خيري منصور لم يكن بيريز أول الرواد الحالمين بالمشروع الصهيوني في فلسطين ولن يكون آخرهم أيضاً، رغم أن الثالوث شامير وشارون ونتنياهو جميعهم حلموا بما يسمى الريادة الثانية لحقبة ما بعد الصهيونية. ونجد مثل هذا الهاجس في مذكراتهم. ومصطلح ما بعد الصهيونية يبدو ملتبساً لأنه لدى البعض يعني نهايتها، لكنه لدى آخرين يعني تمديد صلاحيتها وإن كان لمن يسمون المؤرخين الجدد بدءاً من بني موريس حتى شلوموساند يقرؤون الصهيونية بطريقتهم وهي لا تروق للمؤسسة العسكرية في تل أبيب. ومن قرأوا كتاب بيريز عن الشرق الأوسط الجديد بدءاً من المقدمة التي روى فيها قصة أوسلو واحتفاله لأول مرة بعيد ميلاده بعيداً عن أسرته، لا بد أنهم لاحظوا أنه قدم تعريفاً للشرق الأوسط يحذف دولاً ويضيف أخرى. ومن أحلامه أن تكون الدولة العبرية ضمن الجامعة العربية. وبيريز كما يسمى في الأوساط الأكاديمية في تل أبيب هو مهندس المشروع النووي والحريص على إبقاء هذا المشروع طي الكتمان لأنه كما قال قبل نصف قرن فإن الغموض الذي يحيط بالجعبة النووية في ديمونة يضاعف من خوف العدو، وربما لهذا السبب كانت عقوبة فاعنونو كاشف أسرار تلك الجعبة بالغة القسوة إذ أعيد إلى السجن مرة أخرى بعد أن قضى في الزنزانة سبعة عشر عاماً! واقترن اسم بيريز بمجزرة قانا التي كانت أحد الأسباب لعدم تجديد مهمة بطرس غالي كأمين عام للأمم المتحدة. وقد يكون بيريز آخر هؤلاء الذين وصفوا بالرواد، لكن من سوف يعقبونه سيواصلون الحلم كما قلنا بالريادة الثانية، أو استكمال حرب الاستقلال حسب المعجم العبري الذي لا يمكن ترجمته كما يقول يوري أفنيري!