال معرفتها بوجوده على أراضيها فورا وتسليمه إلى بلاده». وأكد مصدر رسمي تركي لـ«الشرق الأوسط» أمس، أنه لا يوجد ما يمنع إصدار «المذكرة الحمراء» بحق غولن بعد قرار الاعتقال الذي أصدرته محكمة الجزاء في إسطنبول السبت الماضي. وقال المصدر بأن وزارة العدل التركية لم تتسلم بعد المذكرة لبدء الإجراءات الرسمية الهادفة إلى توقيف «المشتبه به» لسوقه أمام القضاء والتحقيق معه في القضايا المنسوبة إليه. وأوضح المصدر أن السلطات التركية دعت غولن أكثر من مرة إلى المثول أمام القضاء والاستماع إلى أقواله، لكنه امتنع عن ذلك، فلم يترك أمام المحكمة والنيابة العامة إلا اتخاذ الإجراءات الرسمية المتبعة. وفي المقابل، قال مصدر في جمعية «خدمة» التي يرأسها غولن لـ«الشرق الأوسط» بأن الجمعية تتوقع تصعيدا أكبر قد يتمثل في نهاية المطاف بحظر نشاطاتها، لكنه أكد أن الجمعية متمسكة بموقفها «الحضاري الحواري»، متحديا «أيا كان أن يثبت أن لها علاقة بتنظيمات إرهابية»، كاشفا عما قال: إنه «محاولات كثيرة من قبل البعض لتوريط بعض أعضاء الجمعية وحمل السلاح إلى مقراتها بغية الإيقاع بها، لكن هذه المحاولات فشلت». وقال المصدر إن توجه الحكومة التركية لواشنطن لتسليمها غولن رسميا بمذكرة حمراء من الإنتربول من شأنه «أن يضع العلاقات بين تركيا والولايات المتحدة أمام امتحان حقيقي». في السياق نفسه، اتهم رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو أمس الاتحاد الأوروبي بشن «حملة قذرة» ضد تركيا بانتقاده الاعتقالات الأخيرة. وحسب وكالة الصحافة الفرنسية، ندد داود أوغلو في مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم في أنقرة ببيان للاتحاد الأوروبي اعتبر أنه يمثل «بداية حملة قذرة ضد حكومتنا». وقال: إن الاتحاد الأوروبي يشن «حملة تشهير ضد حكومتنا وبلدنا». وانتقد مسؤولون كبار في الاتحاد الأوروبي قبل أسبوع الحملات التي تشنها الشرطة التركية وتستهدف أساسا صحافيين معتبرين أنها تتعارض مع «القيم الأوروبية» التي يفترض أن تحترمها تركيا التي تتطلع إلى الانضمام للاتحاد الأوروبي. كما شدد الاتحاد الأوروبي الثلاثاء اللهجة حيال تركيا التي اتهمها بالمساس بحرية الصحافة وذكرها بأن تقدم مفاوضات انضمامها إلى الاتحاد يتوقف على احترام القواعد الديمقراطية. بدوره، أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن التوقيفات والتحقيقات الأخيرة التي شهدتها تركيا بحق عناصر منتمية لـ«الكيان الموازي» «تمت بمعرفة جهات قضائية اتخذت قرارات التوقيف والاعتقال»، مشيرا إلى أن «القانون يخول تلك الجهات التحقيق كيفما تشاء مع أي شخص في هذا الخصوص». ورأى أن «الجهات القضائية لها الحق في التحقيق مع أي شخص في أي قضية، ولها الحق في إصدار نشرات حمراء لإحضار أحد المطلوبين من الخارج، وعلى الدولة أن تنفذ المطلوب منها بحكم القوانين، بعد صدور تلك القرارات». ولفت الوزير التركي إلى أن «هناك بعض الجهات التي تحاول تصدير وجهة نظر للرأي العام المحلي والدولي مفادها أن هناك أزمة قضائية في تركيا»، مضيفا: «وكأنهم يقولون: إن القضاء في تركيا يعيش أزمة، وليست له سيادة مستقلة، ويريدون أن يقولوا أيضا أن كل الصحافيين ملقى بهم في السجون». وشدد جاويش أوغلو على استقلالية القضاء في تركيا وحياده، وسيادة القانون، مشيرا إلى أن القضية الأخيرة يحقق فيها من قبل المحكمة، وهي التي ستقرر بعد حقيقة ما نسب إلى الموقوفين من اتهامات. لكن كمال كليتشدار أوغلو، رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركية، انتقد قرار الاعتقال الذي صدر أول من أمس بحق غولن، على خلفية التحقيقات التي تجريها حاليا المحكمة في قضية «الكيان الموازي». وقال «لو كانت هناك سيادة للقانون في مكان ما لما كان لأحد أن يعترض على التحقيقات التي تجري بشكل قانوني، لكن ارتكاب أشياء واتخاذ إجراءات بهدف الانتقام البحت أمر غير صائب». ولفت إلى أن حزبه «لم يقم في أي وقت من الأوقات بالدفاع عن متهم محتمل، ولم ينتقده»، مشددا على ضرورة سيادة القانون لضمان الحقوق. وشهدت أنقرة أول من أمس اشتباكات واعتقالات خلال مظاهرة في أنقرة طالب خلالها المعلمون باحترام علمانية التعليم في تركيا وعدم السماح للتيارات الدينية بالسيطرة عليه. وقالت مصادر معارضة بأن الشرطة التركية اعتقلت أكثر من مائة معلم. واحتج أكثر من سبعمائة معلم على خطط رئيس الجمهورية رجب طيب إردوغان لإدراج دروس عن تركيا العثمانية ولغة الإمبراطورية القديمة وجعلها مواد إجبارية للطلاب.