- أ - قبل عيد الأضحى ببضعة أيام عقد الحاج صفقة مع راعي غنم، اشترى أربع عنزات، اتضح فور وصولها أن إحداها ليست تيساً صغيراً مثلما زعم الراعي. الحقيقة أنه كان قزماً. كان تيساً قزماً تكاد خصيتاه تلمسان الأرض. لا يثغو، ولا يأكل، ويعاني من هياج متقطع، ولذلك سمّيته «سميجل». في اليوم التالي أصيبت العنزة الأم بالعمى وابيضت عيناها، وحار صغيراها معها. بعد بضعة أيام مات التيس الإبن بعدما فشل في التواصل مع أمه العمياء التي لم تعترف سوى بصغيرتها المعزة البنية. منذ موت الإبن استغل «سميجل» الحظيرة الضيقة التي خصصها أبي لأضحياته، وصار يقوم بحملات تحرش دورية بالأم العمياء – والتي لم يسمح له طوله بامتطائها - وبالإبنة الضعيفة. وصرت أنا أستمتع بتصوير تحرشات «سميجل» ومقاومة المعزتين بكاميرا الموبايل، وفكرت أن أكتب بحثاً لأستاذ العلوم عن (علم نفس الحيوان المعاق)، بل وأرسلت مرات عدة مادتي الوثائقية الى قناة «ناشيونال جيوغرافيك» تحت عنوان «هياج التيوس»، غير أن فيلمي لم يذع أبداً. - ب - ألحت أختي يوماً على أبي لكي تقتني جرواً، واستجاب الرجل مشكوراً، لكننا في مرة فتحنا باب السطح حيث يعيش الكلب فوجدناه يأكل من كيس الإسمنت الأبيض، وبعد ساعة رقد في إعياء شديد. أصر أبي على أن يعالج الجرو بنفسه، وذكّرنا بأنه خريج كلية العلوم، طلب مني أن أحضر فيتامينات ومطهرات معوية من الصيدلية القريبة من البيت، ثم خلطها ووضع السائل في فم الجرو المريض. غير أنه توقف قبل أن يضخ الترياق في حلقه، وتوجه إلى صيدلية المنزل، خلط مواد عدة ببعضها بعضاً، وأضاف الخليط الجديد إلى الخليط السابق، ثم ضخ الترياق في فم الكلب، وأعلن: «أمان... الموضوع آخره ساعة». بعد ساعة ذهبت لأرى الكلب فوجدته ميتاً ومنتفخاً. - جـ - اشترى بطارية لتربية الأرانب، وقرر تحقيق الاكتفاء الذاتي للبيت، اختار الأرانب كبديل للدجاج بعد انتشار أنفلونزا الطيور، واختص زوجاً من نوع «فلاندر العملاق» بعناية خاصة، غير أن أنثى الفلاندر استغلت غفلته لبرهة وخرجت من القفص، وبدلاً من أن تهرب هاجمت أبي. حاول الهرب منها غير أن جلبابه أعاق حركته. استغلت أنثى «الفلاندر» ارتباك الحاج ودخلت في فتحة جلبابه وعضت وخربشت كل ما تطاوله أظافرها وأسنانها بينما راح هو يتقافز ويصرخ. أبي جبّر يده يومها بعد أن سقط على بسطة إسمنتية وهو يهرب، بينما انكسر عنق أنثى «الفلاندر» تحت ثقل جسم الحاج.