×
محافظة المدينة المنورة

خبير يطالب بإيقاف جموح أسعار العقار بالمدينة المنورة

صورة الخبر

حصل الباحث علي عفيفي علي غازي على درجة الدكتوراه في الآداب قسم التاريخ، شعبة التاريخ الحديث والمعاصر، بكلية الآداب جامعة دمنهور، بتقدير مرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطبع الرسالة على نفقة الجامعة وتبادلها بين الجامعات، في الرسالة المقدمة منه، وموضوعها «رؤية الرحالة لقيم وعادات عشائر العراق 1800-1958»، وتكونت لجنة الحكم على الرسالة من الأستاذ الدكتور جمال محمود حجر أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة الإسكندرية مشرفًا ورئيسًا، والأستاذ الدكتور عاصم محروس أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر كلية التربية جامعة دمنهور مناقشًا، والأستاذ الدكتور وجيه عبد الصادق عتيق أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر كلية الآداب جامعة القاهرة مشرفًا، والأستاذ الدكتور محمد عبد الحميد الحناوي أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة أسيوط مناقشًا، والأستاذ الدكتور محمد رفعت الإمام أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر بكلية الآداب جامعة دمنهور مشرفًا. أوضح الباحث أسباب تحديد الفترة الزمنية خلال القرنين التاسع عشر والعشرين إلى تزايد اهتمام الرحالة بالعراق في أعقاب احتلال فرنسا مصر عام 1798، فزار العراق في عام 1800 ثلاث رحالة (بوشان، روسو، أوليفيه)، ثم توالى الرحالة عليه، وتنتهي الفترة محل الدراسة بالقضاء على الملكية في العراق وإعلان الجمهورية على إثر ثورة 14 تموز (يوليو) 1958، حيث خبا نجم أدب الرحلات لمصلحة رحالة آخرون يعملون في مجال الصحافة؛ في ما بات يُسمى «استطلاعات صحافية». أما أهم الأسباب التي حفزت الباحث لاختيار الموضوع، فتتمثل في أن حياة العشيرة العربية تتضمن كل تراثنا الفكري الجمعي العربي التليد الأصيل، وأن هذا التراث بصفته «الجمعية» يؤكد وحدة الكيان العربي في أهم جانب من حياة الأمم: «جانب الفكر والثقافة»، وهو مجال تركه الباحثون العرب لأصحاب الأقلام غير العربية، يعبثون كما شاءت لهم أهواؤهم ونزعاتهم بتقديم صورة مشوهة عن تراثنا الحضاري المتمثل في هذا المجال من أصل حياتنا في كل بلد عربي على السواء. وكان إيمان الباحث بوحدة الأمة العربية أصلاً وتراثًا، وعقيدته في المستقبل الذي يجب أن نجعل هدف «الوحدة» غايتنا لتمكين منعتنا وقوتنا، ثم أشار إلى أن أحدنا لا يعرف الآخر، في البلد الشقيق معرفة سليمة واضحة، أصول الحياة الاجتماعية، وأوجه الشبه، والاختلاف لم تزل مبهمة، وبما أنه تتجمع في حياة القبيلة كل أوجه التشابه، ويوجد الخيط الأقوى الذي يشدّ المجتمع العربي بعضه إلى بعض شدًا، فإنه يجب ألا ننسى أن كل قطر من البلاد العربية تعرّض لعوامل تاريخية وحضارية أثرت في عاداته وتقاليده، بالإضافة إلى أن نفس الأعراق العربية القديمة تتباين قدرتها في توجيه الحياة الاجتماعية، ومن هنا يبدأ الخلاف، ومن هذه النقطة تنحجب الرؤية، وإذا كانت الأصول البدوية لم تزل آثارها القديمة في الفكر العربي تعمل بالعراق، فالأمر ليس كذلك في بلاد أخرى. إننا في أشد الحاجة إلى تعميق الإدراك لمواجهة التفكير في شتى نواحي الحياة في كل بلاد العروبة، ولهذا رأيته واجبًا قوميًا أن أشارك ببحثي هذا في التعريف بجانب أصيل في مجتمع العراق، ولن نستطيع تفهّم مجتمع العراق، إلا إذا كانت نقطة البداية فهم مجتمع العشائر: قيمه وتراثه. تكتسب الدراسة أهميتها من خلال رصدها تاريخ الظواهر الاجتماعية لفهم وضعها الراهن وعوامل تطورها، ما يُعطي للدراسات الاجتماعية والبيئية الحالية إمكانية المقارنة وفهم آلية تطور الظواهر. ومعرفة الوضع الذي كانت عليه البيئة الاجتماعية العراقية التي شوهدت ووثق الرحالة تواجدها، لتمكيننا من تحديد التطورات التي طرأت عليها. ورصد القيم والعادات والتقاليد وبالتالي الوضع الأنثروبولوجي للفترة الزمنية التي وثقها الرحالة. وتُشكل هذه الكتابات والمعارف والمعطيات مكونًا مهمًا من تاريخ العراق الثقافي والاجتماعي والعمراني، وتبرز مسيرة تطوره الحضاري. وترصد أنماط الإنتاج، ومختلف النشاطات السكانية في تلك الفترة، ما يُشكِّل قاعدة معلومات مهمة للدراسات التي تتناول مختلف جوانب الحياة في العراق. ومحاولتها رسم لوحة متكاملة عن البيئة الطبيعية، والحياة الاجتماعية والثقافية، ومختلف النشاطات السكانية من خلال ملاحظات الرحالة جوانب الحياة التي رصدوها في رحلاتهم. تهدف الدراسة إلى رصد الواقع السكاني من حيث أنماط الإنتاج والعادات والتقاليد في العراق خلال الفترات التي وثق فيها الرحالة مشاهداتهم وملاحظاتهم. وتقصي الوضع الاجتماعي والاقتصادي للسكان في العراق من خلال ملاحظات الرحالة في الفترة محل الدراسة. وتوفير إمكانية المقارنة بين واقع التطور الحضاري والثقافي والاجتماعي الذي حققه العراق، وبين ما رصده الرحالة، والواقع الحالي. ويقتصر دور الباحث في الدراسة على الرحالة الذين زاروا العراق ووثقوا ملاحظاتهم، من العرب والأجانب، وما وثّقه هؤلاء الرحالة من جوانب العراق الاقتصادية، وأهم النشاطات السكانية، والأسواق والجانب الاجتماعي وما يتضمنه من عادات وتقاليد وقيم وجوانب ثقافية تميز السكان من أزياء وثقافات فرعية لسكان البادية وكذلك الجوانب الأخرى التي لاحظها الرحالة في العراق. وقسمت الدراسة إلى مقدمة وتمهيد وثمانية فصول وخاتمة. تناول الباحث في التمهيد ماهية العراق وتطوره التاريخي حتى ثورة تموز (يوليو) 1958، العشيرة والقبيلة وتفريعاتهما، العادات والتقاليد والقيم، رؤية الرحالة وقيمتها، الرحلة والرحالة وفوائد الارتحال، الرحالة عبر العصور، الرحالة والشرق والعراق، دوافع وأهداف الرحالة، أهمية كتابات الرحالة، كتابات الرحالة مصدر تاريخي، النقد التاريخي لكتابات الرحالة، أهم الرحالة الذين زاروا العراق. ورصد الفصل الأول: المجتمع العشائري، الذي يضم الشيوخ، والرجال، والنساء، والعبيد، والشباب، والبنات. أما الفصل الثاني: الأسرة العشائرية فقد عالج مراحل تكوّن الأسرة البدوية منذ التفكير فيها، حتى انهيارها، فتناول الحب، والزواج، والأمومة، والأطفال، والختان، والطلاق، والموت. وأوضح الفصل الثالث: الملبس والمسكن العشائري، فبدأ أولاً بالملبس العشائري للرجل، ثم للمرأة، وتناول الحذاء، والزينة والحلي، واختتم بالوشم باعتباره من زينة المرأة البدوية. ثم انتقل لتناول أنواع المسكن العشائري، من البيوت، والخيام، وبيوت الشعر، وبيوت أخرى. وتناول مكونات البيت العشائري من الداخل، وأدوات المطبخ، ثم الوقود، والحيوانات، ونظرًا لارتباط الوسم والذبح بالحيوانات كأداة لتمييزها، فقد تناولهما الفصل بالبحث والدراسة. واستعرض الفصل الرابع: الحياة اليومية العشائرية من خلال النوم، والمأكل، والمشرب، والمجلس، والقهوة، والشاي، والتدخين. وجاء الفصل الخامس ليتناول الترحال العشائري، فتحدث عن أنواع المخيمات البدوية، ثم الجمل، والحصان، والهودج كأدوات الترحال في البيداء. وتناول الفصل السادس: الحياة الاجتماعية العشائرية، فكان الثأر، والحماية والأخوة، والبطالة والكسل، وانتقال الأخبار، والصداقة، والتحية البدوية، والوداع. واستكمل الفصل السابع: الحياة الاقتصادية العشائرية، فتحدث عن الملكية العشائرية، ثم المهن التي مارسها الرجل العشائري بداية بالرعي، ثم التجارة، والزراعة، وأخيرًا مهن يحتقرها البدو، وكذلك تناول السرقة والنهب والغزو، والصيد والفروسية باعتبارهم من مصادر دخل البدوي. وأخيرًا جاء الفصل الثامن: ليتناول القيم المعنوية العشائرية: الضيافة، النظافة، الحياء، العصبية، السب، اللطف، الشجاعة، النبل، احترام المرأة، الشهامة، السخاء، التواضع، المساواة، التسامح، الوفاء، الإخلاص، الصدق والكذب، الحرية، الصبر، الأمانة، الأنفة والاعتزاز، الفراسة، الفخر، القناعة. تمخضت الدراسة عن نتائج مهمة في دراسة قيم وعادات عشائر العراق (1800-1958) خلال تلك المرحلة المؤثرة المهمة في تاريخ العلاقات بين الشرق والغرب بصفة عامة، ومن الممكن أن نرصد أهمية أولئك الرحالة الأوروبيين، وذلك على كل الصعد والمستويات السياسية والحربية والاقتصادية والدينية والعقائدية وحتى الطبية العلاجية. حيث أفادت مؤلفات الرحالة في العراق وعلى مدى القرنين التاسع عشر والعشرين، في تقديم صورة جلية للطبوغرافية التاريخية للعراق حينذاك. ومزجت بين الجغرافيا والتاريخ في تناسق حيوي ومهم، ومن المهم الإدراك أن كتابة تاريخ العراق بعامة، والاجتماعي بخاصة، من دون الاعتماد على تلك الكتابات يعد عملاً ناقصًا. وألقت مؤلفات الرحالة الأضواء الكاشفة على أوضاع العشائر العراقية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والعقائدية، وظهر حرصهم الواضح على إيراد العديد من الجوانب السكانية، على نحو أوضح إدراكهم أهميتها. وكشف الرحالة، الذين قدموا إلى العراق عمّا يُمكن وصفه بالمواجهة الحضارية بين الجانبين الشرقي المسلم والغربي الصليبي. ووفرت رؤية أولئك الرحالة في ربوع العراق، صورة مهمة لدى الباحثين المحدثين عن خريطة العراق العشائرية، العرقية والمذهبية، بالإضافة إلى حجم المواجهة السنية الشيعية. وقدمت إشارات الرحالة الذين زاروا العراق، شهادة معاصرة عن العلاقات التجارية، والصراعات والنزاعات القبلية، والأعراف والعادات والتقاليد الموروثة، والنظم والقوانين والقضاء البدوي لدى العشائر العراقية عربيّها وكردها. ساعدت كتابات الرحالة في رسم صورة للمجتمع العشائري، وأكدت أهمية دور الشيوخ فيه، ورسمت صورة للمرأة والرجل، ولم تغفل إلقاء الضوء على دور العبيد كثروة اقتصادية، وكفئة اجتماعية، وأشارت إلى دور الشباب والبنات في الحياة البدوية في الصحراء، وملبس ومسكن البدو وأدوات الزينة والحلي، والوشم، وأدوات المطبخ البدوي. كما ساعدت في رسم صورة الأسرة العشائرية، بداية من الحب والزوج، وزواج الخطف، ولم تغفل الأمومة والطفولة، وبعض العادات المرتبطة بالأسرة كالعقيقة والختان والطلاق والموت، في دلالة على عمق الرحالة وحبهم للحياة البدوية. وكيف تسير أمور الحياة اليومية في مضاربهم؟ ولم تغفل توضيح كيف يُمارسون الترحال، ووسائل التنقل ما بين الإبل والخيل والهودج، وأنواع المخيمات العشائرية، ثم صور للحياة الاجتماعية العشائرية من الثأر والحماية والأخوة والصداقة والتحية والوداع، كما ساهمت في توضيح الملكية العشائرية والمهن التي يمارسها البدو، والتي يحتقرونها، وأوضحت دور السرقة والسلب والنهب والغزو والصيد والفروسية كمهن اجتماعية، وكمصدر ثروة اقتصادية، وأخيرًا رصدت القيم المعنوية العشائرية أوضحت الدراسة أن العرف القبلي أقوى سلطانًا في توجيه المسؤولية لدى العشائر العراقية، ومن ثم الجزاء في العشيرة العراقية من كل قاعدة دينية. وتحجب القاعدة العرفية القاعدة الشرعية بقدر ما تُخالفها، وعلى هذا تشابهت قواعد المسؤولية والجزاء عند العشائر العربية جميعًا في مصادرها وأحكامها الأساسية، وإن اختلفت في تفاصيل التنفيذ. وأن السواني، أو سنن العشائر، تحقق حاجات العشائر الأساسية، فحماية العرض والعصبية، تُشبع حاجة حيوية اجتماعية في نقاء دم الجماعة والحفاظ على كيانها. وحق الضيافة الكصير والدخالة والالتجاء والوجه تتجه كلها إلى تأكيد تأمين اقتصادي لكل من تعوزه الحاجة إلى معونة تفرضها الجماعة على نفسها. وأوصى الباحث بإنشاء مركز دراسات تاريخية يعنى بترجمة ونشر ما كتبه الرحالة عن الشرق العربي بعامة، والعراق بخاصة، وكذلك تحقيق المخطوطات التي تتحدث عن العراق والتاريخ العربي والإسلامي. وضرورة تنظيم المراكز البحثية في العالم العربي سلسلة ندوات ومؤتمرات تتناول إمكانية استخدام كتابات الرحالة كمصدر يخدم المجال البحثي لكل مركز سواء كان جغرافياً أو تاريخياً أو اقتصادياً أو اجتماعياً، أو غيره. والعمل مع مؤسسات فنية متخصصة على إنتاج مسلسلات تلفزيونيه أو أفلام سينمائية تصور رحلات أهم الرحالة الذين مروا بالشرق بعامة، والعراق بخاصة. ويؤكد الباحث أهمية تدريس مادة أدب الرحلات في كل كليات الآداب والدراسات الإنسانية بمختلف الجامعات العربية. ويوصي الباحث بالعمل على إعداد قاعدة معلومات عن أدب الرحلات وعن أعمال الرحالة الذين زاروا الجزيرة العربية والخليج ونشرها في كتاب توثيقي. عشائر العراق