×
محافظة حائل

هكذا قاد سعودي “شاحنة مشتعلة” لينقذ 50 ألف نسمة في حائل

صورة الخبر

من اللحظة الأولى التي تطأ فيها أرض هانوي، تجتاحك انفعالات شتى: أنت الآن في فيتنام بما تكتنزه الذاكرة من تاريخ هذا البلد. يسبقك إليه قلبك ومعه تحية إجلال وتقدير كبيرة لشعبه وقيادته. من اللحظة الأولى التي تطأ فيها أرض المطار، تحس بنبض المكان، بتلك الطاقة الإيجابية التي تشع من كل ما فيه... من اعتزاز أهله بتاريخهم وانتصاراتهم وزعاماتهم، من عاداتهم، من وعيهم البيئي، من مطبخهم الصحي، ومن حسّهم الجماعي. كيف لا وهو البلد الذي يعد الأسعد في آسيا. تخيّلوا نهارات تبدأ في السادسة صباحاً في الساحات العامة أو أمام بحيرة «تازا» وسط هانوي، حيث تتجمع مجموعات من النسوة من كل الأعمار يمارسن رياضة «الآيروبكس» على وقع الموسيقى المحلية والغربية، أو شبان يركضون في الشوارع بلباس الرياضة وهم يستمعون الى الموسيقى عبر هواتفهم النقالة، أو رجال يؤدون رياضة «تاي تشي» الروحية وحركاتها باسترخاء وانسيابية. فهل هناك أجمل من نهار يبدأ بالتخفف من ثقل الهموم والضغوط والقلق؟ وهل هناك أجمل من أن يتحول وسط العاصمة الى صالة رياضة واسعة في الهواء الطلق وأمام المناظر الطبيعية الخلابة؟ وهل هناك أجمل من هذا التشابك الاجتماعي بين أبناء البلد؟ ثم تخيّلوا المساءات عندما يتلطف الجو وتصبح حرارته معقولة، فتتحوّل الساحات العامة الأكبر الى تجمعات للرقص اللاتيني والفرح غير المعلّب. تصدح الموسيقى، فيتجمع أهل البلد، أقرباء وأصدقاء ومعارف وحتى غرباء، ينفضون تعب النهار بالرقص أو بتعلّمه على يد معلمين مختصين. وفي بعض الأحيان، تصبح هذه الساحات مساحة للتواصل بين السائح وأهل البلد إذا تشجع وشاركهم رقص التانغو والتشاتشا والسالسا. وإذا كان الفيتناميون يحبون الرقص، فإنهم يعشقون غناء «الكاريوكي» الذي بات ظاهرة واسعة الانتشار في هانوي. والمطبخ الفيتنامي قصة أخرى... تخيّلوا شعباً يأكل مما ينتج. مطبخ صحي في الأصل، وهو بذلك سابق لموجة الأكل الصحي التي تجتاح العالم الغربي. طعامه خال من الملح وقليل الدهون والبهارات والسكر، ويعتمد على المنتجات الطازجة من سلة ما ينتجه البلد، خصوصاً الأرز والخضراوات، وما يصطاده من ثمار البحر، وهي منتجات متوافرة دائماً في الأسواق المحلية. ويُروى كيف أن الفيتناميين نجوا من الهلاك خلال الأزمات والحروب والمجاعات من خلال الاعتماد في تغذيتهم على الأرز، مصدر الكربوهيدرات، وصلصة الأسماك المقطرة، مصدر البروتين. على أن ثمة مصادر أخرى للبروتين في أكل الفيتناميين، وبالتالي سكان هانوي، قد لا تروق إلا للمغامرين من السياح، إذ يُعرف عن أهل البلد أنهم يأكلون لحم الكلاب والقطط والفئران والضفادع والديدان وأنواعاً من الأفاعي. ولحسن الحظ، فإن وجبة الفطور لا تشمل أياً من هذه البروتينات، بل تتكون من شوربة نودلز مع الخضار أو الجمبري ولفائف الخضرة المقلية (سبرينغ رولز). فإذا كنتم من هواة الطبخ، فإن مركز هانوي للطبخ يقدم دروساً في إعداد أطباق فيتنامية من النودلز والكاري وسلطة الموز أو البابايا التي تشتهر بها البلاد. يبدأ الدرس بزيارة الى السوق لانتقاء الخضار واللحوم، ثم طبخها بإشراف طهاة، وأخيراً الاستمتاع بأكل ما أعدته أيديكم. واللافت، أن هانوي تشهد فورة في المطاعم الراقية، من بينها مطعم «لاباديان» الفرنسي الذي يقدم الأكل المحلي مع توليفات فرنسية، ويرتاده السياح وعلية القوم في البلاد ورجال الأعمال الآسيويون.   أسعد بلد آسيوي هذه هي هانوي، عاصمة فيتنام، أسعد بلد في آسيا. هي أيضاً بلد أصحاب الملايين، ففيها تصبح مليونيراً بلحظات، وتخسر ملايينك بالسرعة نفسها. ليست لذلك علاقة بالاستثمارات أو البنوك أو مضاربات البورصة، بل السر في قيمة عملة «دونغ» المحلية، إذ إن الدولار الأميركي الواحد يعادل 22270 «دونغ»، ما يعني أن امتلاك مئة دولار يجعلك من أصحاب الملايين، علماً أن معدل الدخل فيها يصل الى 400 دولار شهرياً. هانوي، إيقاع سريع وحركة هادرة تعكس انفتاحها على العالم منذ تسعينات القرن الماضي، وهي حالياً في حراك مستمر بما تجتذبه من مشاريع استثمارية واهتمام من رجال الأعمال. عصرية في شكلها العام، ومعمارها حديث ومعاصر. فيها مبان عالية وناطحات سحاب جنباً الى جنب مع مبان عمرها أكثر من ألف عام هو عمر المدينة، من بينها «معبد الأدب» الذي تحوّل الى أول جامعة في فيتنام. فيها أيضاً قلعة قديمة تعود الى القرن الحادي عشر، وصنفت ضمن قائمة «يونيسكو» للتراث العالمي. وهذا التناغم والتداخل بين القديم والحديث ما زالا قائمين في مجتمع هانوي، وهما يطمئنان قليلاً كل من يتخوف من عولمتها والانعكاسات المحتملة لذلك على ثقافة أهلها وحياتهم وعاداتهم.   طلة بانوراميّة الإطلالات على مدينة هانوي متنوعة، لعل أجملها طلة بانورامية رائعة تبرز فسيفساءها وتنظيمها والبحيرة التي تتوسطها. هكذا تبدو المدينة من أعلى برج فيها، من مبنى لوت، وهو مبنى يقصده الآلاف يومياً، خصوصاً الشبان، للاستمتاع بمنظر المدينة من الأعلى. طلة أخرى لن ينساها الزائر الذي يصل الى المدينة ليلاً، هي الإضاءة الساحرة لجسر «نيات تان» الضخم والأخاذ، وهو شاهد على العلاقة المميزة بين فيتنام واليابان التي بنته مجاناً. وفي نهاية الجسر، يمتد على مسافة كيلومتر شارع «الموزاييك» الذي تغطي جدرانه الفسيفساء برسوم من كل شكل ونوع. ولا تكتمل زيارة فيتنام من دون زيارة «مجمع هو تشي منه» حيث عاش الزعيم الفيتنامي، بطل التحرير الوطني، مدة 15 عاماً حتى عام 1969، ويضم القصر الرئاسي، وبركاً للسمك، وعرائش، وبساتين، وسيارات الزعيم، والبيت الصغير الذي اختار أن يعيش فيه. ويرتبط هذا المجمع بحادثتيْن تقولان الكثير عن الفيتناميين وزعمائهم، إذ يُروى أن القصر خُصّص للزعيم هو تشي منه للإقامة فيه، إلا أنه رفضه بإباء تماهياً مع شعبه، وفضّل الإقامة في بيت صغير في المجمع، ليتحول المبنى الرئيس الى مكان استقبال الزوار الرسميين. أما الحادثة الأخرى، فتتعلق بمبنى في المجمع مدرج ضمن قائمة المباني التاريخية، إذ تحدث الدليل السياحي بكبرياء شديد عن حنكة الفيتناميين في حمايته من القصف خلال الحرب مع أميركا عندما سرّبوا أنباء عن وجود رهائن أميركيين فيه. وللمهتمين بتاريخ فيتنام، يمكن زيارة المخابئ والاستحكامات التي أقيمت تحت الأرض في هانوي واستخدمت خلال الحرب مع أميركا، وتضم خندقاً، وغرفة قيادة الحرب، وآلات حربية مختلفة. في هانوي أيضاً فيض من المعالم السياحية، خصوصاً المعابد في هذه المدينة التي تعتنق في غالبيتها البوذية والكونفوشية، ومن أشهرها «معبد وان بيلار»، ومعبد «نغوك سون»، في حين تشتهر قراها بالحرف اليدوية التي ما زالت تنتج بطرق قديمة جداً تعود الى قرون مضت. ففي قرية فان فوك، يوجد أقدم مصنع لصناعة الحرير الطبيعي على الطريقة التقليدية. مصنع قديم وآلات بدائية... وفجأة، على أحد جدرانه، صورة للرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون مصافحاً صاحب المصنع، والى جانبها صور العديد من الزعماء المحليين والعالميين. وللمهتمين، يمكن زيارة قرى تشتهر بحرف أخرى مثل منتجات القش، والورنيش (اللاكر)، وحفر الخشب، والصدف، وفي الوقت نفسه الاستمتاع بمنظر الحقول المزروعة بالأرز في الطريق إليها. ويواصل اقتصاد هانوي نموه بثبات منذ أوائل التسعينات، ويتجلى هذا النمو في أعداد المجمعات الصناعية في المدينة. وأخيراً، أصبحت هانوي ثاني محطة لـ «طيران الإمارات» في فيتنام بعد مدينة هو تشي منه التي بدأت بخدمتها عام 2012، علماً أن الناقلة أطلقت خدمة شحن إلى هانوي عام 2013.   ظاهرة «السكوترز» تتنقل غالبية سكان هانوي بالدراجات النارية (سكوتر)، وهي ظاهرة لافتة جداً ومنتشرة على نطاق واسع، وترتبط بظاهرة أخرى هي ارتداء الأقنعة على الأنف والقفازات على الأيدي حماية لها من التلوث والشمس واكتساب السمرة. فهل تصدقون أن هناك 4,3 مليون دراجة نارية؟ وتقول الحكومة إن هذا العدد مرشح للارتفاع الى سبعة ملايين خلال عامين ليصبح مثل عدد سكانها، لذلك تدرس حظر هذه الدراجات بسبب مخاوف من ازدحام الشوارع التي تحفها الأشجار، مع ازدياد عدد السكان، وزيادة إقبال أبناء الطبقة المتوسطة على شراء السيارات بأعداد قياسية. وكان «طيران الإمارات» أطلق اعتباراً من 3 آب (أغسطس) الجاري، خدمة يومية جديدة إلى هانوي عبر يانغون على متن طائرة «بوينغ 777» بدرجاتها الثلاث، وهي خدمة ستتيح أيضاً للمسافرين من يانغون وهانوي الوصول الى المناطق المختلفة التي يصل اليها «طيران الامارات» في العالم عبر دبي.   نصائح مفيدة النصيحة التي تعطى لكل من يأتي الى هانوي هي أن يتجنب شرب الماء العادي أو استخدام الثلج، بل شرب المياه المعدنية. أما عبور الشارع فهو تجربة في حد ذاتها، إذ ينبَّه السائح في هانوي الى أن ممرات المشاة المخصصة لذلك موجودة لكن غير مستعملة، إذ يعبر المواطنون التقاطعات الكبيرة من دون الالتفات الى هذه الممرات، وذلك ضمن تفاهم ضمني بين السائق والمارة. لذا ينصح السائح بعبور الشارع فقط عندما تضيء الإشارة الحمراء، وإن كان مضطراً، فليعبر الشارع من ممرات المشاة على مهل من دون توقف أو إسراع لأن السيارات ستتجنبه وستلتف من حوله. على أن أكثر تحدٍّ يواجهه السياح هو اللغة وحفظ الأماكن أو لفظها، فهذه اللغة تعتمد على الشدّة وموسيقى الكلام ولحنه. مثلاً، تكون لكلمة واحدة سبعة معان مختلفة تبعاً للشَدّة ولحن لفظها. لذلك ينصح السائح بأن يتفاهم مع الآخرين من خلال الكتابة عندما يتعلق الأمر بكلمة فيتنامية.