×
محافظة المنطقة الشرقية

الإمارات بالمركز 12 عالمياً في مؤشر الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات

صورة الخبر

كشفت أدلة جديدة أن الأحفورة البشرية الشهيرة التي سمّاها العلماء "لوسي" كانت طريقة موتها بالسقوط من ارتفاع عالٍ قد يكون شجرة. الصور الطبقية المحورية أظهرت وجود إصابات بعظامها شبيهة بإصابة البشر في العصر الحديث عند السقوط من مكان مرتفع، وفق تقرير نشره موقع ، الإثنين 29 أغسطس/آب 2016. وقد وجدت الأحفورة شبه البشرية وعمرها 3.2 مليون عام في منطقة سهلية مشجرة كثيرة التعرض للفيضانات، ما يرجح أن مرقدها الأخير كان غصن شجرة. وهذا الاكتشاف يدعم رأياً يقول إن سلالتها المسماة Australopithecus afarensis (التي تترجم عن اللاتينية "القرد الجنوبي من البعيد") قد عاشت جزءاً من حياتها على الأشجار. وقد كتب العلماء الأميركيون والإثيوبيون في مجلة Nature الدورية العلمية في وصف سبب موت لوسي أنه "حادثة سقوط عمودي"، ويشيرون بالذات إلى كسر في مفصل الكتف عادة ما يُصاب به البشر عندما نحاول تلافي شدة صدمة الوقوع فنمد أذرعنا؛ كما وجد العلماء كسوراً في الكاحل وعظام الساق والحوض والأضلاع والفقرات الظهرية والذراع والفك والجمجمة. جون كابلمان من جامعة تيكساس في أوستن كان رئيس فريق الباحثين، قال: "لم نكن هنالك لنشهد الحادثة، لكن الكسور التي تعرفنا عليها متوافقة تماماً مع كل ما يرد في مجلدات أبحاث الجراحة العظمية التي تصف إصابات ضحايا السقوط من مرتفع. ففي كل يوم يتم اختبار ذلك وتأكيده في غرف الطوارئ حول العالم". ولوسي هي أحد أشهر الأحافير المكتشفة في العالم، فلدينا 40% ما تبقى من هيكلها العظمي المكتشف في منطقة أفار بإثيوبيا عام 1974؛ يبلغ طولها 1.1 متر ويعتقد أنها كانت شابة يافعة السن حينما توفيت. أما سلالتها Australopithecus afarensis فهناك إشارات إلى أنها سلالة مشت على قائمتين، وأنها فقدت أقدام أجدادها التي تشبه أقدام القرد في شكلها (أي أن للقدم قبضة قادرة على التمسك بأغصان الشجر والتدلي)، بيد أن الجزء العلوي من جسم السلالة كان مناسباً جداً للتسلق. فرصة سانحة وعظام هذه الأحفورة التي خضع هيكلها العظمي لعدة دراسات مليئة بالتصدعات مثلها مثل كل الأحافير. لكن الوسائل والأدوات الحديثة كالتصوير الطبقي المحوري عالي الجودة مكّن العلماء والباحثين من التفرقة والتمييز بين أي الصدوع والكسور كانت نتيجة إصابة، وأيها حدث بفعل عوامل الزمن عبر الألفيات التي مرّت. يقول البروفيسور كابلمان لأخبار "بي بي سي": "لقد كان للجميع علم بهذه التصدعات منذ اكتشاف الأحفورة. أنا شخصياً أمعنت النظر فيها على مر 30 عاماً وكنت أعلم بوجود هذه التصدعات". وقد كانت الفرصة المواتية لإجراء تلك الصور الماسحة خلال فترة قصيرة تجولت فيها أحفورة لوسي عبر متاحف أميركا عام 2008، حيث أجرى الصور كابلمان وزملاء له. يقول: "تمكنا من أخذ إذن من الحكومة الإثيوبية، وبعدما انتهى معرض هيوستن وأغلق، أحضرنا لوسي إلى هنا إلى جامعة تكساس بالسر لأسباب أمنية. لدينا هنا تصوير طبقي محوري عالي الجودة. فصورنا كل شيء وعملنا لـ10 أيام متواصلة بلا انقطاع نواصل الليل بالنهار دون استراحة". ويقول كابلمان إنه لولا فرصة التصوير الذهبية هذه وتوفر التقنية العالية هذه لما عرفنا أبداً بأمر إصابات لوسي. "فالتقنية تمكننا حرفياً من النظر داخل عظام وأحجار متمعدنة، فـلوسي قطعة حجر متمعدنة بالكامل". إصابة بالغة إحالة النظر بتمعن وتفصيل دقيق داخل العظام بفضل المسح التصويري أظهر أن العديد من الصدوع كانت "كسور أغصان خضراء"، أي أن العظم كان قد انحنى ثم انكسر مثلما ينكسر غصن شجرة أخضر، وهو أمر لا يحدث إلا مع العظام الجيدة الصحية الحية. إذاً لقد أصيبت لوسي بهذه الإصابات عندما كانت حية، بيد أن العظام لا يظهر عليها أي إشارات على التعافي أو التماثل للشفاء، ما يعني أن الإصابة الفظيعة قد ألمت بالشابة لحظة موتها. نظرية موتها نتيجة سقطة تتوافق مع حقيقة، وهي كسر في ضلعها الأول الصغير، فهذا الضلع صغير ومحمي جيداً، ولهذا يشرح البروفيسبور كابلمان أن هذا الضلع إن كُسر فلابد أن السبب إصابة بالغة كبرى "فبالنظر إلى كسور الأضلاع نادراً ما يصاب الضلع الأول بصدوع، لذلك يستلزم الأمر إصابة بالغة جداً في الصدر كي يتأذى ذلك الضلع". لكن لعل أكثر جزء غموضاً وجاذبية في كل هذه الأحجية المسماة لوسي هو الجزء الأعلى المهشم من أحفورة عظم عضد لوسي (أي عظم الجزء الأعلى من ذراعها). يقول كابلمان: "إن ثبتت نظريتنا فهذا يخبرنا بأن لوسي كانت في وعيها حينما بسطت ذراعيها كي تخفف من تأثير سقطتها". حتى أن الباحثين استخدموا ماسحاتهم التصويرية لطبع صور ثلاثية الأبعاد لعظم عضد لوسي ثم قاموا بالتباحث في شأنه مع أطباء جراحين عظميين، وحتى الآن الكل متفق. يقول كابلمان إنه متأكد 100% استناداً إلى اختباراته واستفساراته التي أجراها مع أطباء عظام لم يكونوا على علم بماهية الصور ثلاثية الأبعاد التي عاينوها ولمن هي، مضيفاً أنه كان قد طبع الصور بشكل مكبر كي تظهر بمظهر بشري، "وقد أجمع الكل أنها تعود لسقطة من ارتفاع عال". في الحقيقة لقد أصبحت الطباعة ثلاثية الأبعاد أمراً ممكناً لكل من تهمه لوسي، فبالتعاون والشراكة مع الحكومة الإثيوبية نشر الباحثون الملفات على الإنترنت. "لقد وافقت الحكومة الإثيوبية على نشر الملفات ثلاثية الأبعاد الخاصة بكتف لوسي الأيمن وركبتها اليسرى، وهكذا بات ممكناً لكل من له اهتمام بلوسي أن يطبعها ويقوم بتقييم الصدوع وتقييم نظريتنا بأنفسهم". أمر معقول ومقنع جداً وقد علقت على اكتشافات الصدوع البروفيسورة نانسي لوفيل، أستاذة علوم الإنسان بجامعة ألبيرتا الكندية، فقالت إن اكتشافات الصدوع مفاجئة لكنها مقنعة. فقد قالت لـ"بي بي سي": "يبدو الأمر خيالياً لكن ما من شيء يناقض تفسيرهم له، ثم إن استخدامهم التصوير الحاسوبي ذا التقنية العالية أمر مساعد. وهكذا بالنظر إلى كل قسم على حدة تبدو القطع والأجزاء كلها مقنعة تماماً". لكن الأستاذة لوفيل متشككة بمقدار الارتفاع وسرعة السقوط حسب التقديرات التي وضعها فريق أبحاث تكساس والتي بلغت 12 متراً في الارتفاع و60 كيلومتراً في الساعة لسرعة السقوط. حيث قالت لوفيل: "يموت الناس بسبب الوقوع، فهم يتزحلقون على السلالم ويلقون حتفهم من إصابات الرأس، أي أنه ليس بالضرورة أن تكون شجرة عالية جداً. لكننا أكيدون من أن المنطقة التي كانت تعيش فيها لابد كانت مشجرة آنذاك". أما البروفيسور كريس سترينغر من متحف لندن للتاريخ الطبيعي فقال إن فكرة السقوط من على شجرة متسقة مع فهمنا لظروف معيشة سلالة الـ Australopithecus afarensis "فلابد أنهم كانوا يتسلقون الأشجار أحياناً للحصول على الغذاء وللمبيت أو للحماية". وختم سترينغر قائلاً: "إن كانت لوسي مثلاً شابة صغيرة فلابد أن الأشجار كانت بالنسبة لها ملاذاً أكثر أمناً من الأرض عندما تتجول الحيوانات المفترسة في الأنحاء". - هذا الموضوع مترجم عن موقع BBC البريطاني. للاطلاع على المادة الأصلية اضغط .