من حق النساء، كما من حق أي أحد من خلق الله، أن يصرخن إذا تعرضن لمظلمة من أب أو زوج أو أخ أو ابن أو رجل يتصدى لقضاياهن العامة الحائرة. ومن حق المجتمع أن يفزع ويجزع على أحوال هؤلاء النساء، خاصة إذا كان (الأب) ينجب بناته ثم يلقيهن في عرض الطريق، ويذهب إلى شأنه ومزاجاته الخاصة. وهذا هو بالضبط ما حدث مع عفاف وأخواتها اللواتي يبسطن قضيتهن الآن في وسائل الإعلام كلما أتيحت لهن فرصة لهذا البسط والإيضاح لمعاناتهن. بنات يولدن ويكبرن في كنف الأم الصابرة المرهقة وفي غياب كامل من الأب الذي لم يكلف خاطره أو نفسه عناء تسجيلهن في الدوائر الرسمية لكي يحملن هويتهن الوطنية ويتحركن في البلد مثل الناس. وحين يعثرن عليه يهرب ثم يجلب بقوة الشرطة ليرعى الله فيهن وفي معاناتهن التي بدأت منذ كان عمر أكبرهن خمس سنوات. ثم تبدأ رحلة بحث أخرى عن الأب المستهتر لأن الأوراق التي وقعها تحت ضغط الشرطة ناقصة ولابد من استكمالها مجددا.. وهكذا تدور الرحى تطحن هؤلاء البنات المستضعفات اللواتي لا سكن ولا وظائف ولا احترام ولا كرامة لهن.!! ومع كل هذا يأتي من يقول من جهة عليهن الصبر والاحتساب، ومن يقول، من جهة أخرى، لابد أن يثابرن لنيل حقوقهن ويرفعن الشكوى تلو الشكوى.!! وإذا اتفقنا على الصبر والاحتساب فكيف نتفق على إيوائهن فوق رصيف أو في ظل شجرة..؟ وإذا كن لا يملكن قوت يومهن، فكيف نتفق على فواتير مسافات الشكاوى ودوائرها بين صبيا والرياض؟! من يدفع ومن يتحمل هذه المصاريف الباهظة إلى أن تنتهى القضية ويغلق ملفها.؟! نحن، وهذه حقيقة يجب الاعتراف بها، إزاء مد ذكوري طاغ ومتعسف في حق الإناث. وأول الحلول أن يؤتى بالأب المستهتر ويحجز عليه وعلى أمواله إلى أن تنتهى قضية بناته معه. وإذا كان فقيرا أو معدما فالدولة مسؤولة عن كفالة قضية هؤلاء البنات إلى أن يسكن بيوتهن ويستلمن وظائفهن ومصادر أرزاقهن. أما عقاب ولي الأمر المستهتر، أيا كان نوع وحجم استهتاره، فلن أفتي فيه. أكتفي فقط بالقول إن الناس لا يردعهم عن ارتكاباتهم المتعسفة والظالمة إلا القانون: القانون الذي يأخذ على الظالم ويؤدب غيره، والقانون الذي ينصف، بدون تأخير أو مماطلة، المظلومين من أبنائه وبناته.