يمكن القول قياساً على المقولة المعروفة التي تنص على أن: "السلطة مفسدة" بأن: "الشهرة مفسدة" أيضاً، فكثير من المبدعين في شتى المجالات نعرفهم بداية تجاربهم بالتميز وتقديم الأجمل والأفضل، لكن الوضع يتغير بمجرد وصولهم للشهرة ويبدأ مستواهم في الانحدار أو التراجع لأسباب مختلفة، وهذا الأمر ينسحب على عدد من الشعراء الشعبيين الذين كانت قصائدهم قبل الوصول لمرحلة الشهرة في غاية الإبداع واستطاعت الوصول إلى قلوب المتلقين، لكن إنتاج ما بعد الشهرة يأتي متواضعاً لا يؤثر في النفوس ولا يحرّك ساكناً. أول وأبسط مظاهر تأثير الشهرة وإفسادها يمكن ملاحظته على بعض الشعراء المبدعين من الشباب الذين يغتر الواحد منهم بالضوء الممنوح له وبالإشادات التي توجه لشعره في بدايات مشواره من باب التشجيع، فيتوهم بأنه قد استطاع الإتيان "بما لم تستطعه الأوائل"، فيبدأ مرحلة الغرور والرفض لكل نقد تقويمي لقصيدته ما يؤدي لنتيجة حتمية وهي تقهقر مستواه الشعري وخروجه من دائرة الإبداع. وكما أن للشهرة نشوة ومكاسب عديدة للشاعر فإن لها ضريبة كبيرة من الممكن أن تجنيها على موهبته ومستوى قصيدته، فمع زيادة الشهرة تزداد الأعباء الشعرية على الشاعر ويصبح مطالباً بتكثيف حضوره والتواجد بشكل مستمر عبر وسائل الإعلام وفي المناسبات التي يجد نفسه مضطراً لإجابة الكثير منها من باب المجاملة أو لتحقيق مكاسب مادية، فيحضر بالقليل من القصائد القديمة المميزة وكثير من القصائد المتواضعة أو المسلوقة. إلى جانب عبء الحضور المستمر وصعوبة تناسب حجم الشعر مع حجم الحضور، يجد الشاعر المشهور نفسه في مأزق آخر يتمثل في كثرة ما يرد إليه من قصائد من زملائه الشعراء الذين تختلف أهدافهم ومطالبهم من توجيهها إليه، وهو برغم اختلاف أهداف الشعراء وتباين مستوياتهم مطالب بالرد على كل واحد منهم، وقد صرح أكثر من شاعر - أبرزهم الشاعر الكبير بدر الحويفي - عن مُعاناتهم مع كثرة القصائد التي توجّه إليهم للرد عليها، كما صرّح الشاعر المعروف سلطان الهاجري عن جانب من هذه المسألة وعبّر عن ضيقه منها بأبيات من المُناسب أن أختم بها حديثي، يقول الهاجري: يا وجودي على الراحه ويا وجد حالي ليت مالي مع الشّعار ولا نشيده هب يا هالزمان اللي غزاني لحالي كل يومٍ على الهاتف يجيني قصيده ذي معاتب حبيب وذي مشاريه غالي وذي تخفّض من السكّر وهذي تزيده