بعد مرحلة «دلال» وضخ الدولارات الأميركية في جيوب باكستان والأسلحة ووصفها بدولة مواجهة (للإرهاب) طوال حوالى 15 عاماً، تتجه واشنطن نحو عدو باكستان التقليدي، الهند، وتطلب مساعدته في ارساء استقرار أفغانستان في وجه عنف طالبان الذي بلغ وتيرة غير مسبوقة. واليوم، تدعم واشنطن التعاون الديبلوماسي والأمني بين كابول ونيودلهي. وتتهم العاصمتان الهندية والأفغانية اسلام آباد بدعم المتمردين والجماعات الإرهابية والعمليات الإرهابية في البلدين الجارين. وفي مطلع زيارته الرسمية للهند في 30 آب (أغسطس)، قال وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، إن واشنطن سترعى محادثات ثلاثية مع نيودلهي وكابول الشهر المقبل. ودعا اسلام آباد الى كبح جماح الجماعات المتطرفة العاملة ضمن الأراضي الباكستانية. و»لن نفرق بين إرهابيين جيدين وإرهابيين سيئين، وهذا التمييز متعذر»، قال كيري للصحافيين حين وقف إلى جانب وزيرة الخارجية الهندية، سوشما سواراج. وزيارة كيري نيودلهي تبعت لقاء وزير الدفاع الأميركي، أشتون كارتر، نظيره الهندي مانوهر باريكار، في واشنطن في 29 آب (أغسطس). ودعا الجنرال جون نيكلسون، قائد القوات الأميركية في أفغانستان، إلى زيادة الدعم العسكري الهندي للحكومة الأفغانية في مطلع الشهر المنصرم. وزودت نيودلهي كابول بثلاث مروحيات هجومية من طراز MI-25 في 2015. «نحــــن نبني سلاح الجو الأفغاني. فهو ركـــن مـــن اركان الأمن (في افغانستان). وثمة عدد من الأطر الجوية تتألــف من بعض النماذج الروسية القديمة، وبعض النماذج الحديثـــة. نحن في حاجة إلى مزيد من المقاتلات الجوية»، اعلـن الجنرال نيكلسون في نيودلهي. وترى رئيسة تحرير صحيــــفة «هندو» اليومية في نيودلهي، سوهاسيني حيدر، ان مـــوقف واشنطن من مساعدة الجيش الهندي تغير، بعد ان كانـــــت أميركا تسعى الى ثني الهند عن تزويد افغانستان بمعدات عسكرية مخافة رد باكستاني سلبي وعنيف. وطرأ هذا التغير بعد أن قررت نيودلهي تزويد أفغانستان أربع مروحيات هجومية من طراز MI-25 العام الماضي. وسلمت الهند فعلاً ثلاثاً من هذه المروحيات وقريباً تسلم الرابعة الى كابول. وقال سفير افغانستان في الهند، ان كابول تتوقع الحصول على مزيد من المروحيات والعتاد العسكري من الهند، وأن المسألة نوقشت خلال زيارة قائد الجيش الأفغاني، الجنرال قدام شاه شميم ولقائه بنظيره الهندي، الجنرال دلبير سينغ وعدد من القيادات العليا في الجيش الهندي. وأفغانستان تملك طائرات روسية من طراز MI-17 وأخرى من طراز MI-35 التي لا يمكن استخدامها حالياً. لذا، طالبت كابول بإصلاح هذه الطائرات والمساعدة في إنشاء ورشة إصلاح طائرات في أفغانستان. ويشير المعلق محمود تقي، المقيم في فلوريدا، إلى أن الإحباط المتعاظم في اوساط موظفي الإدارة الأميركية من باكستان ودعمها المتواصل لطالبان أفغانستان هو الدافع الى تشجيع واشنطن التعاون الأمني بين أفغانستان والهند. فمستوى العلاقات الأميركية - الباكستانية تراجع، على خلاف ما كانت عليه (العلاقات هذه) قبل عامين. و«موقف الولايات المتحدة تغير إثر الهجوم على الجامعة الأميركية في كابول الشهر الجاري (أغسطس )»، يقول محمود تقي. والتزمت إسلام آباد مساعدة كابول في التحقيق في الهجوم على الجامعة الأميركية الذي اودى بحياة 13 شخصاً، بينهم سبعة طلاب ومحاضر. ودام الهجوم على الجامعة هذه عشر ساعات. ويرى المسؤولون الأفغان أن الهجوم دُبر في الأراضي الباكستانية. ولكن إسلام آباد حذرت كابول ودعتها الى منع عدوة باكستان النووية، نيودلهي، من استخدام الأراضي الأفغانية ضد باكستان. وقال الناطق باسم الخارجية الباكستانية، نفيس زكريا:» تعاون مثل هذا يجب ألا يوجه ضد باكستان». * مراسل، عن «غاندارا» (راديو فري أفغانستان) الأميركي، 30/8/2016، إعداد جمال إسماعيل