أكد وزير الإعلام في جنوب السودان المتحدث الرسمي باسم الحكومة، مايكل مكواي أن الأوضاع الداخلية في بلاده، مستقرة، بعد مغادرة النائب الأول السابق للرئيس رياك مشار، أراضي الدولة، داعيا مشار الموجود حاليا في الخرطوم، إلى ألا يعود لممارسة العنف ضد بلاده وأن عليه الانتظار حتى إجراء الانتخابات في العام القادم إذا أراد أن يواصل العمل السياسي. ويخوض مشار حربا طويلة الأمد ضد نظام الرئيس سلفا كير في جنوب السودان، أسفرت عن مقتل الآلاف من الجانبين، وتشريد وتهجير عشرات الآلاف. وقال مكاي في حوار مع «الشرق الأوسط» إن الوضع الصحي لمشار لا يمكنه من مزاولة نشاطه السياسي في وقت قريب. ورفض تقرير مشروع «كفاية» الأميركي الذي نشر مؤخرًا حول الفساد في حكومة جوبا، وفي مقدمتهم الرئيس سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار، وقال إن معدي التقرير «تجار أزمات ويتكسبون منه»، مشددًا على أن حكومته لم تتسلم التقرير رسميًا قبل نشره. وقال مكواي إن ما يحدث في بلاده من حروب، مجرد سحابة صيف، «سنتعافى من هذه الجراح.. نعم لدينا حروب ولكن لم نصل لمستوى حروب سوريا، والعراق، واليمن أو ليبيا». * في الشهر الماضي احتفل جنوب السودان بمرور عام على اتفاق السلام الذي وقعته الحكومة مع زعيم المعارضة رياك مشار، ولكن كان احتفالاً على أصوات البنادق، هل تعتقدون أن لديكم سلاما حقيقيا؟ - عدم تنفيذ اتفاق السلام في جنوب السودان يرجع إلى رياك مشار نفسه، هو لا يريد السلام وفي حضوره لجوبا في أبريل (نيسان) الماضي كان يضمر لمؤامرة بالاستيلاء على السلطة بالقوة، وعندما فشل هرب إلى الحدود وترك قيادات حركته وجنوده والآن هو في الخرطوم. * لكن تعيين النائب الأول تعبان دينق في مكانه عقد الأزمة في بلادكم، أليس كذلك؟ - ليس صحيحًا، لأننا حاولنا إنقاذ الاتفاقية، والنائب الأول تعبان دينق هو رجل سلام فهو كان قائد فريق التفاوض، وكان على خلاف مع مشار أثناء التفاوض، وبعد هروب مشار تسلم تعبان دفة القيادة وهو متعاون بصورة لصيقة مع الرئيس سلفا كير، وأعتقد أننا ننفذ الاتفاقية بروح طيبة والآن نعيش في استقرار وسلام. * كثيرون يعتبرون مشار هو من صناع السلام وهو الذي وقع على الاتفاقية في أديس أبابا، إبعاده لا يخدم السلام، ما رأيك؟ - ليس صحيحًا أن مشار من صناع السلام، بل هو من صناع الحرب، ونعتقد بعد مغادرته من جنوب السودان أصبح لدينا سلام حقيقي، وإذا أنعم الله عليه بالصحة من مرضه، ندعوه إلى أن يترك العنف وألا يعرقل تنفيذ اتفاقية السلام، وإذا أراد مواصلة العمل السياسي عليه أن ينتظر إجراء الانتخابات في عام 2018. * هل تعتقد أن مشار قد انتهى دوره تمامًا، ألم يجر الرئيس سلفا كير أي اتصالات معه بعد وصوله الخرطوم؟ - أعتقد أن رياك مشار في حالة صحية معقدة جدًا، وإذا كان بصحة جيدة لماذا لا يظهر أمام الكاميرات وهو يحب ذلك؟ وسمعنا منذ مغادرته الكونغو إلى الخرطوم أن حالته الصحية غير جيدة. ولم يجر الرئيس سلفا كير أي اتصالات معه، ولكن حكومة جنوب أفريقيا أجرت اتصالات معنا لنقل مشار إلى جوهانسبرج من الخرطوم لأن الطبيب الذي يشرف عليه منذ فترة طويلة هناك، وطلبت جنوب أفريقيا من الرئيس سلفا كير السماح لها باستضافته، ولظروف إنسانية ووافق الرئيس سلفا كير وتمنى له عاجل الشفاء. * يرى كثيرون أن هذه الاتفاقية هشة وتعبر عن مصالح دول الإقليم والمجتمع الدولي أكثر من شعب جنوب السودان؟ - نعم هذا الرأي صحيح، ولذلك عندما وقع الرئيس سلفا كير على الاتفاقية قال بوضوح إن لديه تحفظات في عشرين نقطة، ولكن تمت ممارسة ضغوط رهيبة عليه من قبل المجتمع الدولي، يعني وقع تحت الضغط، عليه هذه الاتفاقية لا تخدم مصالح شعب جنوب السودان بقدر ما هي تخدم مصالح جهات إقليمية ودولية أخرى. * بلادكم تعاني من حروب بين القبائل والإثنيات، وبعد الاستقلال قبل خمس سنوات زاد الوضع سوءًا، مما جعل كثيرا من المراقبين يطلقون عليها الدولة الفاشلة أو دولة الحروب الداخلية؟ - هؤلاء الذين يطلقون الألقاب على دولة جنوب السودان لديهم شيء في نفس يعقوب، نحن مثل دول كثيرة في جميع قارات العالم، مرت بمرحلة صعبة، ما بعد الاستقلال، لماذا لا يطلق على تلك الدول فاشلة؟.. ما يحدث عندنا سحابة صيف وستمر وستعود دولة جنوب السودان مرة أخرى وتتعافى من هذه الجراح. نعم لدينا حروب ولكن لم نصل لمستوى حروب سوريا، والعراق، واليمن أو ليبيا، حتى الولايات المتحدة لديها من الحروب غير المعلنة وتسمع بقتل شباب يوميًا، لذا نحن جزء من هذا العالم ولسنا استثناء ولا نقبل أن يطلق علينا دولة حروب، ونعلم هناك من يسعون للتكسب من وراء ذلك. * ولكن أنتم تعيشون في ظروف قاسية الآن، النفط توقف تمامًا، والاقتصاد شبه منهار، ولديكم حروب مستمرة، وعزلة دولية، هذه مؤشرات الدولة الفاشلة؟ - ليس صحيحًا أن مؤشرات الدولة الفاشلة تنطبق على جنوب السودان، ووضعنا أفضل من دول كثيرة في العالم، طبعا تحسين الاقتصاد يتطلب الاستقرار، ونحن ندخل في هذه المرحلة من تحقيق الأمن والسلام والاستقرار، وعليه نحن الآن نركز على تحسين الاقتصاد. * من الواضح أنه ليس لديكم إنتاج محلي من الغذاء وتعتمدون على المنظمات الدولية. - نحن نبحث عن قروض دولية لمواجهة هذه الصعوبات الاقتصادية، ونرى أن الوضع يمكن أن يتحسن بشكل أفضل بنهاية هذا العام، وفي الواقع أن الوضع الزراعي أننا أفضل من سنوات سابقة، على الأقل في مناطق الريف.. المعاناة تنحصر في المدن. * على العكس مما تقوله هناك تقارير من منظمات مثل برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة ذكر أنكم تواجهون مجاعة إذا لم يتم تحرك سريع؟ - المنظمات الدولية دائما تعمل على تضخيم الواقع لجلب التمويل لموظفيها، نعم كما ذكرت لك سابقا المعاناة في المدن ولكن ليست بتلك الصورة. * جنوب السودان يعاني من فساد وهناك تقرير صدر مؤخرًا من مجموعة «كفاية» الأميركية التي أجرت تحقيقًا حول الفساد خلال عامي الحرب؟ - مجموعة جون برندر غاست نعرف أنها تتكسب من مثل هذه التقارير، هؤلاء يمكن أن نطلق عليهم تجار الأزمات لدول العالم الثالث، ومع ذلك فإن التقرير الذي صدر مؤخرًا لم نتسلم منه نسخة بصورة رسمية، ولذلك لم نرد عليه وسنتجاهله، ولكن إذا أرسلوا لنا نسخة بشكل مباشر عبر سفارتنا في واشنطن سندرسه للرد عليه، ولكن السؤال هو إذا أردت أن تقوم بتحقيق عليك مقابلة من تريد التحقق معهم؟.. الفساد ليس في جنوب السودان وحده، حتى الولايات المتحدة التي تعتقد أنها أفضل دولة في العالم فيها فساد بدرجة عالية جدًا تصل لمليارات الدولارات، لماذا لا يقوم غاست ومجموعة بالبحث عن الفساد في بلادهم؟ * تردد أن الحكومة يمكن أن تجري الانتخابات قبل نهاية الفترة الانتقالية التي تبقى لها أقل من عام، ما صحة ذلك؟ - إجراء الانتخابات تتوقف على مدى سرعة تنفيذ اتفاقية السلام، وإذا استطعنا الإسراع في التنفيذ قبل أجل نهاية الفترة الانتقالية يمكن الاتفاق مع بقية الأطراف لإجراء انتخابات مبكرة، ولكن إذا كان هناك بطء فإننا سننتظر نهاية الفترة الانتقالية في عام 2018 وفق نصوص الاتفاقية. * علاقات جنوب السودان مع عدد من دول الجوار يشوبها توتر دائم، هل أنتم دولة مشاكسة؟ - ليست لدينا مشاكل مع أي دولة مجاورة أو غيرها وليس من سياستنا التدخل في شؤون الآخرين، نحن لدينا ما يكفي من المشاكل، ولكن هناك دول هي التي تخلق لنا مشاكل وتتدخل في شؤوننا الداخلية، مثلاً جيراننا من الشمال (السودان) يقوم بتدريب قوات رياك مشار ويرسلهم ليخوضوا حربا ضدنا، ونعلم أن مشار الذي تستضيفه الخرطوم للعلاج ووافقنا على ذلك لكن مجموعته في السودان يتحركون ذات التحرك والحكومة هناك تعلم ذلك، ونحن ليس لدينا متمردون سودانيون في أراضينا وكل ما يقال مجرد تلفيق. وهناك دول مثل جمهورية الكونغو وهي جارة لنا، لم تبلغنا بأنها قامت بنقل مشار إلى داخل بلادها، وقد سمعنا بذلك من الإعلام، وقامت بنقله إلى الخرطوم، والآن نقلت أكثر من 300 من جنود مشار عبر بعثة الأمم المتحدة هناك أليس هذا تدخل في شؤوننا الداخلية؟.. نحذر من نقل هذه القوات إلى أي مكان آخر لأن ذلك سيمثل اعتداء علينا. على أي حال نحن اتفقنا على تحسين العلاقات مع الخرطوم والتعاون على الحدود المشتركة، ونحن لسنا في حالة حرب مع السودان وليست لدينا مشكلة في الحدود سواء جيراننا في الشمال أو الآخرين. * العلاقة مع إسرائيل التي أرسلت لكم سلاحا عبر أوغندا وفق تقارير منشورة، ما صحة ذلك؟ - هذه تقارير من مصادر غير موثوق بها، لم نتسلم أي سلاح من إسرائيل أو من أي طرف آخر، المشكلة أن بعض الدول العربية عبر السودان لديهم مشكلة مع إسرائيل نحن لسنا طرفا فيها. الوجود الإسرائيلي في أفريقيا موجود كما هو موجود عبر تبادل دبلوماسي مع عدد مقدر من الدول العربية، وتل أبيب سحبت سفيرها من جوبا مع بقاء بقية البعثة لأسباب أمنية، ولكن الأنظار تتوجه دائمًا إلينا، ولا يوجد حديث عن سفارة إسرائيل في دول أخرى تجاور السودان. * وكيف تسير علاقاتكم مع الدول العربية؟ - علاقاتنا ممتازة مع عدد كبير من الدول العربية، ونعتقد أنها مهمة، وموافقة الجامعة العربية على منحنا صفة دولة مراقب في الجامعة أمر جيد للغاية، هذا يعطينا الحق أن نكون أكثر قربًا مع الدول العربية ونتشارك معها القضايا ذات الاهتمام المشترك.