أحمد عبد العال-غزة لا تزال آثار الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عشرة أعوام تبث الوجع في قلوب الفلسطينيين لتمتد وتهدد روابطهم الاجتماعية والأسرية، وتخلق المزيد من المعاناة والأزمات لمئات العائلات الفلسطينية في القطاع وخارجه. وتمنع ظروف الاحتلال الإسرائيلي والحصار إضافة إلى الإغلاق شبه المتواصل لمعبر رفح البري على الحدود بين غزة ومصر مئات الزوجات الفلسطينيات من الالتحاق بأزواجهن خارج القطاع، مما يهدد بتفكك هذه العائلات. الشقيقات الفلسطينيات شيماء وزينب وفاطمة نموذج لتشتت الأسر الفلسطينية في غزة، فإغلاق معبر رفح منذ منتصف العام 2013 وفتحه على فترات متباعدة لسفر الحالات الإنسانية فقط يمنعانهن من الوصول إلى أزواجهنبمصر. وتمتزج مشاعر القلق والتوتر بكامل تفاصيلها في وجوه الشقيقات الفلسطينيات بينما كن يجلسن إلى جانب حقائبهن المتراكمة أمام بوابة معبر رفح في انتظار السماح لهن بالعبور إلى جانب المصري، فربما يكون الطلاق مصيرهن هذه المرة في حال لم يتمكن من الوصول لأزواجهن في القاهرة. ومرت ثلاثة أعوام ونصف على عقد قران الشقيقات على أزواجهن في مصر دون أن يتمكن من الوصول إليهم بسبب ظروف إغلاق معبر رفح، وعدم مقدرتهن على الخروج من معبر بيت حانون-إيرز. ويقول جبر جمعة -وهو والد الشقيقات الثلاث- للجزيرة نت "عقدت قران بناتي على أقاربهن في مصر في العام 2013 لكنهن لم يستطعن الخروج لإتمام بقية مراسم الزواج بسب إغلاق المعبر، كما أن أزواجهن لا يستطيعون الوصول للقطاع للسبب ذاته". ويضيف جمعة "ناشدت جميع الجهات والمؤسسات الرسمية وغير الرسمية والشخصيات الاعتبارية للسماح بسفر بناتي للالتحاق بأزواجهن في القاهرة إلا أن كل ذلك باء بالفشل، كما أني لا أملك المال الكافي حتى أدفع لمكاتب تنسيق وتسهيل السفر عبر معبر رفح". وحاولت الشقيقات الثلاث مغادرة القطاع برفقة والديهن خلال أيام فتح معبر رفح قبل نحو شهرين إلا أنهن فشلن في ذلك باستثناء والدتهن التي تحمل الجنسية المصرية. وما زالتالأم تنتظر وصول بناتها إليها في القاهرة لتتم مراسم زواجهن، إلا أن تعذر ذلك حتى اليوم جعل الأزواج يتذمرون، مما يهدد بانتهاء علاقتهم بزوجاتهم في حال استمر مكوثهن في غزة بسبب إغلاق المعبر. ويقول والد الفتيات "إن أزواجهن ملوا الانتظار طوال أكثر من ثلاثة أعوام مضت دون جدوى، لذلك بدؤوا يفكرون بالانفصال إذا استمر الحال على ما هو عليه". آلاف الحالات الإنسانية الصعبة بحاجة للسفر تنتظر على بوابة معبر رفح(الجزيرة) 1500 زوجة الشقيقات الفلسطينيات الثلاث لسن وحدهن اللواتي يواجهن هذه المعاناة، فإغلاق معبر رفح يحول دون سفر 1500 زوجة إلى خارج القطاع، بحسب تصريح سابق نشره وكيل وزارة الداخلية في قطاع غزة كامل أبو ماضي عبر صفحته في فيسبوك. ويشير أبو ماضي إلى وجود أكثر من ثلاثة آلاف طالب، وثمانية آلاف من أصحاب الإقامات بالخارج، وخمسة آلاف مريض، بينهم حالات سرطان، إضافة إلى ستة آلاف منذوي الجنسية المصرية ينتظرون السفر عبر معبر رفح. الناطقة الإعلامية باسم مركز الإنسان للديمقراطية والحقوق أميرة شعت تقول للجزيرة نت إنه "مع ارتفاع نسبة العنوسة في القطاع بات إغلاق المعابر يحول دون خروج الفتيات الفلسطينيات لأزواجهن بدول أخرى، الأمر الذي يهددهن بالطلاق". وتضيف شعت "الحصار المتواصل منذ عشرة أعوام وإغلاق معبر رفح بشكل متواصل منذ العام 2013 يجبران فتيات في غزة على دفع ضريبة الحرمان من الوصول إلى أزواجهن وأبنائهن، الأمر الذي يشتت شمل الأسرة ويعرضها للطلاق". وتشير إلى أن عشرات الفتيات انتهى بهن المطاف إلى الطلاق بعد طول انتظار لعدم تمكنهن من مغادرة القطاع. وتؤكد أن حرمان الفلسطينيين من حقوقهم في التنقل والسفر بحرية مناف للقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتطالب الجهات الحكومية والإنسانية بتدارك خطورة الموقف في غزة، والسماح للفتيات بالخروج والتنسيق لتسهيل خروجهن ولم شمل عائلاتهن.