كنت ضمن عدد كبير ممن يستمعون إلى خطبة الجمعة الماضية في مسجد أمهات المؤمنين للشيخ ماهر مقرم وعجبت لهذا المنبر الذي كثيرا ما يتوخى أن يعيش نبض الشارع ويعايش إحساس المجتمع من خلال حراكه اليومى .. ولقد تعرض في جزئية من خطبته إلى موضوع التعصب مشخصا ذلك بأن من يمارسه إنما يركب الشطط .. إذ يتعصب إما حمية لقومه أو قبيلته أو نصرة لشعبه أو مجاملة لحزب أو طائفة أو مذهب وفي رأيه أن شر أنواع التعصب هو التعصب الرياضي والغلو في اتباع نادٍ معين والوقوف معه بأسلوب المفهوم الخاطئ للمثل (انصر أخاك ظالما أو مظلوما) .. أشعل هذه الجذوة وتطاير شررها من خلال ماجرت عليه الألسن في الأسبوع قبل الماضي الأمر الذي مجه العقلاء وأولو النهي واعتبروه تدنيا وخروجا على القاعدة وعن المألوف. خالد الفيصل طفاها في مهدها : في الثمانينات إذ كان خالد الفيصل مديرا عاما لرعاية الشباب ذهب نادي الوحدة ليلاقى فريق الهلال وفجأة اشتعلت معركة تطاير شررها ليمس الكثيرين وانبرت صحافة الوسطى (الهلال) وفي مقابل ذلك صحافة الغربية في سجال عشوائي غير مقنن وبعيدا عن الروح الرياضية ومفهوم النقد .. بل تعدت إلى المساس بأشخاص لهم مكانتهم ولهم اعتبارهم الشخصي وقيمتهم في المجتمع. عبد الله الفيصل الأب الروحي للرياضة السعودية : وأذكر جيدا من الزملاء هاشم عبده هاشم وفايز حسين وعبدالله باجبير عندما تبلغنا بدعوة المدير العام لرعاية الشباب في ذلك الوقت خالد الفيصل وقد استعرت نار العصبية وفاحت ريحتها الكريهة .. كان من رأي الزملاء أن نلجأ إلى عبد الله الفيصل للاستئناس برأيه وقد كان .. وفي قصره (رحمة الله عليه) قال يا أولادي إن خالد الفيصل رجل حكيم يدرك أن التعصب ليس من مصلحة الوطن ولا المواطنين وخاصة في مجال الرياضة .. اذهبوا على بركة الله وقابلوه وقولوا له إن من يركب موجة العنصرية وإثارتها فإنما هو كافر بدينه وبوطنه وبمليكه .. ذهبنا إلى الرياض وفي منزل خالد الفيصل طريق الملز لقينا ببشاشته المعهودة وحكمته وسعة أفقه وطرح معنا الموضوع الذي لم يأخذ سوى دقائق معدودة خرجنا بعدها إلى المطار عائدين إلى جدة وعندها انطفأت نار الفتنة واستقام الوضع ومن ذلك اليوم حتى الآن لم نعرف ما هو الأسلوب الذي اعتمده حتى أوقف كل شيء عند حده بل سادت الروح الأخوية وارتقى مفهوم النقد الرياضي إلى مستوى شرف وأمانة هذه الرسالة التي تتعامل مع جمهور المدرجات وهي مادة قابلة للاشتعال في أي لحظة .. ولم يعد الإعلام الرياضي حتى ما قبل أسبوعين وفي خروج جديد على النص اشتعلت نار التعصب التي أتمنى أن نجد من يقوم بنفس الدور لمواجهة هذه الفتنة وقتلها في مهدها. اللاعب الأجنبى كسر هذه الرتابة : ونقف وراء النقلة الجديدة .. نقلة الاحتراف لنجد أن أنديتنا تتسابق وتدفع الملايين من أجل احتواء نجوم الكرة العالمية لتعزز بهم قدرات وطاقات الأندية .. وفي المدرجات تتيه طربا وإعجابا وتهتف بصوتها العالي مشجعة لهذه الأقدام القادمة عبر الآفاق .. إننا نستنكر وبشدة أي حركة سواء كانت عشوائية ومن غير قصد أو مقصودة وإن هناك أصابع خفية تحركها من أجل إثارة الشغب ولتصيب الجسد الرياضى في مقتل. إن الوعي الرياضي السليم هو الذي يوافق مصداقية المثل القائل العقل السليم في الجسم السليم.. أتمنى على الإخوة والأبناء من الزملاء في هذه الساحة الجليلة.. ساحة الرأي أن يرتقوا إلى إدراك القيمة الحقيقية للرأي وأن يكونوا أداة بناء وتنوير لا هدم وتمزيق .. فالمصلحة العامة هي دوما الهدف وأما الفوز والهزيمة فهي تذهب وتأتي وفي النهاية تبقى سلامة الوطن وأخلاقياته والقيم العالية التي تعلمناها من وحي رب العباد ودرسناها على يد معلم البشرية الكبير محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم .. الذى قال جاء في صحيح البخاري: أن رجلين من المهاجرين والأنصار تشاجرا فقال الأنصاري يا للأنصار. وقال المهاجري يا للمهاجرين. فسمع ذاك رسول اللـه صلى الله عليه وسلم فقال: مابال دعوى جاهلية، قالوا يا رسول اللـه كسع رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار. فقال: دعوها فإنها منتنة. اللهم بلغت اللهم فاشهد ... وحسبي الله ونعم الوكيل.