يبدو أن الاضطرابات التي تعيشها 4 دول عربية، وهي :اليمن، والعراق، وسوريا، وليبيا، تجاوزت ما يمكن الاصطلاح عليه بـ المفهومين السياسي والأمني، إلى ما هو مرتبط بشكل غير مباشر في حضورها المعرفي خارج بلدانها، ومشاركاتها الفاعلة في معارض الكتب العربية والدولية الثقافية. حضور ضعيف قائمة الدول الـ26 المشاركة في النسخة الثانية لمعرض كتاب جدة بالنسبة المئوية توضح بجلاء مدى الحضور الضعيف والباهت لتلك الدول المضطربة، والتي لم يتجاوز سقف مشاركاتها حاجز الـ 0.04%، ما يعني أن عدد الدور التي ستمثلها اثنان فقط، تقاسمتها عراق الرافدين، واليمن السعيد، من إجمالي الدور المشاركة البالغة 507 دار نشر. وبحسب المعطيات المعلوماتية التي حصلت عليها (المسار) من الجهة المنظمة، فإن مشاركة البلدين العربيين اليمن والعراق في النسخة الماضية للمعرض والتي أقيمت ديسمبر الماضي (2015)، كانت 1%، أي أن هناك تراجعا واضحا في المشاركة بالنسخة المقبلة. العزوف الليبي وبعيداً عن بغداد وصنعاء، يطل في المشهد الثقافي العربي سؤال مركزي حيال أسباب عزوف أبرز دور النشر الليبية عن المشاركة الفاعلة عن معارض الكتب السعودية، كدار الفرجاني للنشر والتوزيع والتي تأسست في خمسينيات القرن الماضي، ومكتبة طرابلس العلمية العالمية، ودار الرواد للنشر والتوزيع، وغيرها من الدور. وتبدو الاحتمالية الواردة هنا للإجابة على السؤال السابق، بأن الأمر ليس محصوراً بمعارض الكتب السعودية فقط، بل ينسحب على المعارض العربية الدولية الأخرى، لكن ما يمكن استقصاؤه من ذلك، من خلال استعراض نقاشات المثقفين الليبيين على صفحاتهم في الفيسبوك، يتمثل في الظروف الصعبة وغير المستقرة التي تعيشها البلاد، وبخاصة عقب ثورة 17 فبراير التي أطاحت بنظام العقيد القذافي، والتي مازالت مستمرة بسبب تصارع الفرقاء، ما أدى إلى اضطراب مباشر على المستوى الأمني والاجتماعي والسياسي، ما سبب انعكاساً مباشراً على المشهد الثقافي، وزيادة كلفة سعر الكتاب في ظل غياب اقتنائه من قبل الجمهور، ما أحال العديد من دور النشر إلى إغلاق نشاطها. كما أن الدار الليبية الوحيدة التي شاركت في معارض الكتب السعودية، كانت ممثلة في المجموعة العربية للنشر والتوزيع والطباعة في عام 2012، بمعرض الرياض الدولي لتغيب بعدها عن المشهد تماماً. الدور السورية أما بالنسبة لدور النشر من داخل سورية، فإن الأمر الرسمي السعودي مازال على حاله، إذ لا يسمح لها بالمشاركة في معارض الكتب السعودية، منذ إعلان الرياض عدم اعترافها بنظام بشار الأسد، إلا أن باب المشاركة مفتوح للدور السورية التي تتخذ من البلدان الخليجية أو العربية أو الدولية مقراً لها، ورغم ذلك لم تشارك أي دار منذ النسخة الماضية لمعرض كتاب جدة. إجراءات تنظيمية هناك أسباب أخرى يمكن وضعها تحت مربع الإجراءات الإدارية والتنظيمية، والتي يمكن استقصاؤها من خلال الناشرين المنضوين تحت لافتة اتحاد الناشرين العرب، الذي سبب استمرار دور الدول المضطربة عن المشاركة في معرض جدة للكتاب المقرر عقده بين 14 – 24 من ديسمبر المقبل، والمتمثل في قيمة الإيجار المرتفعة للمتر المربع الواحد والمحدد بـ 200 دولار أمريكي، وعدم استبدال التأشيرات التجارية بالحكومية، أسوة بمعرض الرياض الدولي للكتاب.