كشف السفير الأميركي في تل أبيب، دان شبيرو، أمس، عن تداول واشنطن اقتراحات عدة لاستئناف المحادثات السلمية. ولم يستبعد عملها على استصدار قرار دولي في هذا الاتجاه. جاء ذلك في أعقاب تسريب الأميركيين معلومات، عن غضب شديد في البيت الأبيض على سياسة الاستيطان الإسرائيلية، وعلى القيادتين الإسرائيلية والفلسطينية، اللتين «تضعان العراقيل أمام مسيرة السلام». وكانت مصادر أميركية، ذكرت أن وزير الخارجية، جون كيري، وجه انتقادات شديدة اللهجة إلى سياسة إسرائيل إزاء الفلسطينيين، وذلك في الجلسة الأولى المغلقة للدول المانحة للسلطة الفلسطينية، التي عقدت يوم الاثنين الماضي في نيويورك. وقالت المصادر نقلا عن جهات شاركت في الجلسة، إن كيري بدا غاضبا وأكثر من رفع صوته. وأنه وصرح بأن «إسرائيل والفلسطينيين يتحركون باتجاه واقع الدولة الواحدة والحرب. وإذا كان المجتمع الدولي معنيا بصدد هذا التوجه، علينا عمل شيء الآن، أو بكل بساطة كم الأفواه». وقال دبلوماسيون غربيون، بأن كيري انتقد، أيضا، الفلسطينيين على خلفية ازدياد عدد العمليات، والتحريض ضد إسرائيل. لكنه ركز حديثه على البناء في المستوطنات وسياسة الحكومة في القدس عامة. وتساءل: «كيف يمكن لزيادة عدد المستوطنين أن يظهر كمحاولة لدفع إقامة دولة فلسطينية؟» واتهم إسرائيل بخرق وعودها بشأن تسهيل حياة الفلسطينيين في الضفة الغربية. وقال بغضب: «قالوا لي بأن جسر اللنبي سيبقى مفتوحا 24 ساعة وطوال أيام الأسبوع، لكن هذا لم يحدث أبدا. قالوا لي بأن اتفاق الاتصالات الخليوية بين إسرائيل والفلسطينيين، الذي جرى توقيعه قبل سنة، سيدخل حيز التنفيذ خلال أشهر، لكنه لم يطبق بحذافيره حتى اليوم». وقال الدبلوماسيون الغربيون، بأن تصريحات كيري عكست يأسه من إسرائيل والفلسطينيين، إلى جانب الفهم الذي يتبلور لديه، ولدى مسؤولي الإدارة، بضرورة فحص إمكانية القيام بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدفع قرار في مجلس الأمن الدولي أو في منتدى دولي آخر، في الموضوع الإسرائيلي - الفلسطيني، والحفاظ على تطبيق حل الدولتين في المستقبل. إلى ذلك، قال السفير الأميركي لدى إسرائيل، دان شبيرو، في تصريحات إذاعية في تل أبيب، بأن الإدارة الأميركية تفحص إمكانيات عدة، من بينها دفع قرار في الموضوع الإسرائيلي – الفلسطيني، لكنه لم يجر اتخاذ قرار بعد. وتطرق رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، إلى الموضوع، خلال لقاءاته التي بثتها قنوات التلفزيون، مساء أول من أمس، وقال: «حتى اليوم لم يفعل (أوباما) هذا الأمر. الفيتو الوحيد الذي فرضه، كان على قرار ضد إسرائيل في مجلس الأمن. أتوقع وآمل أن تواصل الولايات المتحدة سياستها هذه». وكان نتنياهو قد اجتمع بكيري يوم الجمعة وناقش معه الموضوع الفلسطيني، وجرت الجلسة التي جرى تنظيمها على عجل ومن دون تخطيط مسبق، بعد ساعة من اجتماع وزراء خارجية الرباعي الدولي، في مبنى الأمم المتحدة في نيويورك. وشارك في اللقاء وزيرا خارجية مصر وفرنسا. وفي ختام الجلسة شجب وزراء الرباعي الدولي تسريع البناء في المستوطنات، وهدم بيوت الفلسطينيين، وتشريع البؤر الاستيطانية خلال الأشهر الأخيرة. وجاء في بيان الرباعي الدولي، أن «كل هذه الأمور تسحق بشكل متواصل، القدرة على تطبيق حل الدولتين. هناك حاجة ملحة إلى اتخاذ خطوات تغير التوجه الحالي، من أجل منع تولد واقع الدولة الواحدة والاحتلال والصراع الأبديين». وأكد كيري، خلال اجتماع الدول المانحة، أنه بعد قرابة أربع سنوات من المحادثات مع نتنياهو وعباس، استنتج بأن ما يقومان به من عمل – وما يرفضان عمله خاصة – يعمق الجمود السياسي. وقال: «كل عمل عنيف وكل إعلان عن مستوطنة جديدة يقربان من حل الدولة الواحدة. هذا ليس حلا بتاتا، وإنما دعوة لصراع أبدي، وكما قال شيمعون بيريس في الماضي، إلى حرب. لا ترتبكوا، أعتقد أن هذا هو الخطر الذي يواجهنا إذا واصلنا التوجه الحالي». وقال كيري بأنه منذ نشر تقرير الرباعي الدولي في يوليو (تموز)، والذي شمل تحذيرا حادا بشأن الاتجاه الذي يمضي الإسرائيليون والفلسطينيون نحوه، فإن ما حدث هو ارتفاع نسبة العنف واستمرار التحريض الفلسطيني، ومن الجهة الأخرى جرى نشر بيانات حول بناء 2400 وحدة إسكان جديدة في المستوطنات، وطرأ ارتفاع دراماتيكي في هدم بيوت الفلسطينيين بأيدي إسرائيل. وعرض كيري معطيات تشير إلى أنه منذ دخول أوباما إلى البيت الأبيض في 2008 وحتى اليوم، أي في عهد نتنياهو، ازداد عدد المستوطنين في الضفة الغربية والقدس الشرقية بـ95 ألف نسمة، من بينهم 15 ألف مستوطن خلال السنة الأخيرة. وأوضح: «لا يمكن استمرار الوضع القائم، إما أن نقف وراء هذه المقولة ونفعل شيئا في الموضوع، أو بكل بساطة أن نكمم أفواهنا». ولدى تطرقه إلى اللفتات الإسرائيلية إزاء الفلسطينيين، قال كيري: «إذا أردنا أن نتصرف بجدية إزاء حل الدولتين، يجب عمل أكثر من التحسينات لمرة واحدة. يجب تغيير كل الدينامية على الأرض، والتحرك باتجاه تسليم المسؤوليات المدنية بشكل أكبر للفلسطينيين في المناطق (C) في الضفة الغربية، كما تم الاتفاق سابقا». ولخص كيري خطابه قائلا: إن الإسرائيليين والفلسطينيين يتواجدون على مفترق طرق. «إما أن نغير التوجه ونقوم بخطوات جديدة نحو حل الدولتين، أو أن التوقيت الحالي سيحملنا بعيدا نحو واقع الدولة الواحدة غير القابل للتحول، والذي لا يريده أحد ولا يفكر أحد حقا بأنه يمكن أن ينجح». وواصل محذرا: «آثار مثل هذا الوضع ستكون أوسع من الضرر الفوري والهدم الذي سيحدث. ما يحدث الآن يدمر الأمل ويعزز المتطرفين».