ضمن فعاليات المهرجان الوطني للثقافة والفنون والتراث التاسع والعشرين، عقدت مساء يوم الخميس الماضي ندوة حوارية عن الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وما حققته من منجزات وما يقابلها من معوقات، وكان من بين الأسئلة الموجهة للمتحدثين سؤال وجه لمعالي رئيس هيئة مكافحة الفساد حول حقيقة ما يقال من أن بعض المسؤولين في مؤسسات الدولة يقفون وراء عدم تثبيت المتعاقدين من المواطنين الذين سبق لمؤسساتهم أن تعاقدت معهم للعمل لديها، وذلك في مخالفة صريحة للأمر السامي القاضي بتثبيتهم؟ وكان رد معاليه المنشور في صحيفة عكاظ يوم السبت الماضي: «نعم، بالفعل أتتنا بلاغات في هذا الشأن ووجدنا أنها صحيحة». لكن هذا الرد من معاليه، لا يسمن ولا يغني من جوع، فالناس يريدون أن يعرفوا ماذا بعد؟ ماذا بعد أن تحققت الهيئة وثبت لديها أن هناك من لم يلتزم بتنفيذ الأمر القاضي بتثبيت المتعاقدين؟ ما الإجراء الذي اتخذته الهيئة على إثر ذلك؟ وهل هي ترى هذا الفعل يدخل في إطار الفساد الذي يجب أن يحاسب فاعله، أم يظل خارج ذلك الإطار؟ كنت أود لو أن معاليه استطرد ليوضح للناس الخطوة الثانية التي اتخذتها الهيئة تجاه هذا الحدث بعد أن تحققت من صدق وقوعه؟ خاصة أن من أدوار الهيئة التحقق من الشبهات والتهم؟ فهل عرفت أثناء التحقق لمَ لمْ تلتزم تلك المؤسسات بالأمر الصادر بتثبيت المتعاقدين؟ هل فعلت ذلك لأنها وجدت أنهم غير صالحين لأداء المهام المناطة بهم وأن المصلحة العامة تقتضي عدم تثبيتهم؟ أو أنها فعلته لكونها لا تملك ميزانية تكفي لدفع مرتباتهم بعد التثبيت على المدى الطويل، أم هي فعلته اعتباطا بلا أي مبررات؟ إن التلكؤ في تنفيذ الأمر ليس بالشيء البسيط، قد يكون مفهوما متى كانت له مبررات منطقية معقولة، أما أن يحدث بصمت كامل بلا تفسير ولا تبرير، فهذا أمر لا يمكن قبوله ولا ينبغي السكوت عنه على الاطلاق. فماذا أفادت تحققات الهيئة حول هذا الشأن؟ إن كان أولئك المواطنون المتعاقد معهم أكفاء في أداء أعمالهم يؤدونها كما يتوقع منهم، فإن من الظلم لهم عدم تثبيتهم، خاصة أن هناك أمرا يلزم مؤسساتهم بفعل ذلك. وإن كانوا غير صالحين يحتاجون إلى تدريب وتأهيل، فإن من واجب المؤسسات المتعاقدين معها أن توجههم إلى حيث يجدون التدريب والتأهيل الذي يحتاجونه، أو أن تحولهم إلى أعمال أخرى تلائمهم فتثبتهم عليها؟ فما التصرف الفعلي الذي قامت به الهيئة تجاه ارتكاب بعض المؤسسات تلك المخالفة؟ إن الاكتفاء بالقول إن الهيئة فعلا وجدت مخالفات بهذا الشأن، ثم لا شيء بعد ذلك، من شأنه أن يصيب الناس بالإحباط، فضلا عن أنه يفقدهم إيمانهم بدور الهيئة وجدواها.