×
محافظة المنطقة الشرقية

«غرفة الشرقية» تطلق ألعاباً نارية

صورة الخبر

استمع عاطف الغمري تشمل المصطلحات السياسية للنخبة في الولايات المتحدة، على تعابير من بينها أن بين البيت الأبيض، ومراكز الفكر السياسي ThinkTanks باباً دواراً. وهو تشبيه يصف الباب المستخدم في الفنادق الكبرى، الذي يتجه إليه من يخرج من المكان، ويدور به الباب، ويمكن أن يعيده مرة أخرى إلى الداخل. وهذا المصطلح هو تعبير دقيق عن واقع هذه المراكز، ودورها الفاعل في صناعة قرار السياسة الخارجية، حيث إن الأعضاء المشاركين في المناقشات والبحوث المنتظمة فيها، معظمهم من صناع السياسة، فمنهم أعضاء سابقون بمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، ووزراء خارجية ودفاع سابقون، بالإضافة إلى سفراء، وبعض الأكاديميين المتخصصين في السياسة الخارجية، بمجالاتها الإقليمية. وحين يتولى رئيس جديد فهو يختار من هؤلاء طاقم حكمه الجديد، ممن يتفقون مع توجهاته. ثم يعود من كانوا معاونين للرئيس الذي انتهت مدته، إلى مواقعهم في هذه المراكز. وعلى سبيل المثال فإن ريغان عندما تولى الحكم، فقد انتقى ستين من هؤلاء للمناصب الكبرى في إدارته، منهم ثلاثون من معهد أمريكان انتربرايز وحده. فضلاً عن عشرات غيرهم من بعض المراكز المختلفة، الذين عينوا في مستويات أقل في إدارات حكومية. وحدث ذلك بنفس الطريقة في إدارات مختلف الرؤساء. ومن المعروف أن عدد مراكز الفكر السياسي التي تمارس هذا النشاط يبلغ 1200 مركز تقريباً، تنتشر في مختلف الولايات، الكثير منها في نيويورك وكاليفورنيا، وشيكاغو، وغيرها. وهذا بخلاف حوالي مئة مركز في العاصمة واشنطن وحدها. إن طبيعة النظام السياسي في الولايات المتحدة، قد سمحت للنخبة، وهي القلة المتفوقة من أصحاب الخبرة، والمعرفة، والتجارب العملية، والرؤية التحليلية المستقبلية، أن تشغل مواقع القيادة في مجتمعها، حسب تخصص كل قطاع في المجتمع، سواء في السياسة أم الاقتصاد، أم الآداب، أم العلوم، وهكذا. يتصدر هذه المراكز، معهد بروكنغز، ومجلس العلاقات الخارجية، ومؤسسة هيرتياج، ومعهد هدسون، وأمريكان انتربرايز، ومركز بيكر للسياسات العامة، ومؤسسة راند، ومعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ومعهد واشنطن للشرق الأوسط، ومركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ومعهد هوفر. والتصنيف النوعي لهذه المراكز، يوزعها على الاتجاهين الرئيسيين في الولايات المتحدة، وهما الاتجاه اليميني المحافظ، والاتجاه الليبرالي، وما يحتويه كل منهما في داخله من توجهات تميل يميناً أو يساراً. وهذه المراكز تقيم ندوات، ومؤتمرات، وورش عمل، وبحوثاً، وتصدر كتباً، ومجلات، ونشرات مختصرة، تبعث بها لصانع القرار سواء في الإدارة، أم البيت الأبيض والكونغرس، أم الإعلام، وغيره. بعض هذه المراكز يحرص على سمعته ومصداقيته، بأن تكون برامجه بعيدة عن ترديد وجهة النظر الحكومية الرسمية، وأن تكون آراؤه موضوعية، تقدم المعلومة الواقعية، مع مناقشتها وتحليلها. وكثير منها مراكز للضغط على صناعة القرار السياسي؛ لأن منها ما يرتبط بجهات خارجية، مثل معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الذي يتبنى وجهة نظر إسرائيل، ومعهد أمريكان انتربرايز الذي يضم أقطاب حركة المحافظين الجدد، وهم أكبر أنصار إسرائيل ودعاة أفكارها السياسية. كذلك المعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي، الذي تأسس عقب حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، بهدف محدد أن يقدم للرأي العام الأمريكي، وللإدارة الأمريكية، رؤية يندمج فيها الأمن القومي الإسرائيلي، بالأمن القومي الأمريكي، وكأنهما شيء واحد. وإن كان أكثرها حيادية نسبياً، مجلس العلاقات الخارجية، ومركز واشنطن للشرق الأوسط، وبروكنغز في مرحلة سابقة، قبل أن تصبح مواقفه متأرجحة في السنوات القليلة الماضية. لكن المراكز الضاغطة تلعب دوراً أكبر في التأثير في السياسة الخارجية، خاصة إذا كانت مصادر تمويلها تنفق عليها بسخاء، وتؤثر بالضرورة في برامجها. وتأتي ضخامة تأثيرها من أن مؤتمراتها وندواتها، يحضرها دائماً ممثلون عن جهات صناعة القرار، وموفدون من مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، ووزارتي الخارجية والدفاع، والمخابرات، وغيرها. وهو ما يضمن نقل الأفكار التي تطرح فيها إلى كل هذه الجهات. أختتم بملاحظة موجزة، فعندما كنت مراسلاً للأهرام في البيت الأبيض، شاركت مع مجموعة من الشخصيات الأمريكية من أصل عربي بحث إمكانية تأسيس Think Tank عربي في أمريكا، ووجدت أن المشروع أسهل مما قد يتصور البعض، سواء من حيث الإجراءات، أم التمويل، لكن الظروف لم تتح وقتها للمشروع أن يرى النور.