القاعدة في العلاقات الخليجية ــ الخليجية الاستقرار والتوافق، والاستثناء الاختلاف والتباين، وعلى مدى عقود طوال ظلت هذه هي المعادلة في تأسيس علاقات متميزة وفريدة مقارنة بما تفعل الدول العربية بينها، والتي تصل للقطيعة وتبادل الاتهامات وقطع العلاقات، ومنذ عاصفة الحزم التي شكلت نقطة تحول لمشهد جديد في المنطقة العربية، والعلاقات السعودية الإماراتية تنمو وتتكامل بشكل لم يسبق له مثيل، لا على المستوى الرسمي فحسب بل أيضًا على المستوى الشعبي، ضمن إطار المصالح الاستراتيجية للرياض وأبوظبي وبما يعزز الاستقرار لدول الخليج والمنطقة العربية، إلا أن محاولات استهداف تقارب الرياض وأبوظبي طوال عامين تقريبًا لم تتوقف أبدًا، عبر مئات القصص المزيفة المفضوحة ومثلها من الإشاعات المدسوسة في وسائل إعلامية، وتقارير عربية وغربية تؤلف حكايات لا مكان لها من الإعراب أثبتت فشلها وعدم صدقيتها في كل مرة، ومع ذلك تتواصل وتتكرر ولا تتوقف، مما يثبت أنها مساعٍ منظمة من جهات ودول تعي تمامًا تضررها من التقارب الكبير بين العاصمتين الخليجيتين الكبيرتين. أول من أمس اختتمت في العاصمة الإماراتية أبوظبي أعمال اجتماع سعودي إماراتي مشترك تحت اسم «خلوة العزم» تم خلاله بحث 10 مسارات لتحقيق التكامل بين الجانبين عبر 10 فرق ضمت 150 مسؤولاً وخبيرًا من الجانبين، على أن يتم بحث 10 مسارات أخرى في خلوة من المقرر عقدها في الرياض في وقت لاحق، في سعي من القيادة في البلدين أن تكون العلاقات استثنائية ونموذجية وتنتقل لمستوى جديد وتكاملي. «خلوة العزم» تأتي كأول الأنشطة المنبثقة عن مجلس التنسيق السعودي الإماراتي الذي تم الإعلان عنه في مايو (أيار) 2016 في مدينة جدة، والذي شهد إعلانه العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي. هذا الاجتماع المتميز في فكرته والجديد في مضمونه والذي يشكل نقلة في العلاقات السعودية الإماراتية، خطوة جديدة وعملية تضاف في تكامل البلدين، وهو رد واقعي لكل محاولات الاستهداف للتحالف الاستراتيجي بينهما ومساعي تأليف أفلام سمجة عن «أجندات خفية» تزعزع علاقاتهما. لكن ما الذي يغضب تلك الجهات في تميز هذه العلاقات، ولماذا المحاولات الحثيثة لضرب التكامل بين البلدين، ومن تلك الجهات التي من مصلحتها تراجع العلاقات بين البلدين؟! إذا كانت السعودية والإمارات تشكلان أكبر اقتصادين عربيين وهما القوتان الأحدث تسليحًا وتشكلان نسيجًا اجتماعيًا واحدًا، ولديهما قيادتان تريدان مزيدًا من التعاون وشعبان يطمحان لمزيد من التكامل، وتتوافق رؤيتهما بشكل متطابق في كافة القضايا الإقليمية والدولية، فلا شك أن هناك من يتضرر بشكل كبير من هذا التوافق، وبالتأكيد ليس من مصلحته استمرار التحالف بينهما وفق وضعه الحالي، كما أن مصالحه تقتضي دق إسفين بين السعودية والإمارات، ولعل أهم طرفين متضررين إيران أولاً وجماعة الإخوان المسلمين ثانيًا، وإذا كانت «الجماعة» تلقت من الضربات ما جعلها تعيش على التنفس الاصطناعي وتعود للعمل السري مجددًا وليس أمامها إلا بث الإشاعات وإشاعة الفوضى وخلق حالة من التأزيم في الشارع العربي والخليجي، فإن إيران تعيش وضعًا متأزمًا من الاتفاق السعودي الإماراتي على خطورة سياساتها وكشفها أمام العالم العربي والمجتمع الدولي والوقوف أمام مشروعها المتمثل في تصدير ثورتها للمنطقة العربية، وبالتأكيد أهم الخطوات الإيرانية لتفتيت الصلابة في الموقف الخليجي من كونها دولة الشر بالمنطقة والعالم ضرب علاقات السعودية والإمارات، غني عن القول إن كل المحاولات هذه ومع تزايد وتيرتها وأكاذيبها لم تغير من الواقع شيئا، بل إن البلدين يواصلان مساعيهما لتعزيز التكامل وكأن شيئا لم يكن. قبل فترة سألت مسؤولاً إماراتيًا كبيرًا عما يقال وما يشاع عن العلاقات بين بلاده والرياض، فأجاب: لم تكن العلاقات بيننا وبين السعودية من القوة كما هي في هذه اللحظة التي أتحدث إليك فيها، أما تلك المساعي الشريرة ومحاولات الوقيعة فإن أفضل رد عليها هو مواصلة أبوظبي والرياض تعزيز علاقاتهما وتكاملهما لمصلحة مستقبل استقرار الدول الخليجية والمنطقة بصفة عامة. كلما اقتربت الرياض من أبوظبي وتوطد التكامل بينهما، زاد حجم سعير محاولات ضرب ما بينهما بأي طريقة كانت، الجيد والإيجابي أن كل تلك المساعي فشلت فشلاً ذريعًا ولم تحقق مبتغاها. فعلاً القطار السعودي الإماراتي يمضي من محطة لمحطة ولا توقفه أي محاولات عبثية.