استهل النفط الخام تعاملات الأسبوع على أجواء إيجابية معززة لنمو الأسعار، وذلك عقب إعلان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أن أعضاء في منظمة أوبك ومنتجين من خارجها على وشك التوصل إلى اتفاق جديد يدعم الاستقرار في سوق النفط الخام، وأن الاتفاق ربما يتم الإعلان عنه الشهر الجاري خلال اجتماع المنتجين في الجزائر. كما تلقت أسعار النفط الخام دعما موازيا من تجدد الاشتباكات في ليبيا، وسط توقعات بتأثير سلبي واسع في الإنتاج والإمدادات من هذا البلد المؤثر في منظومة المعروض النفطي العالمي الذي لم يكد يتعافى نسبيا حتى سقط مرة أخرى في دوامة الصراعات السياسية والمعارك بهدف الاستحواذ على الثروات النفطية. فى المقابل، تمسكت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" - على لسان أمينها العام محمد باركيندو - بالتأكيد على أن اجتماع المنتجين في الجزائر سيكون تشاوريا، إلا أنها عادت وتلاقت مع الموقف الفنزويلي بتأكيدها أنه في حالة التوافق في اجتماع الجزائر على إجراءات جديدة لضبط السوق، فقد تتم الدعوة إلى اجتماع غير عادي لمنظمة أوبك لإقرار الاتفاقات الجديدة التي هي على الأرجح تجميد الإنتاج فقط دون خفضه. وفى هذا الإطار، قال لـ "الاقتصادية" لاديسلاف جانييك؛ مدير شركة سلوفاكيا للنفط "سلفونفط"، "إن إعلان الرئيس الفنزويلى أن الاتفاق بين المنتجين على وشك التوصل إليه كان مفاجأة جيدة للسوق، خاصة أن الفترة الماضية شهدت تراجعات حادة في الأسعار وانحسارا في الآمال بشأن نجاح جهود توافق المنتجين، ما قاد إلى خسائر سعرية كبيرة على مدى الأسابيع القليلة الماضية". وأضاف، أن "هذا الإعلان من قبل فنزويلا بالتأكيد أنه مستمد من اتصالات مكثفة سابقة وهو يمثل ثقة تامة من جانب فنزويلا في مواقف بقية المنتجين سواء في "أوبك" أو خارجها، والدليل أن رئيس الدولة أعلن هذا الأمر بنفسه ومن الواضح أنه تلقى وعودا والتزاما من جانب غالبية المنتجين بإمرار اتفاق تجميد الإنتاج"، مشيرا إلى أن الموقف الفنزويلى سيكون صعبا بعد هذا الإعلان إذا تم الإخفاق في التوصل إلى قرارات جماعية للمنتجين لدعم استقرار السوق خلال اجتماع الجزائر الأسبوع المقبل. وأشار إلى أن منظمة أوبك شهدت تعديلا أيضا في مواقفها حيث سبق أن أعلنت أن الاجتماع تشاوري فقط، وأن تجميد الإنتاج ليس أمرا اضطراريا، إنما يمثل إحدى القضايا المطروحة للنقاش، إلا أنها فاجأت السوق بالحديث عن احتمال عقد اجتماع غير عادي للمنظمة عقب اجتماع الجزائر لإقرار الخطوات الجديدة. من جانبه، قال لـ "الاقتصادية" جيسي تشاكون؛ ممثل فنزويلا في "أوبك" والمنظمات الدولية في فيينا، "إن بلاده ستظل تتعاون بقوة مع منظمة أوبك لمصلحة استقرار السوق وازدهار صناعة النفط الخام"، مشيرا إلى أن الأمين العام الجديد لـ "أوبك" محمد باركيندو يتمتع بخبرة واسعة في هذه الصناعة، وهو واثق بأنه في ظل قيادته سيتم إقرار جهود وسياسات من شأنها دعم استقرار سوق النفط. وتمنى نجاح اجتماع الجزائر المقبل خاصة في ضوء التحضيرات والاتصالات التي تمت بين كبار المنتجين وهي ما أسفرت - حسبما أعلن الرئيس الفنزويلي - عن اتفاق وشيك لدعم استقرار السوق، مؤكدا التزام فنزويلا بتقديم المساندة والدعم الكامل والدائم سواء لصناعة النفط بشكل عام أو لمنظمة أوبك بشكل خاص. من ناحيته، أوضح لـ "الاقتصادية" روبين نوبل؛ مدير شركة أوكسيرا للاستشارات المالية، أن عودة الاضطرابات السياسية في ليبيا عززت المخاوف مجددا من تراجع إمداداتها، خاصة أنها تواجه إشكاليات واسعة في تأمين المنشآت النفطية وموانئ التصدير، ما أسهم في رفع الأسعار في ضوء توقعات صعوبة التعافي في المرحلة الراهنة. وأشار إلى أن فنزويلا استفادت من قمة عدم الانحياز في تكثيف الاتصالات مع كبار المنتجين على مستوى قادة الدول، حيث أجرى الرئيس الفنزويلي مادورو على هامش القمة محادثات في الملف النفطي مع نظيريه الإيراني، حسن روحاني، والإكوادوري، رفاييل كوريا وهما من الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، وعلى الأرجح أن هذا الإعلان جاء بعد تلقي وعودا وتأكيدات إيجابية خاصة من الجانب الإيراني. من ناحية أخرى فيما يخص الأسعار، فقد ارتفعت أسعار النفط في التعاملات الآسيوية أمس، بعد أن قالت فنزويلا "إن دول "أوبك" ومنتجين للنفط من خارج "أوبك" على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن تحقيق استقرار الإنتاج، في الوقت الذي أثارت فيه اشتباكات في ليبيا قلقا من احتمال تعطل الجهود الرامية إلى استئناف صادرات النفط الخام". وارتفعت أسعار التعاقدات الآجلة لخام برنت 62 سنتا أو 1.4 في المائة إلى 46.39 دولار للبرميل في الساعة 0046 بتوقيت جرينتش، فيما ارتفعت أسعار التعاقدات الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 63 سنتا أو1.5 في المائة إلى 43.66 دولار للبرميل. كما ارتفع الخام الأمريكي بحلول الساعة 08:50 بتوقيت جرينتش، إلى مستوى 43.65 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 43.17 دولار وسجل أعلى مستوى 43.89 دولار وأدنى مستوى 43.13 دولار. وصعد خام برنت إلى مستوى 46.35 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 45.95 دولار، وسجل أعلى مستوى 46.60 دولار وأدنى مستوى 45.92 دولار. وأنهى النفط الخام الأمريكي "تسليم أكتوبر"، تعاملات يوم الجمعة منخفضا بنسبة 1.2 في المائة، مسجلا أدنى مستوى في خمسة أسابيع 42.73 دولار للبرميل، بفعل هبوط معظم السلع المسعرة بالدولار الأمريكي، إضافة إلى ارتفاع منصات الحفر والتنقيب في الولايات المتحدة، وفقدت عقود برنت "عقود نوفمبر" نسبة 0.9 في المائة وسجلت أدنى مستوى في أسبوعين 45.48 دولار للبرميل. وأعلنت شركة "بيكر هيوز" للخدمات النفطية يوم الجمعة، ارتفاع منصات الحفر في الولايات المتحدة بمقدار منصتين، في ثالث زيادة أسبوعية على التوالي، إلى إجمالي 416 منصة، وهو أعلى مستوى للمنصات منذ الأسبوع المنتهي 12 شباط (فبراير) الماضي. من جانب آخر، ارتفعت سلة خام أوبك وسجل سعرها 41.74 دولار للبرميل يوم الجمعة، مقابل 41.67 دولار للبرميل في اليوم السابق. وقال التقرير اليومي لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، أمس، "إن سعر السلة التي تضم متوسطات أسعار 14 خاما من إنتاج الدول الأعضاء في المنظمة حقق أول ارتفاع طفيف عقب سلسلة انخفاضات حادة على مدار الأسبوع الماضي، وإن السلة خسرت نحو ثلاثة دولارات مقارنة بنفس اليوم من الأسبوع الماضي الذي سجلت فيه 44.55 دولار للبرميل".