طالبت موسكو الولايات المتحدة بإعادة راويل مينغازوف، آخر المعتقلين الروس في غوانتانامو إلى روسيا. وقال قسطنطين دولغوف، مفوض الخارجية الروسي لحقوق الإنسان، في حديث لوكالة «إنترفاكس» الروسية، إن موسكو طالبت واشنطن أكثر من مرة بإعادة مينغازوف إليها، الذي اعتقل في باكستان عام 2002، حيث كان يتلقى، كما يزعم الطرف الأميركي، تدريبًا في معسكر للمتطرفين. ورفض مينغازوف بدوره هذه التهمة قطعيًا. وأشار مفوض حقوق الإنسان إلى أن «الجانب الأميركي كما هو معروف أصبح جاهزًا للإفراج عن مينغازوف بعد 12 عامًا من سجنه»، موضحًا أن «الأميركيين لا يستطيعون توجيه تهمة رسمية له، واعترفوا في نهاية المطاف بأمر واضح، وهو أن مينغازوف لا يشكل الآن خطرًا عليهم». وشدد دولغوف على أن موسكو لا تزال تنطلق من الضرورة الملحة منذ وقت طويل المتمثلة بوجوب قيام الإدارة الأميركية بإغلاق سجن غوانتانامو، معربًا، في الوقت نفسه، عن شكوك بلاده في قدرة واشنطن على حل «هذه القضية المشينة» بالنسبة للنظام الديمقراطي والقانوني في الولايات المتحدة. وكانت الولايات المتحدة قد أكدت نهاية شهر يوليو (تموز) نيتها إطلاق سراح راويل مينغازوف، آخر سجين روسي من معتقلي غوانتانامو، أمضى هناك 14 عامًا دون أن توجه له خلالها أي اتهامات رسمية. حينها أشار البنتاغون إلى أن مينغازوف لا يرغب بالعودة إلى روسيا؛ خشية من التعرض لملاحقة قضائية. وكانت القوات الأميركية قد اعتقلت مينغاوزف في باكستان عام 2002، بتهمة المشاركة في العمليات القتالية في أفغانستان، إلى جانب طالبان، فضلاً عن أن السلطات الأميركية كانت تشك في ارتباط مينغازوف بتنظيم القاعدة الإرهابي. ويبدو أن أيًا من الشكوك الأميركية بحق المواطن الروسي لم تجد أدلة تثبتها، وهو ما يبرر عدم توجيه اتهامات رسمية له، ويثير في الوقت ذاته تساؤلات حول الأسباب والخلفية القانونية التي انطلقت منها الولايات المتحدة في إبقائه في غوانتانامو طيلة أربعة عشر عامًا. ولم يكن مينغازوف وحده السجين الروسي في معتقل غوانتانامو وإنما هو الأخير الذي لم يطلق سراحه من أصل ثمانية مواطنين روس كانوا في ذلك المعتقل، وقامت السلطات الأميركية بتسليم سبعة منهم إلى السلطات الروسية عام 2004، وهم: «شاميل حجييف وراويل عماروف من جمهورية باشكيرستان العضو في الاتحاد الروسي، ورسول كودايف ورسلان أوديغييف من جمهورية قبادريا العضو في الاتحاد الروسي، وعيرات وحيدوف ورستام أخميروف من تتارستان العضو في الاتحاد الروسي، وفي رواية أخرى أخميروف من مقاطعة تشيليابنسك الروسية، ومعهم تيمور إشموراتوف من مقاطعة تيومين الروسية، أما راويل مينغازوف الذي لم يطلق سراحه بعد فهو من جمهورية تتتارستان، ويتوقع أن يطلب الانضمام إلى زوجته وأطفاله الذين يُقال أنهم حصلوا على لجوء في بريطانيا». وتم اعتقال كل هؤلاء خلال العملية العسكرية التي أطلقتها الولايات المتحدة في أفغانستان ردًا على هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001. وحسب المعلومات المتوفرة حول مصير معظم هؤلاء المواطنين الروس، المعتقلين سابقًا في غوانتانامو، فإن ثلاثة منهم يعيشون خارج روسيا، وهم التتاريان عيرات وحيدوف ورستام أحميروف، وتشير معلومات إلى أنهما موجودان في الشرق الأوسط، بينما يقيم الباشكيري شاميل حجييف في أوروبا. وكانت وسائل إعلام تركية قد ذكرت مطلع يوليو العام الحالي أن الروسي السلطات التركية اعتقلت عيرات وحيدوف ضمن حملة اعتقالات طالت ثلاثين شخصًا على خلفية التفجيرات في مطار إسطنبول. أما رسلان أوديغييف فقد قتل في مدينة نالتشيك في يونيو (حزيران) عام 2007، وذلك خلال مواجهة مسلحة مع الأمن الروسي، الذي يتهم أوديغييف بالمشاركة في هجمات شنتها مجموعات إسلامية متطرفة على مقار حكومية في نالتشيك يوم 13 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2005، خلال تلك المواجهات أصيب أوديغييف بجروح، إلا أنه تمكن من الانسحاب مع مجموعته من المدينة. أما راويل عماروف وتيمور اشموراتوف فقد عادا إلى تتارستان، حيث أخذا يمارسان عملاً تطوعيًا يركز على تقديم المساعدة للمعتقلين بتهمة المشاركة في نشاط المجموعات المصنفة في روسيا على أنها مجموعات إرهابية. وفي عام 2005 تم اعتقالهما بتهمة تنظيم التفجير الذي استهدف شبكة أنابيب الغاز في منطقة بوغولم في تتارستان، إلا أن المحكمة لم تجد ما يثبت التهم الموجهة لهما فأطلقت سراحهما، لكن عادت السلطات الروسية وأوقفتهما مجددًا عام 2006، وتم الحكم عليهما في القضية ذاتها بالسجن لفترات 11 و13 عامًا. وأخيرًا رسول كوداييف، تشير المعلومات إلى أن السلطات الروسية أوقفته عام 2005 إثر الهجمات على المؤسسات الحكومية في مدينة نالتشيك، وهو متهم بزعامة واحدة من المجموعات المسلحة التي شاركت في تلك الهجمات، ويقول محامي الدفاع إن المحكمة قد تقرر سجنه لمدة 25 عامًا بحال تم إثبات التهم الموجهة إليه. أخيرًا جدير بالذكر أن معتقل غوانتانامو يقع في القاعدة البحرية الأميركية في جنوب شرق كوبا، وقد أقامته إدارة الرئيس السابق جورج بوش الابن لاحتجاز الأجانب المتهمين بالإرهاب، بعد غزوها لأفغانستان في أعقاب هجمات سبتمبر 2001. ويشتهر هذا السجن باعتقال وتعذيب مئات الأشخاص من مختلف الجنسيات دون محاكمة، للاشتباه بضلوعهم في الإرهاب. وفي عام 2009 قرر الرئيس الأميركي باراك أوباما إغلاق المعتقل، إلا أن ذلك لم يحدث حتى الآن، لأن هذه الخطة واجهت معارضة شديدة من قبل الجمهوريين وعدد من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ، الذين يرفضون تخصيص الأموال الإضافية لنقل المعتقلين إلى سجون أخرى.