كان من المفترض أن أكمل في هذا الأسبوع موضوع تداعيات السياحة لكني لم أستطع وقد استوقفتني ألماً حال صديقة أخذ طليقها أطفالها من حضنها مرة باسم المحكمة ومرة باعتباره الحاضن والولي والوصي وصاحب الكلمة الأخيرة الذي لا يجد ما يردعه عن إيذاء أو إهمال أطفاله حتى تكتمل سلسلة إجراءات غير منفذة. أمضي مع أطفالي كثيراً من قصص ليالي قبل النوم في قراءة سلسلة من القصص التي ترجمتها جرير من إنتاج أسباني Gemser، المؤلفة لتثبت حقوق الأطفال لدى الأطفال وغيرهم بطريقة تربوية ممتعة وتعبر عن واحدة من المبادئ في كل قصة، بينما تُكرر المبادئ العشرة في نهاية كل قصة. وقد تبدو كمفاهيم غريبة عن بعض الأسر لسوء حظ أطفالها. وكما نعلم في تذكر إنجازات المملكة في هذا الأسبوع الوطني، أن بلادنا وقعت على عدد من الاتفاقيات الأساسية والتي تعتبر من العلامات البارزة في مسيرة التنمية والحقوق والإصلاح. فاتفاقية حقوق الطفل، وقعتها السعودية عام 1996 وقدمت منذ ذاك أربعة تقارير عام 1998، و2004 والثالث والرابع مدمجان في 2014، أشارت فيها إلى الكثير من التقدم في مجال حقوق الطفل وهي ما تحتاج إلى عودة تفصيلية. لكن مراجعتي المبدئية هنا تخص واحدة من الجوانب التي تعترف مؤسسات الدولة بأنها ما زالت قاصرة دونها وتحاول تحسينها، ألا وهي التشريعات الخاصة بالحماية. فعلى الرغم من صدور نظام حماية الطفل في 29/7/2015 ومن ثم لائحته التنظيمية في 24/10/2015، إلا أن هناك ما يتطلب كثيرا من المراجعة على مستوى ما يحدث على الأرض. فنظام حماية الطفل ينص على أنه النظام الذي يحمي الطفل من كل أشكال الإيذاء والإهمال. وينص وفق تعريفاته للإهمال: أنه عدم توفير حاجات الطفل الأساسية أو التقصير في ذلك، وتشمل: الحاجات الجسدية، والصحية، والعاطفية، والنفسية، والتربوية، والتعليمية، والفكرية، والاجتماعية، والثقافية، والأمنية. وأن هدف النظام رقم 2: حماية الطفل من كل أشكال الإيذاء والإهمال ومظاهرهما التي قد يتعرض لها في البيئة المحيطة به (المنزل أو المدرسة أو ....) سواء وقع ذلك من شخصٍ له ولاية على الطفل أو سلطة أو مسؤولية أو له به علاقة بأي شكل كان أو من غيره. ويعد إيذاء أو إهمالاً، تعرض الطفل لأي مما يأتي: رقم 4: التسبب في انقطاعه عن التعليم. وهذه المواد والتعريفات تُشعرنا بالغبطة بأن محرري ومشرفي هذه القوانين والأنظمة قد راعوا فيها كل ما يمكن تغطيته من احتياجات، لكن الثغرات قائمة وكتب فيها الكثيرون، ولعل أضعفها العقوبات والتطبيق. فالعقوبة المقررة تُترك لتصرف القاضي وتقديره وهو ما يحتاج المزيد من الدقة لحفظ الحقوق. وكثير من الإجراءات ليست دقيقة بحيث تحفظ حقوق الطفل وتحميه من إيذاء أطراف العلاقة المعنيين بحمايته. فما هي العقوبة التي سوف يضعها القاضي على أب يمنع بناته من الذهاب للمدرسة على سبيل المثال؟ إن من أبرز المشكلات التي قد تواجهها المرأة المطلقة في هذه العجالة: أن لا يرى القاضي أن تأخر طفل عن أول أو ثاني يوم دراسة مشكلة كبيرة. أن يقدم القاضي حكماً شفهيا للأم يترتب عليه تضييع حقوق. أن لا يوثق كل ما يدور في قاعة المحكمة من أخذ ورد. أن يتجاهل القاضي أمر المساومة على حقوق النفقة والحضانة بين الطليق والأم. أن يعيد بعض القضاة تفسير الأصلح للأطفال بناء على موقفه الفكري الخاص من القضايا الخلافية لعمل المرأة أو عباءتها أو غيرها. كلمة أخيرة في #اليومالوطنيالسعودية_86: اليوم عيد للوطن بصمود جنودنا ونساء ورجال وأطفال الحدود. بدرء الخوف المقيم عندهم عنا وجعلنا ننعم بالأمان، فطوبى لجازان ونجران وأسر جنودنا.