في أحد الفيديوهات الأكثر واقعية، كان الطفل يصرخ متألماً باكياً وشاكياً لوالدته سوء تصرفات الناس في رمي القمامة في الشارع، لتكون الغذاء الوحيد للحيوانات الأليفة في الشارع كالقطط أو الكلاب، وكان هذا في نظر الطفل ذي الـ 8 أعوام جريمة يجب أن يعاقبوا عليها. هذا النوع من الاهتمام هو سلوك فردي لايمكن أن يتقنه أي فرد منا إن لم يكن له جذور في نشأته أو تعلمه في المدرسة أو من المربين المحيطين بالطفل حتى يكبر. ونعني بالاهتمام هنا هو التعاطف مع الأمور من حولنا أو الآخرين المتمثلين في أشخاص نراهم ونحتك بهم يومياً. وهو الأمر الذي قد يتفوق فيه شعب دون آخر وأفراد أسرة معينة دون أخرى. والأثر الإيجابي لهذا السلوك هو إشعار الآخرين بمدى احترامك لحقوقهم. لهذا فالاهتمام شعور إنساني يعكس بيئة محترمة تؤمن بقيمة الأمور والأشخاص في الحياة ومهما بلغت من مكانة فإنها تزيد مع هذه المكانة تواضعاً ووعياً. إن تلك الشفافية في الأشخاص يمكن أن ترى أبسط الأمور ويكون لها ردات فعل مباشرة، وهو انعكاس طبيعي لأن تكون إنسانا وأكبر من مجرد كائن للعيش، وهذا مايجب أن ينشأ عليه صغارنا من خلال الرسائل الصامتة الموجهة بصورة تصرفاتنا نحن أولاً، ومن خلال المواقف الصريحة التي يصعد فيها الإرشاد بالموعظة الحسنة ليسكن في وعي الطفل فيكبر ويرى فعل الأمر الصحيح جزءا من شخصيته. صغارنا بحاجة لأن يختلطوا بالعامة في وجودنا فيتعلموا كيف يتعاملون مع الآخرين ويتصدر في إحساسهم أهمية دورهم في مساعدة الآخرين سواء بالكلمة أو التصرف. صغارنا ليسوا بحاجة للآيباد أو الهواتف التي شوهت عالمهم واحتبستهم في عزلة عن العالم حولهم. ومع الأسف ربما ترى الأطفال في دول أخرى متقدمة يحملون نفس تلك التقنيات، لكن معها سلوكيات راقية ومحترمة تجاه عالمهم، بينما تسقط لدى بعض الأسر تلك السلوكيات لاهتمامهم بأمور أقل.