الحديث عن تمكين الشباب من قيادة المرحلة لا يساق من باب الترف.. نحن نعيش في بلد يشكل فيه الشباب 60% من إجمالي عدد السكان.. ربع هؤلاء يعيشون في العاصمة الرياض وحدها.. من السذاجة تفريغ المؤسسة الإدارية من الخبرات.. الشباب دون خبرات تساندهم يتحولون إلى أدوات بدائية.. لكن الاستغناء عن الشباب بمثابة الانفصال عن الواقع! تقلق أحياناً أن تترك ابنك الشاب يقود مركبة ويسافر عبر طريق طويل دون خبرة.. تلاحقه بالاتصالات حتى يصل إلى المقصد.. لكن؛ حينما تسافر معه.. تجلس بجواره.. بعد فترة من الوقت تشعر بالاطمئنان.. ربما تنام وتتركه يقود السيارة.. حتماً لم تكن تصل إلى هذا الشعور لولا اطمئنانك على سلامته، وسلامتك، وسلامة الركاب، والمركبة. هذه بادرة حتمية.. مشاركة إيجابية..أنت تفتقد الحيوية وعدم القدرة على استيعاب الطريق.. وابنك الشاب يفتقد الخبرة.. الحالة هنا انتقلت من "صراع الأجيال" إلى "تناغم الأجيال"! حالة تكاملية.. حتى الصورة السلبية تجاه هذا الشاب تبدلت من الخطورة والتهور، إلى "فرصة" ثمينة لاستغلال قدراته وحيويته للوصول إلى الهدف بسلام. أدرك أن هذا كلام نظري.. لكن الواقع يقول إننا نستطيع تطبيقه بسهولة.. نحتفظ بالوزير كخبرة مطلوبة.. ونحيطه بالشباب.. ما الذي يمنع أن يكون وكلاء الوزارة دون سن الخمسين.. ورؤساء الأقسام في مصالح الدولة دون سن الأربعين.. ما الذي نخشاه.. في الأمس القريب نقلت وكالات الأنباء أن رئيس الحكومة الإيطالية الجديد لم يبلغ الأربعين حتى الآن! عموماً نحن لسنا في جامعة أو معمل أبحاث يعتمد على الخبرة دون غيرها.. نحن أمام جهات إدارية تتخاطب وتتقاطع مع مجتمع تجاوز شبابه نصف العدد الإجمالي للسكان، وبنسب نمو مرتفعة! هناك من يقول إن الصراع قائم على أشده بين جيلين .. جيل ينتظر الفرصة منذ سنوات طويلة وليس لديه الاستعداد للتفريط فيها حينما اقترب منها.. وجيل شاب محمل برؤى جديدة ولغة مختلفة لكنه يفتقد الفرصة والثقة بقدراته .. أعتقد أن الأمر بحاجة إلى مبادرة شخصية.. هكذا اعتدنا في بعض القضايا!