حين هاتفتني معلمة واستمعت لشكواها كنت أفكر فقط في هذه الفئة من الإدارات المتسلطة التي لم تحسن الإمساك بزمام الأمور فجنحت نفسها إلى استغلال السلطة في التعدي على مرؤوسيها ، لا أدري إن كانت هذه العقول يسمح لها بإدارة العمل وتطبيق النظام وهي خارجة أصلا عن حدود المهنية وروح الالتزام العادلة التي لا يسيرها مزاج سيء أو حماقات ! أعود معكم لموضوع هذه الموظفة التي تبين لي أنها تركت المدرسة وطلبت الندب إلى مدرسة أخرى بعيدة هربا من إساءات هذه المديرة غريبة الأطوار التي لم تحافظ على المهنية واحترام زمالة إدارة المدرسة الأخرى حين أقدمت على التواصل معها ومحاولة الإساءة لهذه المعلمة واشتراط طلب غريب في تقييم المعدل الوظيفي بتنقيص درجاتها ! سألتها وهل يحق لها التدخل ؟ أجابت بالرفض قطعا فالانتداب تم عاما كاملا بعيدا عنها . لم أكن ألوم المعلمة وهي تبدي الغضب والانفعال فالموقف يثير علامات الاستفهام . موقف المديرة السابقة يبنى عليه عدة تساؤلات كيف يتم ترشيح القيادات المدرسية وكيف يتم تأهيلها !؟ لا يكفي اجتياز اختبار تحريري متعارف على مضمونه سابقا لتجاوز نصف مشوار الترشيح ولا تكفي المقابلة الشخصية لتحديد كفاءة القيادة المرشحة فكما نعلم المقابلات الشفوية لا تخرج عن كونها انطباعا شخصيا يختلف من لجنة إلى أخرى تحتمل العواطف والمؤثرات الأخرى ، إذن يمكننا أن نقول أن مقاييس الترشيحات الحالية ليست دقيقة ولا تضمن أهلية القيادة وأن التعجل في تسليمها إدارة مدرسة يكون محكا حقيقيا لا يمكن التنبؤ بآثاره ونتائجه لاحقا على سير العمل ، بعض الإدارات لا تملك صفات القائد الحقيقي ووجودها في مكان مسؤول هو عبء كبير يثقل أي مكتب وإدارة تعليمية ، هذه القيادات يتم ترشيحها وتكليفها في الميدان وتبدأ مهمة التحدي وإثبات الذات. البعض ينجح ويكون جديرا بالمكان والبعض يخفق ويكون نموذجا سلبيا يتسبب وجوده في إحداث خلل في سير العملية التعليمية وبدلا من أن يساهم في خلق بيئة تعليمية جاذبة للمرؤوسين يصنع بيئة منفرة ومحبطة .. يفترض تكثيف العمل بهذه الدورات التأهيلية قبل تكليفهم بشكل رسمي فلا معنى لتدارك سقطات إدارة بحجة أنها جديدة وفي طور التأهيل ، ولا أجد مسوغا لاستلامهم كافة الصلاحيات وهم تحت التجربة الميدانية ويصعب القول أن العجز في عدد القادة الحالي وعزوف العاملين في التعليم عن الترشح للإدارة المدرسية قد يؤزم التوجهات المثلى المدركة لهذه النواحي ! أغلب مشاكل العمل مع الرؤساء تكمن في عجزهم عن التواصل الجيد مع المرؤوسين والقدرة على الإقناع ، وآسف للقول افتقادهم للرقي في الأسلوب وتعاملهم بفوقية منفرة وبتعال لا تقبله النفس السوية ، إذا كان الطالب اليوم يرفض أسلوب الشدة والصراخ ويعبر عن حقه في معاملة راقية تحترمه وتقدره ولا تقلل من شأنه أمام زملائه فماذا يمكن أن نقول إزاء معلم يؤدي رسالته في جو خانق من تسلط مدير أو من معاملة لا تحترم قدره وتعمل على تهميشه وتحيل بيئة العمل إلى تحزبات مقيتة تفتح المجال للقيل والقال! كم يحتاج الميدان التعليمي إلى دراسات بحثية تتناول الشكاوى التي أجزم أن مكاتب التعليم والإدارات قد امتلأت بها ! دراسات يمكن لها أن تلمس جوانب القصور فيستفاد منها في تحسين العمليات الإدارية في المدارس.