أوقفت العديد من شركات ومكاتب المقاولات الكبيرة تعاقداتها مع أصحاب المشاريع المتوسطة، مكتفية بالمشاريع الضخمة والأبراج، وبررت ذلك بالطلب المتزايد على إنشاء الأبراج في مدينة جدة، وحاجة المشاريع الكبيرة إلى التفرغ، مؤكدين أن هذه الخطوة ستوسع السوق وتزيد من عدد مكاتب المقاولات التي ستتولى إنشاء المشاريع المتوسطة. أكد لـ "الاقتصادية" عبد الله رضوان رئيس لجنة المقاولين في الغرف التجارية في جدة أن العديد من مكاتب المقاولات الكبيرة عزفت عن التعاقد مع أصحاب المشاريع المتوسطة التي تقل تكلفتها عن ثلاثة ملايين ريال، واتجهت إلى إنشاء القصور والأبراج السكنية مغيرة نشاطها، وحددته بالمشاريع الضخمة فقط، مشيراً إلى أن ملاك المكاتب والشركات الكبيرة بدأوا بشراء المعدات التي يحتاجون إليها في المرحلة الجديدة. وأشار رضوان إلى أن هذه الخطوة التي قامت بها الشركات الكبيرة ستوسع السوق وتزيد من عدد مكاتب المقاولات وستتوزع العقود التي كانت تنفرد بها الشركات الكبيرة وسيفتح المجال أمام الشباب لإنشاء مكاتب مقاولات وسد الفراغ بالتعاقد مع أصحاب المشاريع المتوسطة، وسيفتح المجال لزيادة عدد المكاتب وسينتج عنه طفرة كبيرة توازن أسعار الإنشاء وأسعار المواد الإنشائية التي يتضاعف عليها الطلب، معتبراً أن ما يحدث أمر طبيعي وانعكاس للطفرة العمرانية التي يمر بها القطاع. ومن جهته أبان سميح رضوان، عضو لجنة المقاولين في الغرفة التجارية، أن شركات المقاولات الكبيرة غيرت نشاطها مكتفية بإنشاء الأبراج وناطحات السحاب والقصور والمشاريع الضخمة، وأصبحت لا تقبل إبرام أي تعاقدات لبناء مشاريع متوسطة أو فلل أو قصور صغيرة، وأرجع ذلك إلى الطلب الكبير على إنشاء الأبراج وغيرها من المشاريع الكبيرة التي أصبحت تشكل التوجه الأول لكبار رجال الأعمال في ظل الطلب المتزايد على المساكن، إضافة إلى رغبتهم بتحديد نشاطاهم بالمشاريع التي تحتاج إلى التفرغ التام لإنشائها وتمنح الشركات الاكتفاء، سواء من حيث الطلب أو المكاسب، موضحا أن الشركات بدأت تشتري المعدات المناسبة واللازمة للتوجهات الجديدة في البناء، كاشفا أنه تسلم طلبا لإنشاء عشرة أبراج على كورنيش جدة سيسلمها بعد سنتين وقال: "لم يعد إنشاء الفلل من أهدافنا". وشدد على أهمية ألا تنخفض أسعار المواد الإنشائية في ظل الطلب المتزايد على الأبراج الذي يزيد بدوره حجم الطلب على المواد الإنشائية، فمثلاً الفيلا تحتاج إلى 300 كيلو من الخرسانة، بينما يحتاج البرج من 700 إلى 800 كيلو فزيادة الطلب الكبير إذا رافقها انخفاض كبير في الأسعار تدخل السوق في دوامة, مؤكدا أن استمرار الأسعار في الانخفاض يصعب الخروج منها، داعيا المتعاملين في القطاع إلى التمسك بالأسعار وترك من لم يلتزم يعاني وحدة النتائج المترتبة عليها، حيث إنهم لن يستطيعوا أن يعيدوا أسعارهم كما كانت، مبينا أن أكثر من يسعى لتخفيض الأسعار هم من يعانون قلة الطلب. وذكر المهندس محمد أبو عمارة مساعد أمين جدة للخدمات المركزية سابقاً، أن شركات المقاولات لم تعد تأبه بالمشاريع التي تصنف من ضمن المشاريع المتوسطة، وقال خلال خمس سنوات ستتغير ملامح مدينة جدة في ظل النمو الطبيعي والتوجه نحو الأبراج الذي يلحق النمو السكاني الكبير، معتبرا أن هذا التحول لا يعد مخيفاً بل طبيعي. وأرجع توجه المقاولين الكبار نحو تشييد الأبراج والمشاريع الضخمة إلى عدم رغبتهم في خوض مشكلات التحصيل المالي، وبحثهم عن الضمانات سعيا لأخذ حقوقهم أولا بأول، وأضاف كلما صغر المشروع عاني أكثر من صعوبة تعبئة الاستمارات والحصول على التراخيص وغيرها من الإجراءات، وقال بالنظر إلى إيجابيات هذا التحول لدى الشركات نرى أنه يفتح المجال الكبير للشباب الراغب في الخوض في قطاع المقاولات المضمون الربح. وطالب وزارة التجارة، ووزارة الإسكان بإيجاد تصنيف وتعريف محدد للمقاولين، وأخذ ضوابط مالية وضمانات منهم حتى تكسب العملاء الثقة في كل من يدخل ضمن التصنيف، حتى لا يحرم أصحاب المكاتب الجديد من المشاريع بسبب تخوف الناس من التعامل معهم وتوجههم للمكاتب المشهورة التي يعتبرونها مصدراً للثقة، مبيناً أن هذا التصنيف سيشكل دعماً أساسياً لملاك مكاتب المقاولات المتوسطة.