درجت العادة على أنك إذا أردت أن تقلل من أهمية وعود أو التزامات أحد أن تصف ذلك بأنه كلام مجالس، ففي مجالسنا يحلو الكلام وتزدهر النكات وتكثر السخريات، ومع السمر وتداول القهوة العربية يزيد الأنس ويزيد التبسط وتتشعب الأحاديث ذات الشجون، وتقلب مواضيع المسكوت عنه التي تخفيها هيبة النهار، ويبعثها سكون الليل، وتنشط المبالغات، فكل يقص قصصاً من الماضي ويدخل فيها ما جمل من تحسينات وزخارف وإضافات، ويشذبها ويزينها ويملحها ويبهرها، حتى يصبح الصدق فيها كالعظم وبقية الخيالات والإضافات من قبيل «فكسونا العظام لحما» وحتى المستمعين يعلمون ذلك ولكن لهم في المقولة «إني لا أكذب ولكني أتجمل» عذراً عن اللوم، وللمجالس «فاكهة» يتسلون الناس بأحاديثه ولا ينفضون من حوله وهم يعلمون بأن 90% من أحاديثه محسنات بديعية وطباق وجناس و«هلس فاضي بالنجدي» و«بكش بالحجازي». وحقيقة فأنا لم أنصدم من الخبر الذي نشرته صحيفة الشرق قبل عدة ايام بأن 44% من قرارات المجالس البلدية لم تنفذ، وأن 90% من طلبات المواطنين معطلة، ولم أضحك أو حتى أتعجب عندما تداولت بعض الصحف ومواقع التواصل خبر مناقشة مجلس الشورى أسباب عدم تفقيس بيض الحبارى بالمحميات، ولم ولن أحس بشيء من القهر وحرقة المعدة أو قرحتها عندما أسمع أو أقرأ آراء «القنيبط» عن مجلسه السابق، وقس على ذلك أي ترهات أو وعود أو قرارات من المجالس الأخرى بلدية كانت أو غرفاً تجارية أو حتى أندية رياضية وأدبية، لأنها مرتبطة لدي بالصورة الذهنية للمجالس الشعبية واعتقادي أنها امتداد تاريخي لها فهي مجالس تفكه وتبسط وهلس «فاضي وبكش».