متابعات فجر: شكك معهد أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي في انهيار تنظيم ولاية سيناء بعد الضربات القاصمة التي تلقاها على يد القوات المصرية مؤخرا، داعيا مصر للموافقة على السماح لقوات التحالف الدولي بشن عمليات على معاقل التنظيم بسيناء وإشراك إسرائيل في هذه العمليات. جاء ذلك في دراسة للباحث الإسرائيلي يورام شفيتسر المتخصص في مجال مكافحة الإرهاب بعنوان دلالات ضعف تنظيم ولاية سيناء. إلى نص الدراسة.. تلقى تنظيم ولاية سيناء التابع لـالدولة الإسلامية، سلسلة من الضربات القاسية على يد الجيش المصري. آخرها وأبرزها قتل العشرات من كبار قادة التنظيم مطلع أغسطس من العام الجاري بغارات جوية، نُفذت كجزء من حرب مركزة على الإرهاب في مصر عامة وسيناء على وجه الخصوص. التراجع الذي حدث مؤخرا في قوة هجمات ولاية سيناء وملامحه ضد الجيش المصري، إلى جانب تراجع منظومته الدعائية والإعلامية، يمكن أن يشير إلى أضرار تراكمية لحقت بالتنظيم وانخفاض قوته. ضعف التنظيم، الذي يعد حتى الآن من بين أخطر حلفاء الدولة الإسلامية، يضعف توهجه في عيون راعيه. لكن مع ذلك، ما زال من السابق لأوانه استبعاد إمكانية، أنه كتنظيم إرهابي يعتمد جوهر قوته على استياء سكان منعزلين، يشعرون بالحرمان الاقتصادي والاجتماعي ويعيشون بعيدا عن سيطرة نظام مركزي فاعل في القاهرة، سيتحمل الهجوم المكثف ضده ويعيد لنفسه القدرة على الاستمرار وتنفيذ عمليات إرهابية دامية واستعراضية. تشكل تنظيم أنصار بيت المقدس الذي تحول فيما بعد إلى ولاية سيناء، في أواخر عام 2011 كفصيل محلي موالي للقاعدة وتطور بمرور الوقت فأصبح تنظيما لديه قدرات مذهلة على تنفيذ عمليات إرهابية ومقاومة وهجمات استعراضية معقدة وفتاكة بنماذج عمل متنوعة. خلال خمس سنوات وجوده ركز التنظيم ضرباته على الجيش المصري، تحديدا في شبه جزيرة سيناء لكن أيضا داخل مصر. تضمنت هجماته على مدى سنوات عمليات ضد أهداف الطاقة والبنية التحتية بسيناء، أضرت بتدفق الغاز بين مصر وإسرائيل والأردن وهجمات على مراكز شرطة وقيادات ومواقع عسكرية ، أدت إلى مقتل العشرات من الجنود وعناصر الشرطة المصرية. يتضح من تقارير مركز التحرير لسياسات الشرق الأوسط أنه منذ اندماج أنصار بيت المقدس مع الدولة الإسلامية وتحوله إلى ولاية سيناءفي نوفمبر 2014 قتل في عملياته نحو 800 شخص، أكثر من نصفهم من قوات الأمن. كذلك استهدف التنظيم إسرائيل. وأدى هجوم إرهابي نفذته عناصره على الطريق 12 في 2011 المؤدي إلى إيلات لمقتل 8 إسرائيليين، من بينهم 6 مواطنين، وكان مسئولا عن محاولة تفجير ناقلة جنود ممتلئة بالمواد المتفجرة في منطقة كرم أبو سالم عام 2012، وأرسل انتحاريا أحبط المصريون مؤامرته خلال عملية الجرف الصامد في 2014، كما أطلق صواريخا تجاه إيلات في 2015. بعد الانضمام لـالدولة الإسلامية أصبح التنظيم واحدا من أبرز شركائه وأخطرهم. وبلغ ذروته حتى الآن في أكتوبر 2015 عندما نجح في إسقاط طائرة ركاب مدنية روسية بواسطة قنبلة أخفاها رجاله في بطن الطائرة، التي أقلعت من مطار شرم الشيخ. أودى هذا الهجوم بحياة 224 هم جميع الركاب وطاقم الطائرة. عمل الجيش وقوات الأمن المصرية في سيناء ضد التنظيم الذي قتل الكثير من القادة والجنود، في سلسلة عمليات مركزة نفذها من وقت إلى آخر، لكن يبدو أن مصر قد حققت نجاحا كبيرا خلال الشهور الأخيرة فحسب في معركتها العسكرية الدائرة ضد التنظيم ولوحظت خسائر كبيرة في صفوفه. في هذا السياق جرى الحديث عن هجوم جوي على قواعد التنظيم في منطقة جنوب غرب العريش بشمال سيناء، أسفر عن مقتل نحو 45 من عناصر التنظيم، بينهم من وصف بأنه قائده أبو دعاء الأنصاري. رغم استمرار التنظيم الآن في تنفيذ هجمات شبه يومية على مواقع الجيش والشرطة بمنطقة العريش، والشيخ زويد ورفح، ونجاحه في التسبب بمقتل وإصابة جنود وقادة، بدا أن تراجعا قد طرأ على التعقيد الذي يميز هجماته، التي كانت في الماضي منظمة ومخطط لها جيدا، وتسببت في خسائر فادحة. نفذت تلك الهجمات بمشاركة أعداد كبيرة من المقاتلين ودمجوا العمليات الانتحارية مع إطلاق مكثف للصواريخ، بينها صواريخ مضادة للدروع متطورة من نوع كورنت، ضد مقرات عسكرية ومراكز شرطية. في المقابل فإن عمليات التنظيم باتت محدودة مؤخرا وأكثر اعتمادا على الكمائن وإطلاق النيران الخفيفة وزرع العبوات الناسفة. بدا أيضا أن العمليات المصرية الفاعلة ضد الأنفاق التي بنتها حماس على الحدود بين سيناء وقطاع غزة والتي استخدمها تنظيم ولاية سيناء كمحور مركزي لتهريب الأسلحة والنشطاء بهدف التدريب والتجهيز والمأوى والرعاية الطبيعة، قد صعبت من عمليات التنظيم. كذلك فإن الضغط السياسي المصري على قيادة حماس لقطع هذه العلاقات أتى بثماره هو الآخر: تبدي قيادة حماس مؤخرا حذرا أكثر حيال تلك العلاقات حتى وإن لم تقطعها. تواجه الدولة الإسلامية التي تتعرض لهجمة قوية من قبل التحالف الغربي العربي والتحالف الروسي الإيراني، عملية تراجع وخسارة أراضي في العراق وسوريا وليبيا، وباتت أقل قدرة على مساعدة التنظيم بسيناء وشركائه من بين التنظيمات السلفية الجهادية بغزة. تراجع نجاحات ولاية سيناء وحقيقة أنه لم ينجح في تجسيد مميزاته لـالدولة الإسلامية كعنصر رئيس ومهم في سيناء ومصر بشكل عام، أدى لتراجع رصيده لدى الدولة الإسلامية. إلى جانب ذلك، زاد ولاية سيناء في العام الماضي شدة التهديدات تجاه إسرائيل. في شهر أكتوبر 2015 ويناير 2016 ، ومؤخرا في أغسطس 2016، تعهد متحدثو التنظيم بالعمل ضد إسرائيل وأن التنظيم متمسك بوعوده بتحرير المسجد الأقصى. مع ذلك يتضح أن معظم جهود ولاية سيناء ظلت مركزة على الجيش المصري وقوات الأمن والشرطة بسيناء. في هذا الصدد تتواصل جهوده لتنفيذ عمليات إرهابية داخل المدن المصرية أيضا، لاسيما في منطقة القاهرة، والدلتا وقناة السويس. رغم التراجع الملحوظ في فاعلية عملياته خلال الشهور الماضية، من السابق لأوانه تحديد ما إن كانت مصر على وشك هزيمة ولاية سيناء والتخلص من خطره الذي ينعكس على أمن سكان سيناء ومصر برمتها. كذلك مازال على مصر التعامل مع قاعدة الدعم الشعبي للتنظيم، من خلال استثمار كبير في إقامة البني الاقتصادية بسيناء وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين بالمنطقة التي أهملت على مدى سنوات طوال- وذلك حتى تساعد هذه في كبح زمام الإرهاب داخلها. هزيمة ولاية سيناء يمكن أن تساهم بقوة في الحرب الشاملة ضد الدولة الإسلامية، وصورتها بين المسلمين. لذلك هناك أهمية كبيرة ينطوي عليها تقديم الدعم لمصر وجهودها في القضاء على الإرهاب. في هذا السياق سيكون من المطلوب، إذا ما أرادت مصر ذلك، ضم ولاية سيناء إلى أهداف هجمات التحالف الدولي الذي يشهد اليوم زخم إنجازات في الحرب على الدولة الإسلامية وحلفائها في ليبيا والعراق وسوريا. يمكن أن تشارك إسرائيل بفاعلية في هذه الجهود عن طريق إدماجها وبذلك المساهمة في الحرب الدولية على الإرهاب، وكذلك زيادة أمنها على حدودها الجنوبية قبالة سيناء وغزة أيضا. خطوات في هذه الاتجاهات يمكن أن تكون مهمة، لأنه على الرغم مما يبدو مؤخرا كعملية إضعاف تنظيم ولاية سيناء ، فليس في نية ولاية سيناء تليين جهوده ويعتزم الاستمرار وتنفيذ عمليات إرهابية، بعضها يستهدف إسرائيل.