وفي نهاية المطاف لم يجد السيد الأخضر الإبراهيمي غير الاعتذار للشعب السوري عن فشل مفاوضات جنيف، ولو كان ممكنا للإبراهيمي تقديم هذا الاعتذار مع بداية المؤتمر أو حتى قبلها لتفهمه كل المتابعين في العالم للشأن السوري وليس السوريون وحدهم، وإذا كان المثل الشعبي يقول «ليالي العيد تبان من عصاريها» فإن نتيجة مؤتمر جنيف كانت واضحة من الصباح وليس العصر لأن كل شيء كان يؤكد فشلها، وبالتالي لا نعرف ماذا كان يتوقع الإبراهيمي من مؤتمر توفرت له كل أسباب الفشل. لعبة التمييع كانت واضحة منذ فترة التحضير للمؤتمر، وعدم جدية الأطراف الراعية كانت أكثر وضوحا منذ فترة طويلة. كل الدلالات التي يمكن استنتاجها من طبيعة تعاطي الدول الكبرى وفي مقدمتها الثنائي الأمريكي الروسي كانت تؤكد أن القضية السورية ستتحول إلى كارثة إنسانية كما هي الآن، وبمراجعة سريعة لسيناريو المواقف المتذبذبة تجاه كل ما حدث من تطورات متصاعدة في سوئها يتضح بجلاء أنه أريد للقضية السورية أن تسلك أسوأ مسار ممكن، وأن تصل أي محاولات لإنهائها أو على الأقل تخفيف مأساويتها إلى طريق مسدود لأن كل طرف من الأطراف يطمح لتحقيق أجندته السياسية القائمة على الأزمة، وما لم تتحقق فإنه لا بد من استمرارها، وأي قول لطرف منهم بالحرص على إيجاد الحلول هو ادعاء غير صحيح لأنه يتناقض تماما مع الأفعال. والأسوأ من ذلك هو حرص المستفيدين على عرقلة أي محاولة صادقة لإنقاذ الشعب السوري وحل القضية بشكل عادل. الرعاة الرئيسيون لمؤتمر جنيف هم الذين خذلوا الشعب السوري وتسببوا في تفاقم مأساته لأنهم من سمحوا باستمرار النظام في صلفه ووحشيته بعد أن تأكد له أنه لن يتم ردعه، وعلى هذا الأساس جاء وفده إلى مؤتمر جنيف غير مستعد لأي تنازلات أو تسويات، وأعلن موقفه هذا قبل حضوره، فأي نجاح يمكن توقعه من المؤتمر، وما الحاجة لعقده من الأساس والصورة واضحة تماما. وحتى بعد انتهاء المؤتمر بالفشل التام لم يخجل الرعاة من تكرار ذات الكلام المكرر الذي لم يتغير ولا يعني شيئا كقولهم إنهم يحملون نظام الأسد مسؤولية الفشل وأنهم يدرسون مزيدا من الخطوات تجاهه.. فهل يعتقدون أن أحدا سيصدقهم بعد الآن. عكاظ